وزير الخزانة الأمريكي الجديد.. إعادة ضبط النظام التجاري العالمي على مقياس ترامب
بدأ الرئيس المنتخب دونالد ترمب سلسلة من الاختيارات المتتالية لحكومته، لكنه استغرق وقتا قبل الاستقرار على الملياردير سكوت بيسنت كمرشح لمنصب وزير الخزانة.
لم يكن الجمهوري يريد شخصا يتوافق معه فحسب، بل أراد أيضا مسؤولا قادرا على تنفيذ رؤيته الاقتصادية بشكل مثالي. بتعليمه في جامعة ييل وخبرته في التداول لصالح شركة سوروس فاند مانجمنت قبل إنشاء صناديقه الخاصة، سيُكلف بيسنت بعملية موازنة دقيقة.
يتوقع ترمب منه المساعدة في إعادة ضبط النظام التجاري العالمي، وتنفيذ تخفيضات ضريبية تصل إلى تريليونات الدولارات، وضمان بقاء التضخم تحت السيطرة، وإدارة الدين الوطني المتضخم، والحفاظ على ثقة الأسواق المالية.
قال ترمب في بيان "سيدعم سكوت سياساتي التي ستدفع القدرة التنافسية للولايات المتحدة، وتوقف اختلالات التجارة غير العادلة، وتعمل على إنشاء اقتصاد يضع النمو في أولوياته، خاصة من خلال هيمنتنا على الطاقة العالمية مستقبلا".
لكن رغم كل هذه الثقة، كان ترمب حذرا في اختيار الرجل البالغ من العمر 62 عاما، ما يعني أنه يفهم المخاطر بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي شكلها إلى حد كبير التضخم وبلوغه ذروته في أربعة عقود في 2022. مع ذلك فقد اتخذ قرارات أسرع بشأن اختيار مذيع قناة فوكس نيوز بيت هيجسيث لمنصب وزير الدفاع وعضو مجلس الشيوخ في فلوريدا ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية وروبرت كينيدي جونيور لمنصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية.
لفت بيسنت انتباه ترمب خلال الحملة بأفكاره للنمو بنسبة 3%، وخفض عجز الميزانية بما يعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي، و3 ملايين برميل إضافية يوميا من إنتاج النفط.
كان أحد المرشحين، هوارد لوتنيك، الرئيس التنفيذي الملياردير لشركة الاستثمار كانتور فيتزجيرالد، أكثر تأييدا للرسوم الجمركية لكنه أقل طمأنة لبعض قادة الأعمال. اختاره ترمب لرئاسة وزارة التجارة وتولي قضايا التجارة.
كما نظر ترمب إلى مرشحين آخرين، مثل محافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق كيفن وارش، ومارك راوان، الرئيس التنفيذي لشركة أبولو جلوبال مانجمنت، وعضو مجلس الشيوخ بيل هاجرتي، جمهوري من تينيسي.
قرار ترمب بشأن وزير الخزانة مرتبط جزئيا بالدافع الأكبر لدى أغلب الناخبين الجمهوريين لإعادته إلى البيت الأبيض: حالة الاقتصاد الأمريكي والضغوط الناجمة عن ارتفاع الأسعار.
وفقا لـ "أ.ب فوتكاست"، وهو استطلاع رأي أجري في أوائل نوفمبر وشمل نحو 120 ألف ناخب على مستوى البلاد، قال 3 من كل 10 ناخبين تقريبا إنهم يريدون تغييرا جذريا في كيفية إدارة البلاد. كان بيسنت ينتقد بشدة السياسات الاقتصادية للرئيس جو بايدن، حيث قال في تصريحات في معهد مانهاتن إنه "قلق" من حجم الإنفاق الحكومي والعجز وأن بايدن تبنى فكرة "التخطيط المركزي" التي يعتقد أن الزمن قد عفا عليها.
المسؤولون الحكوميون والاقتصاديون غير متأكدين بشأن ما قد يعطيه ترمب الأولوية. وقد قدرت لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، أن ترمب قد يضيف ما بين 1.7 تريليون دولار إلى 15.6 تريليون دولار إلى العجز المتوقع على مدى عشرة أعوام، وهي علامة على عدم اليقين بشأن خططه الاقتصادية.
وعرض الخبير الاقتصادي أوليفييه بلانشار، وهو زميل بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، هذا الأسبوع تناقضات "اقتصاد ترمب". فقد تكون التخفيضات الضريبية الممولة بالعجز وزيادات الرسوم الجمركية تضخمية، ومع ذلك فاز ترامب في انتخابات نوفمبر إلى حد كبير بسبب إحباط الناخبين من التضخم. وكذلك وعده بترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذي قد يؤدي إلى خفض العمالة.
وقد يواجه وزير الخزانة في النهاية مسؤولية إضافية تتمثل في محاولة الضغط على رئيس الفيدرالي جيروم باول للقيام بما يريده ترمب، لأن الضغوط التضخمية التي حددها بلانشار تعني على الأرجح أن الفيدرالي سيحاول إبطاء النمو لمنع التضخم من الارتفاع المفرط.