طفرة للذكاء الاصطناعي .. خوارزميات تربط المعلومات وتفهم السياق والأنماط

طفرة للذكاء الاصطناعي .. خوارزميات تربط المعلومات وتفهم السياق والأنماط

في حين نميل إلى مساواة طفرة الذكاء الاصطناعي الحالية بالحواسيب، التي يمكنها الكتابة والتحدث والبرمجة وتكوين صور، إلا أن معظم أشكال التعبير هذه مبنية على تكنولوجيا أساسية تسمى "المحول" والتي لها تطبيقات أوسع بكثير.

أُعلِن لأول مرة في ورقة بحثية لباحثِين من جوجل 2017، وتعد "المحولات" نوعا من خوارزميات الذكاء الاصطناعي تتيح للحواسيب فهم البنية الأساسية لأي مجموعة من البيانات حتى تتمكن من توليد ناتج مماثل خاص بها.

إن تطبيقات هذا الاكتشاف واسعة النطاق لدرجة أنه في الأعوام الـ7 التي تلت نشر بحث جوجل، استُشهِد به في أوراق علمية أخرى أكثر من 140 ألف مرة.

وليس من المبالغة القول: إن هذه المجموعة من الخوارزميات هي السبب في أن إنفيديا أصبحت الآن الشركة الأكثر قيمة في العالم، وازدادت مراكز البيانات في أنحاء العالم -ما يزيد استهلاك الكهرباء وأسعارها- وأن رؤساء شركات الذكاء الاصطناعي التنفيذيين يزعمون أن وصول الذكاء الاصطناعي للمستوى البشري قريب جدا.

كان باحثو جوجل الذين كتبوا تلك الورقة البحثية الرائدة في 2017 يركزون على عملية ترجمة اللغات، وقد أدركوا أن نظام الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه استيعاب جميع الكلمات في قطعة مكتوبة وأهمية بعضها عن الأخرى، أي فهم السياق، يمكن أن يقدم ترجمات أفضل بكثير.

تعمل "المحولات" من خلال معرفة كيفية ارتباط كل جزء من المعلومات التي يتلقاها النظام بكل جزء آخر من المعلومات التي تم تغذيته بها، كما يقول تيم ديتمرز، عالم أبحاث الذكاء الاصطناعي في معهد ألين غير الربحي للذكاء الاصطناعي.

هذا المستوى من الفهم السياقي لا يمكّن أنظمة الذكاء الاصطناعي القائمة على "المحولات" من التعرف على الأنماط فقط، بل يمكّنها أيضا من التنبؤ بما يمكن أن يلي تلك الأنماط منطقيا -وبالتالي توليد معلومات جديدة. ويمكن أن تمتد هذه القدرة إلى بيانات أخرى غير الكلمات.

في مجال علم الأحياء، تدرب شركة "إيفلوشناري سكيل" نظام ذكاء اصطناعي خاص بها على تسلسلات البروتينات المنشورة وكل المعلومات المعروفة عنها. وباستخدام هذه البيانات، ودون مساعدة من المهندسين البشريين، يستطيع هذا النظام تحديد العلاقة بين تسلسل معين من اللبنات الأساسية الجزيئية، وكيف يعمل البروتين الذي تنشئه في العالم الحقيقي.

كانت الأبحاث السابقة المتعلقة بهذا الموضوع، التي ركزت أكثر على بنية البروتينات بدلا من وظيفتها، هي السبب في حصول رئيس الذكاء الاصطناعي في جوجل، ديميس هاسابيس، على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024 إلى جانب عالمَين آخرَين، كما يعتمد نظام "ألفا فولد" الذي طوره هو وفريقه على "المحولات".

ابتكرت "إيفلوشناري سكيل" بالفعل جزيئا يثبت ذلك، وهو بروتين يعمل كالبروتين الذي يجعل قنديل البحر يضيء، لكن تسلسله الذي اخترعه الذكاء الاصطناعي مختلف تماما عن جميع التسلسلات المُكتشفة.

يعد طي الملابس من أصعب المهام في عالم الروبوتات، إذ تختلف أشكال الملابس وتتطلب مرونة ومهارة للتعامل معها، لذلك لا يستطيع علماء الروبوتات كتابة تسلسل الإجراءات التي ستخبر الروبوت بالضبط كيف يحرك أطرافه لالتقاط الملابس وطويها.

لكن شركة "فيزيكال إنتيلجنس" الناشئة عرضت روبوتا قادرا على إخراج الملابس من المجفف وطيها بدقة باستخدام نظام تعلَّم كيفية القيام بهذه المهمة بنفسه دون أي مدخلات من البشر، بخلاف مجموعة كبيرة من البيانات التي استوعبها. كان هذا وغيره من العروض المماثلة، مذهلا لدرجة أن الشركة جمعت في وقت سابق من هذا الشهر 400 مليون دولار من المستثمرين بما فيهم جيف بيزوس و"أوبن إيه آي".

وكما هو الحال في الروبوتات، فإن الباحثين والشركات التي تعمل في مجال السيارات ذاتية القيادة يسكتشفون كيفية استخدام "نماذج اللغة المرئية" القائمة على "المحولات" والتي يمكنها استيعاب وربط الصور وليس اللغة فقط.

يقول ديتمرز: إنه رغم قوتها، إلا أن هذه الأنظمة لا تزال لديها قيود، ما يعني أنها لن تكون قادرة على استبدال وظائف الناس تماما.
فمثلا: يمكن للذكاء الاصطناعي في "إيفلوشناري سكيل" أن يقترح جزيئات جديدة ليجربها البشر في المختبر، لكن لا يزال يتعين على البشر تصنيعها واختبارها.
وهناك قيد آخر، وهو أنها ذكية فقط بقدر البيانات التي يتم تدريبها عليها.

الأكثر قراءة