فوز "دونالد ترمب" وتحرك مؤشرات الأسواق
أحدث فوز "دونالد ترمب" بـ277 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي بكرسي الرئاسة الأمريكية لحقبة جديدة، ردود أفعال واسعة الناطق خاصة على المستويين السياسي والاقتصادي في الداخل الأمريكي والعالم الخارجي، حيث إن هناك 538 صوتًا للمجمعات الانتخابية على مستوى الولايات المتحدة، ويفوز المرشح الذي يحصل على 270 صوتًا أو أكثر في الانتخابات الرئاسية، كما ضمن الجمهوريون الأغلبية في مجلس الشيوخ، بعد ارتفاع عدد مقاعدهم إلى 51 مقعدًا من أصل 100 مقعد، ومقابل 42 مقعدًا للحزب الديمقراطي، وفي مجلس النواب يتقدم الجمهوريون الذين ضمنوا 195 مقعدًا مقابل 167 للديمقراطيين.
وقد بدأت ردة فعل الأسواق المالية العالمية إيجابية لهذه النتائج، حيث ارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، فارتفعت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1.3%، وزاد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.3%، وأضاف مؤشر ناسداك 1.4%، كما ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 1.3%.
وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بنحو 14 نقطة أساس إلى 4.43%، وارتفعت عملة البيتكوين بنحو 7.5% إلى 74700 دولار، هذا التفاؤل الواضح وردة الفعل السريعة للأنباء الواردة بشـأن فوز الرئيس دونالد ترمب له ما يبرره رغم احتمالية تأخير الإعلان الرسمي، فقد كانت الفترة الرئاسية السابقة للرئيس ترمب ناجحة في جوانب التخفيضات الضريبية، وإلغاء القيود التنظيمية.
كما أن سياساته في التجارة أثرت على أداء السوق، فمن جانب أسواق الأسهم سجل مؤشر داو جونز الصناعي، ومؤشر ستاندرد آند بورز 500، وناسداك المركب أفضل أداء سنوي لها في عهد ترمب، وذلك منذ منذ 2013، فارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 24%، ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 19%، وناسداك بنحو 28%، ما يعكس قوة واسعة النطاق عبر المؤشرات الرئيسية، كما شهدت أسعار النفط الخام غرب تكساس الوسيط مكاسب كبيرة، حيث أنهت العام عند نحو 60 دولارًا للبرميل، وهو أعلى سعر نهاية العام منذ 2013.
هكذا هي الحال، ففوز ترمب وغلبة الجمهوريين على الكونجرس يعني أن قطاعات معينة في أسواق المال ستستفيد بشكل واضح من بينها الطاقة والصناعة، والذهب سيجد فرصة لمزيد من الارتفاع، ذلك أن الذهب -تاريخيا- يشهد أداءً إيجابياً خلال الرئاسات الجمهورية، والنفط سيحقق مكاسب أقوى، ذلك أن السياسات الجمهورية -تاريخيا- مع صناعات الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج وربما ارتفاع الأسعار بسبب انخفاض التنظيم ودعم إنتاج النفط المحلي.
وفي جانب السندات قد تشهد سندات الخزانة الأمريكية مع زيادة استقرار العائدات أو انخفاضها قليلاً، فقد تؤدي السياسات الاقتصادية التي تعزز النمو أيضاً إلى ارتفاع سعر الفائدة المحايد، ما قد يضغط على سندات الخزانة طويلة الأجل.
هذه النظرة التاريخية للأداء الاقتصادي اثناء الفترة الرئاسية السابقة للرئيس دونالد ترمب والجمهوريين عموما، جعلت الأسواق تتنبأ بمزيد من النجاح مع عودة ترمب للقيادة، خاصة أنه استخدم خلال السباق الانتخابي كل أدواته لتذكير الأسواق بتلك النجاحات والتأكيد على أن يدرك بشكل جيد مفاتيح العلاج للاقتصاد الأمريكي الذي يعاني مشكلات كبيرة في البني التحتية والدين العام الضخم، فالأسواق تتبعت التوقعات السياسية لترمب بشأن التعريفات الجمركية والتخفيضات الضريبية والحملة الصارمة على الهجرة ذات الآثار التضخمية، مع توقعات تتعلق بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر.
ومن المدهش أنه على الرغم من الحديث الصريح لترمب بشأن زيادة التعريفات الجمركية، حيث هدد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك ما لم تغلق حدودها مع الولايات المتحدة - ورفعها إلى 100% إذا لم تمتثل، فإن ردة فعل الأسواق العالمية كانت أيضا إيجابية، فمع افتتاح التداول في الصين، ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.2%. وفي اليابان، قفز مؤشر نيكاي 225 بنسبة 2.5% مع انخفاض الين مقابل الدولار، وفي أوروبا، ارتفع مؤشر ستوكس 50 بنسبة 0.4% بينما حقق مؤشر ستوكس أوروبا 600 مكاسب أقل من 0.1%.
يبقى الدين العام مشكلة في الولايات المتحدة الأمريكية، فبينما تشير عديد من التحليلات للحملة الانتخابية لترمب لم يجعل خفض العجز أولوية خلال الحملة، فإن خطط ترمب لخفض الفائدة ومعالجة أزمة الدين قد تذهب أدراج الرياح وخاصة من يسمون أنفسهم "حراس السندات" يرون أنه بغض النظر عن الحزب الذي يفوز، فإن السياسات المالية ستؤدي إلى تضخم العجز في ميزانية الحكومة الفيدرالية المتضخمة بالفعل وزيادة التضخم، مع وصول نفقات الفائدة الصافية لأكثر من تريليون دولار.