الأسهم السعودية مهيأة لانتعاش مع تصاعد مخاطر الحروب التجارية
لا تواكب الأسهم السعودية مؤشرات الأسواق الناشئة للمرة الأولى منذ عام 2020، لكن المستثمرين يرون أن العام المقبل يحمل بوادر إيجابية لعدة أسباب.
يتمثل أحد هذه الأسباب في أن السعودية ليست عرضة لتهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترمب برفع الرسوم الجمركية؛ ما من شأنه أن يعزز جاذبية سوقها مقارنة بالأسواق المناظرة مثل الصين والمكسيك. وعلى الرغم من أن تقييمات الأسهم لا تزال غير متدنية، إلا أنها تراجعت عن مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في وقت سابق من العام الجاري.
"متفائلون بشأن السوق السعودية في عام 2025. ستستفيد السعودية من التحولات في تدفقات المحافظ بعيداً عن الصين. علاوة على ذلك، أصبحت التقييمات أكثر جاذبية مجدداً"، بحسب ثيا جاميسون، العضوة المنتدبة لشركة "تشينج غلوبال إنفستمنت" (Change Global Investment LLC).
تتوقع جاميسون انتعاشاً بعد عام صعب للمؤشر الرئيسي للسوق المالية السعودية (تاسي)، الذي انخفض بنحو 1% منذ بداية العام، متأخراً عن مكاسب تجاوزت 7% حققها مؤشر "إم إس سي آي" (MSCI) للأسواق الناشئة. يرجع جزء كبير من هذا الأداء إلى تراجع أسهم "أرامكو السعودية" بنسبة 11% في ظل تخفيضات إنتاج النفط المرتبطة بـ"أوبك+" وطرح ثانوي للأسهم بقيمة 12.35 مليار دولار.
الريال السعودي يتجنب التقلبات
يُشار إلى أن السعودية ومعظم دول الخليج الأخرى تربط عملاتها بالدولار، ما يجعلها أقل عرضة للتقلبات الناتجة عن قوة الدولار. هذا الجانب يُعد محورياً بالنسبة لنيناد دينيك من بنك "جوليوس باير"، الذي يشير إلى أن ارتباط الريال بالدولار يعني أن السلطات النقدية السعودية تخفض أسعار الفائدة بالتزامن مع الولايات المتحدة، ما يوفر تحفيزاً للاقتصاد.
قال دينيك إن السوق "تحظى بوضعية منخفضة المخاطر وسط بيئة حالية تهيمن عليها مخاوف الرسوم الجمركية وقوة الدولار".
يرى دينيك أن القطاعات المرتبطة بمبادرة "رؤية 2030"، التي تهدف إلى تقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على إيرادات النفط، هي الأكثر جاذبية. ويضيف أن البنوك ستستفيد من زيادة الطلب على الائتمان مع امتداد تأثير الإنفاق الحكومي على المشاريع الكبرى إلى الإنفاق الاستهلاكي والسياحة وقطاع البناء.
مع ذلك، لا تزال ثمة مخاوف من أن ضعف أسعار النفط قد يُعيق أداء السوق؛ حيث يشكل قطاعا الطاقة والمواد حوالي 29% من المؤشر، وتُسهم الأنشطة المتعلقة بالنفط فيما يقرب من نصف الاقتصاد. مع بقاء أسعار النفط عند حوالي 72 دولاراً للبرميل، فإنها تظل أقل من مستويات التعادل بالنسبة إلى ميزانية السعودية، ومن غير المرجح أن ترتفع كثيراً العام المقبل.
نطاق أسعار النفط
قال جنيد أنصاري، مدير استراتيجية الاستثمار في "كامكو إنفست" في الكويت: "تؤثر أسعار النفط على المعنويات في السوق، لكننا نعتقد أن النطاق طويل الأجل بين 70 و75 دولاراً للبرميل يؤخذ في الحسبان فعلياً ضمن الأسعار الحالية".
يرى أنصاري أن السوق مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية، بالنظر إلى التوقعات بنمو قوي في أرباح الشركات السعودية الكبرى. تداولات مؤشر "تاسي" حالياً عند حوالي 15 ضعفاً للأرباح المستقبلية، وهو أقل من متوسطه لخمس سنوات، بعد أن كان عند مستوى 18.5 ضعف قبل بضعة أشهر.
حتى مديرو الصناديق الذين يتوخون الحذر بشأن آفاق النفط، مثل فيرغوس أرجايل من "إي إف جي أسيت مانجمنت" (EFG Asset Management) في المملكة المتحدة، يعتقدون أنه مع اختيار الأسهم بعناية، يمكن أن يُحقق مؤشر السوق السعودي أداءً جيداً العام المقبل، خاصة إذا أعاد ترمب تأجيج التقلبات في الأسواق العالمية.
قال أرجايل: "أحد الجوانب الإيجابية الواضحة هو أنه في عصر قوة الدولار المتوقعة خلال عهد ترمب، من المرجح أن تكون الأسهم السعودية محصنة نسبياً مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى".