السوق بحاجة إلى مديرين وتنفيذيين أكثر
منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 عاشت كثير من القطاعات رحلات نمو وتطور في الأعمال وفي التشريعات والإقبال كذلك وكل ما كان القطاع أقرب إلى الأهداف الرئيسية لرؤية السعودية كان التسارع أكبر في نمو عدد المبادرات التي تخدم تحقيق هذه الأهداف، مراقبة القرارات والأحداث كفيله لرسم المشهد المهتم المستفيد أو المتابع وهذا الرسم يوضح أننا نتحرك ضمن خطة إستراتيجية أساسية تتحرك داخلها أحجار القصة.
تركز هذه الخطة الكبرى "الرؤية 2030” على التنوع الاقتصادي وتقليص الأثر النفطي في الاقتصاد بوجه العموم والقاعدة الاقتصادية في السعودية بخلق اقتصاد متنوع قادر على الاستدامة ويحمي من الاعتماد على مصدر أحادي. هذا عمل قد بدأ من السنوات الأولى لإطلاق الرؤية ورحلة الانتقال إلى التنويع ستأخذ وقتا حتى تصل إلى هدفها النهائي، عند إطلاق الرؤية كان التمثيل النفطي يتجاوز 80% من قاعدة الإيرادات وبمرور السنوات انخفض هذا الأثر حتى تراجع دون 60%.
هذا التحول ملفت ومهم لتأكيد التوجه العام لرحلة التغيير الاقتصادي بشكل عام والأهم أن هذا التحول كان مصحوب بأمرين مهمة الأول تضييق الأثر المباشر للتقلب في أسعار النفط وتقلص أثر التذبذب في الإيرادات الحكومية مع استمرار الإنفاق بشكل الحكومي محافظا على وتيرة ثابتة.
كانت ولا زالت المنشآت التجارية تشكل أحد مرتكزات أهداف الرؤية فتنويع القاعدة التجارية وخلق الوظائف تطلب تعزيز دور المنشآت الصغيرة، والمتوسطة، وتحفيز تكوينها، واحتضانها. أشار التقرير الدوري للربع الثاني 2024 لوزارة التجارة إلى أن السجلات التجارية المصدرة قد سجل نمو بنسبة 78% عن العام الماضي متجاوزة 1.5 مليون سجل تجاري وعدد السجلات التجارية المصدرة في ربع واحد فقط تجاوز 121 ألف سجل تجاري، يمثل فئات الشباب 38% من إجمالي السجلات المصدرة وتمثل التجارة الإلكترونية 17% منها.
هذه البيئة بشكل عام حفزت الاستثمار فيها إن كان عبر الملكيات الخاصة أو الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة والتقنية أو شركات التقنية المالية، كل هذه النتائج تأتي من لبنات الانطلاقة الأولى لتعزيز التنوع الاقتصادي، نتيجة لهذه المحفزات خلقت بيئة جاذبة أسهمت في استقطاب استثمارات إضافية من العالم والمنطقة، كذلك عززت هذه المبادرات ريادة الأعمال وحفزت خلق الوظائف فاستمرت نمو التوظيف ما أسهم في انخفاض البطالة وصولا إلى 7.1% وهذا نتاج لتحسينات البيئة العامة للأعمال في السعودية.
بطبيعة الشركة الناشئة فهي تبدأ لتلبية طلب أو لحل مشكلة ينشأ عندها زيادة بحجم الطلب على الأعمال وسلة المنتجات المقدمة فتتسع رقعة الشركة وأعداد الموظفين فيها عند تتحول الحاجة إلى نمط إداري فذ لتعزيز استمرارية الأعمال، في المقابل استمرار نمو الكيانات الجديدة ونمو الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة يعزز الحاجة إلى شريحة إدارية متوسطة إلى عليا لتعزيز الديمومة هذا فتح فرص وظيفية متوسطة وعليا لشريحة واسعة من الشباب ولا زال الطلب عالي.
لو نظرنا إلى الهرم الوظيفي تعزيز قاعدة الداخلين إلى السوق كان نشطا وبدأت الفجوة تزداد في منتصف الهرم وأعلى الهرم كذلك، هذا نتيجة لتحسن سوق الوظائف وتحفيز بداية إنشاء أعمال تجارية واستثمارات إضافية كثيرة ضخت في القطاعات التجارية في السعودية. هذا التسارع في نمو الأعمال صنع في السوق ما يشبه فجوة في المناصب الإدارية لدى القطاع الخاص عزز وصول كفاءات متوسطة إلى مكاتب إدارية وهذا خطر يتوجب التركيز عليه والتعامل معه بالتدريب والتعليم، فهذا استثمار أساسي ومهم حتى لا تتحول الشركات إلى أساليب إدارية تعتمد على رد الفعل تجاوب لظروف الشركة والسوق وليس التخطيط والنمو.