مستقبل السيارات الكهربائية في ظل إدارة ترمب
تعرضت شركات السيارات الكهربائية إلى خسائر كبيرة الأسبوع الماضي، فقد هوى سهم لوسيد إلى معدل قياسي بتسجيله انخفاضاً إلى دون مستوى دولارين للسهم فاقداً أكثر من 50% من قيمته السوقية منذ بداية 2024، وشركات إنتاج السيارات الكهربائية الكبرى مثل تسلا أيضاً تعرضت لخسارة 6% من قيمة أسهمها، بينما شركة ريڤان فقد سهمها 14% من قيمته، كان ذلك مدفوعا بشكل رئيسي بالأخبار التي أشارت إلى أن الرئيس المنتخب دونالد ترمب سيقضي على الإعفاء الضريبي المقدم كدعم حكومي لمبيعات السيارات الكهربائية بقيمة 7500 دولار.
هذه الأخبار عززت المخاوف من عدم استمرارية الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية التي حظيت بدعم إدارة الديمقراطي المنتهية ولايته مطلع العام المقبل جو بايدن وهو ما يشكل تحديا كبيرا يواجه مستقبل صناعة السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن ما الذي يجعل الرئيس المنتخب ترمب يقدم على خطوة كهذه في ظل دعم لا محدود لبرنامجه الانتخابي الذي قدمه له إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا أكبر شركة إنتاج سيارات كهربائية في الولايات المتحدة، هل من الممكن أن يلحق الرئيس المنتخب الأذى بالرجل الذي دعمه في وصوله إلى البيت الأبيض ويضر استثماراته الكبيرة في صناعة السيارات الكهربائية.الإجابة هي أن مقربون من إيلون ماسك يرون في إنهاء الدعم الحكومي المقدم في هيئة إعفاء ضريبي للسيارات الكهربائية فرصة تاريخية وسانحة مع وصول دونالد ترمب للقضاء على الشركات المنافسة، حيث تعتقد إدارة الشركة أن إلغاء هذا الدعم قد يؤثر سلباً على مبيعاتها لكنه سيخرج الشركات الأخرى ويزيح منافسيها من السوق الأمريكية التي تريد تسلا الاستحواذ عليه.
لكن بالنظر إلى الصورة الأشمل وخريطة سوق السيارات الكهربائية في العالم فإن مثل هذه الخطوة ستقدم هدية كبرى إلى الصين التي يريد أن يُركعها الرئيس المنتخب ويفرض عليها رسوما جمركية تعدها الصين حرباً تجارية وتضر بحرية المنافسة الحرة، وهي التي تتربع على عرش إنتاج السيارات الكهربائية باستحواذها على حصة 60% من السوق العالمية، وقدمت دعماً حكومياً لاستبدال السيارات التقليدية بسيارات كهربائية ضمن باقة من الحوافز التي تدعم مثل هذا التحول؛ مستهدفة نمو هذا القطاع وتوفير فرص عمل في الاقتصاد الصيني، وانفقت أكثر من 200 مليار دولار في 13 عاماً.
إيلون ماسك نفسه أبدى خشية كبيرة من نمو صناعة السيارات في الصين وذكر أن الصين سوف تتقدم بشكل لافت وستدمر منافسيها في العالم ما لم يتم صنع حواجز تجارية.
من المؤكد أن مستقبل السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة وفي العالم سيمر بمنعطف تاريخي في ظل سعي حثيث من الصين إلى السيطرة على هذه الصناعة، والخلافات في التوجهات الحزبية في الداخل الأمريكي التي قد تفضي التغيير المرتقب في الولايات المتحدة كما سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب والشيوخ إلى تغيير في سياسات انتقال الطاقة وقتل الدعم الحكومي المقدم لمبيعات السيارات الكهربائية، هذه الصناعة التي أظهرت حجم مبيعات زاد بمعدل 4% بين عامي 2022 و2023 وقارب مستوى 14 مليون سيارة خلال العام الماضي، بينما يتوقع أن تصل هذا العام إلى 17 مليون سيارة بما يحقق زيادة بـ20%.
كما ستحتدم المنافسة على سوق سيصل حجمها في 2032 إلى 1.9 ترليون دولار ويسعى الأوربيون إلى تحقيق زيادة في نمو هذا القطاع الذي يملكون فيه 25% كحصة سوقية ويريدون تحقيق نمو في هذا القطاع.
الولايات المتحدة رغم أنها القوة الاقتصادية العظمى في العالم، فإن هذا القطاع لا يمثل لها إلا 10% كحصة سوقية وقد تتأثر بشكل كبير إذا تأكد إلغاء الإعفاء الضريبي على مبيعات السيارات الكهربائية فيها، ما قد يمنح فرص التقدم للمنافس الشرس الصين ويمهد لها الطريق للسيطرة المطلقة على هذا القطاع في ظل إعلان إفلاس بعض منتجي السيارات الكهربائية فيها مثل فيكسر التي تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس بعد تعثر مفاوضاتها مع مستثمرين لإنقاذها من الديون.