لماذا تحتفل الدول بكأس العالم؟
سياحة الرياضة أصحبت عاملا اقتصاديا مهماً في تطور القطاعات السياحية وأحداثها الكبرى، مثل كأس العالم في كرة القدم أو الألعاب الأولمبية، هي الأضخم وأهميتها غير عادية في تسويق الوجهات المستضيفة، وزيادة النشاط الاقتصادي، ومن أفضل انعكاساتها الضمنية، ورود اسم البلد المستضيف في المؤشرات والتقارير الدولية بشكل فوق العادة، يجعلها تحت المجهر العالمي من باحثين في الجامعات ومراكز تفكير وبحوث ومنظمات وهيئات عالمية، لذا الدول المستضيفة تجني تقارير وبيانات تجذب انتباه المختصين والمستثمرين عالميا، ما يبرز اسم البلد في سياقات مكثفة دون تكاليف إضافية.
إدارة هذا الظهور بشكل فعال يؤدي إلى فوائد طويلة الأجل تتجاوز فترة البطولة، ويعزز صورة البلد المستضيف ومكانته على المستوى الدولي، ويكشف هويته المكان والثقافة والاقتصاد، واحتماليات سفر السياح للبلد المضيف قبل الحدث تتزايد كوجهة سياحية وهي من دوافع السفر الناتجة من زخم الحديث عن البلد المستضيف لكأس العالم.
إذا كان منظمو السفر على دراية بمثل هذه الدوافع، يمكنهم تقديم تجارب للزيارة قبل الحدث، ما يثير الرغبة ويحفز السفر بفضل الأجواء الإيجابية واستغلال التسويق المجاني من المؤشرات وتقارير وسائل الاعلام عن البلد المستضيف، وكلما كان التضخم منخفضاً وسعر العملة مناسباً وأسعار الإقامة معتدلة، كانت مستويات التجربة المبكرة أكثر نجاحاً، بسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في نقل تجربة السائح، التي ستحفز على المشاركة أثناء إقامة مباريات كأس العالم.
وجود أحدث ومناسبات رياضية ضخمة، تعد وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، فالدول التي تتنافس على إقامتها وتنفق المليارات، تعزز من جاذبيتها الاقتصادية وتحفز قطاعاتها الداخلية للنمو، وتوسيع حجم تأثيرها الدولي في سلوك السفر إليها من حول العالم، بما في ذلك التبادل الثقافي، ولكن آثارها الإدراكية تستحق كل هذا الزخم والتنافس بين الدول في سبيل الاستضافة.
فوز المملكة العربية السعودية باستضافة كأس العالم في 2034 يأتي منسجما مع حجم التطور الذي شهدته البلاد في فترات قصيرة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجاذبيتها المتصاعدة للاستثمار والعيش في بلد يجمع بين القوة الاقتصادية والرفاهية العامة والتأثير العالمي، كدولة صاعدة تتمتع بمقومات مميزة في العيش والعمل والاستثمار، بسبب الفرص الجديدة التي تصنعها السياسات الحكومية.
تنظيم الأحداث الرياضة الكبرى مثل: كأس العالم تصب في المقام الأول في القطاع السياحي والهوية المكانية للبلد المستضيف تسويقياً، ويعد قطاع المقاولات من أكبر المستفيدين من إنفاق نوعي سيستمر عقدا من الزمان، بسبب مشاريع الملاعب والمطارات والنقل والبنية التحتية، وزيادة عدد الفنادق الإجمالي للمدن المشاركة، إضافة إلى التأثير الاقتصادي المجمع في اقتصاد بقية القطاعات.
وفي الختام، تعد استضافة الأحداث الرياضية الكبرى مثل: كأس العالم رافعة اقتصادية وإستراتيجية تؤثر في تحفيز تنافسية البلد المستضيف، ولفت أنظار العالم إلى مؤشراته وتقاريره دوليا، وفي حضوره على الساحة العالمية، وفتح آفاق للنمو السياحي والتنموي بآثار طويلة الأجل من خلال بناء إرث اقتصادي وسياحي مستدام، وهذا ما يفسر تنافس الدول لاستضافة كأس العالم.