الصين تبحث عن ملاذات آمنة لتلافي أخطار الديون الأمريكية وتستعد لـ «أسوأ سيناريو»
منذ أن عزز الدولار الأمريكي دوره بوصفه العمود الفقري للنظام المالي العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، أصبح سلاحا مفضلا للرؤساء الأمريكيين في حروبهم الاقتصادية.
لكن مع انتشار استخدام الولايات المتحدة للعقوبات في الأعوام الأخيرة، تزايدت المخاوف في الصين وأماكن أخرى بشأن ما إذا كان الدولار يمكن أن يظل عملة ملاذ آمن.
الآن، بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، تلوح موجة جديدة من عدم اليقين بشأن الدولار والأصول المقومة به.
عندما جمدت حكومات الاقتصادات الأكثر تقدما في العالم، بقيادة الولايات المتحدة، ما يقارب نصف احتياطيات النقد الأجنبي لبنك روسيا المركزي عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 2022، كان ذلك تذكيرا واضحا للصين بأن احتياطيها من النقد الأجنبي، وهي الأكبر في العالم، قد تتأثر أيضا بالعقوبات الأمريكية، وفقا لـ"ساوث تشاينا مورنينج بوست".
يانج سياو، باحث في كلية PBC للتمويل في جامعة تسينجهوا، قال إن احتمال تدهور العلاقات المالية بين الصين والولايات المتحدة "مرتفع" الآن بعد عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وهذا يشكل أخطار أكبر أصول الصين المقومة بالدولار، مضيفا أن بكين يجب أن تستعد لـ "أسوأ سيناريو".
بدأ ترمب حربا تجارية مع الصين في 2018، بعد عام من ولايته الأولى، وروج لـ "انفصال" بلاده عن ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
يعد الدولار عملة أساسية للتجارة الدولية واحتياطيات البنوك المركزية وإصدار الديون العالمية. كما تعد السندات والأوراق المالية الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية أصول ملاذ آمن.
بدأت احتياطيات النقد الأجنبي في الصين في النمو خلال التسعينيات كجزء من تحولها نحو اقتصاد أكثر انفتاحا، ودفعت الأزمة المالية الآسيوية في 1997، عندما انخفضت قيمة العملات الآسيوية، بكين إلى بناء احتياطي يحميها من الصدمات الخارجية، وأظهرت بيانات إدارة الدولة للنقد الأجنبي أن هذا الاحتياطي تراجع من 3.316 تريليون دولار في سبتمبر إلى 3.261 تريليون دولار الشهر الماضي.
لا تكشف الصين عن أماكن إيداع أموالها، لكن نسبة كبيرة منها مستثمرة في ديون الحكومة الأمريكية، وفقا لبيانات أمريكية رسمية.
في أغسطس، بلغ إجمالي حيازات الصين من سندات الخزانة الأمريكية 774.6 مليار دولار، ما يجعلها ثاني أكبر مالك أجنبي لديون الحكومة الأمريكية بعد اليابان. لكن الأخطار المتزايدة للعقوبات تعني أن الأسئلة كانت مطروحة منذ فترة طويلة في الصين حول ما إذا كان ينبغي لبكين أن تستمر في الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية.
يو يونج دينج، مستشار سابق للبنك المركزي الصيني، حث بكين على الحد من استثماراتها، محذرا من الأخطار المتزايدة لأزمة الديون الأمريكية ومن استخدام الدولار سلاحا في التجارة الدولية.
وقال يو: إن مشكلات الديون المتفاقمة في الولايات المتحدة قد تؤدي إلى أزمة ثقة في الجدارة الائتمانية للحكومة الأمريكية التي تبيع سندات الخزانة لتمويل عجزها.
بيانات وزارة الخزانة الأمريكية تظهر أن الصين بدأت في تقليص حيازاتها من سندات الحكومة الأمريكية تقريبا منذ 2014، بعد أن بلغت ذروتها عند أكثر من 1.3 تريليون دولار في 2013. وفي 2022، انخفضت إلى أقل من تريليون دولار لأول مرة منذ 2010.
توقع منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية، مركز أبحاث مالية في لندن، انخفاض حصة الدولار في احتياطيات العملات العالمية إلى 40 - 45% بحلول 2050، مقارنة بنحو 60% حاليا. وقال إن الاقتصادات الناشئة قد تصبح أكثر جرأة في الترويج لاستخدام عملات غير الدولار وسط تساؤلات حول العجز المستمر في الميزانية والحساب الجاري للولايات المتحدة وتأثيرها في استدامة الدين الأمريكي.