عيون الأسواق على الذهب لرصد تحركات الاقتصاد والدولار في عهد ترمب
قد يقدم أداء الذهب تلميحات حول ما سيحدث للدولار الأمريكي وكيف ستتطور قصة العجز والديون الأمريكية، مع تولي دونالد ترمب منصب الرئيس الأمريكي، كما يقول محللون، إذ تشير تحركات المعدن المتقلبة حتى الآن هذا الأسبوع إلى عدم اليقين الحالي.
وقال جو كافاتوني، كبير إستراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي: إنه في أعقاب الانتخابات، أصبح "العجز الأمريكي في صدارة الأذهان أكثر من أي وقت مضى"، والمستثمرون الدوليون جميعهم يراقبون الولايات المتحدة.
أضاف كافاتوني "أثر معدل انخفاض قيمة الدولار على الطلب العالمي على الذهب، ما يخبرنا أن هناك وعيا وقلقا بشأن مستوى الديون وقدرة الولايات المتحدة على معالجتها".
سجل الذهب هبوطا حادا يوم الأربعاء مباشرة بعد انتشار خبر أن ترمب سيكون الرئيس القادم، وذلك يمثل تحركا حادا للمعدن الذي كان يرتفع إلى مستويات قياسية جديدة طوال العام. ثم عوضت أسعار المعدن النفيس جزءا كبيرا من تلك الخسارة يوم الخميس، بحسب ماركت ووتش.
من جانبه، قال بيتر موريسي، خبير اقتصادي وأستاذ في كلية سميث للأعمال بجامعة ماريلاند: إن الذهب "أصل خوف - يلجأ الناس إليه كمصدر للأمان في أوقات عدم اليقين أو عندما يعتقدون أن قيمة أموالهم ستنخفض".
أضاف أن التوقعات للمعدن ستعتمد، من بين أمور أخرى، على شدة تصرف ترمب حيال خفض الضرائب وزيادة الإنفاق، والمدى الذي سيسمح له الكونجرس بذلك.
شهدت أسعار المعدن النفيس تداولات متقلبة بعد تأكيد فوز ترمب يوم الأربعاء. استقرت العقود الآجلة للذهب في ديسمبر يوم الخميس عند 2705.80 دولار للأوقية، بارتفاع 29.50 دولار، أو 1.1%، بعد خسارة 2.7% يوم الأربعاء.
قال لويس نافيلييه، مؤسس شركة إدارة الأصول نافيلييه آند أسوشيتس وكبير مسؤولي الاستثمار فيها: إن سبب انخفاض الذهب يوم الأربعاء هو ارتفاع عائدات سندات الخزانة والدولار الأمريكي القوي.
أشار إلى أنه "إذا انخفضت الثقة في البنوك المركزية، فإن الذهب يرتفع"، لكن بسبب التصور بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر إلى تقليص تخفيضات أسعار الفائدة بسبب ارتفاع عائدات سندات الخزانة، انخفض الذهب في ذلك اليوم.
مع ذلك، خفض الفيدرالي يوم الخميس سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية، إلى نطاق يراوح بين 4.5% و4.75%.
قال راين ماكنتاير، الشريك الإداري في شركة سبروت: إن ترمب من المتوقع أن يحفز نمو الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير ويستمر في تصعيد حروب تجارية مع دول مثل الصين.
تابع أن الذهب من المتوقع أن يحقق أداء جيدا على المدى الطويل، مدفوعا باتجاهات رئيسية مثل "انخفاض قيمة الدولار الأمريكي المستمر، والأوضاع المالية الهشة في عديد من الدول الغربية، والرغبة العالمية في تخزين القيمة بشكل مستقل عن الأصول والمؤسسات الأخرى".
أضاف أن مستويات الدين الفيدرالي تقترب من مستوى قياسي مرتفع بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ويتفاقم ذلك بسبب العجز الذي يتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي.
حتى الآن هذا العام، قد تشير تحركات المعدن إلى مخاوف المستثمرين بشأن هذه المخاطر، حيث ارتفع الذهب إلى أعلى مستوياته اليومية 39 مرة في 2024، وحتى يوم الخميس، ارتفع بنحو 31% منذ بداية العام. وقد كان آخر ارتفاع قياسي يومي له في 30 أكتوبر، عند 2801.70 دولارا.
وقال بريان لوندين، محرر نشرة جولد نيوزليتر إن الذهب يشير إلى أن "البنوك المركزية السيادية قلقة بشأن انكشافها الكبير لهيمنة الدولار".
وفقا لتحليل من لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، قد تؤدي خطط ترمب للضرائب والإنفاق إلى زيادة الدين الأمريكي بمقدار 7.75 تريليون دولار، وبحسب موريسي فإن ذلك قد يؤدي إلى تضخم هائل يدفع الناس إلى الذهب سريعا.
لكنه لا يعتقد أن ذلك سيحدث، إذ قال: "سوف نشهد بعض التضخم، لكنه لن يكون قاسيا"، وإذا حدث ذلك، فالذهب "سيظل قيما، لكنه لن يرتفع بشكل كبير".
من ناحية أخرى، إذا تسبب ترمب بقدر كبير من عدم اليقين من خلال تمرير تخفيضات ضريبية كبيرة عبر الكونجرس وفرض رسوم جمركية على أوروبا، "فالذهب سيرتفع".