معارض السيارات في السعودية أمام تحد .. البقاء لمن يقدم خدمات نوعية
وضع قرار السعودية بالسماح للأفراد باستيراد سياراتهم بشكل مباشر دون الحاجة إلى وسيط، أصحاب المعارض المحلية أمام تحديات ستحتم عليهم الاعتماد على تقديم خدمات جديدة ونوعية تمكنهم من البقاء في السوق، بحسب مختصين وأصحاب معارض تحدثوا لـ"الاقتصادية".
وقالوا: إن هناك عددا كبيرا من معارض السيارات حتى وقت قريب كانت تعتمد في تحقيق مداخيلها السنوية على عملية استيراد وبيع السيارات، متوقعين حدوث انخفاض ملحوظ في المبيعات خلال الفترة المقبلة من بدء العملاء استيراد سياراتهم ذاتيا.
وتجاوز عدد المركبات والعربات الجديدة والمستعملة الواردة إلى السعودية بجميع أشكالها وأنواعها، مليون مركبة من أكثر من 51 دولة خلال 15 شهرا تمثل عام 2023 والربع الأول من العام الجاري، بقيمة تقدر بأكثر من 83 مليار ريال.
انخفاض المبيعات
أكد صديق أحمد مسؤول مبيعات بأحد معارض السيارات في الدمام، أن القرار سيؤدي إلى انخفاض مبيعاتهم من السيارات بعد أن أتاحت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك خيارا جديدا أمام العملاء من خلال السماح باستيراد مركباتهم بصورة شخصية دون الحاجة إلى وسطاء آخرين.
وأشار إلى أن هؤلاء الوسطاء يمثلون معارض السيارات ومكاتب التخليص الجمركي التي كانت تتعاون فيما بينها للقيام بإجراءات الاستيراد والتخليص والمعاملات الرسمية الأخرى، متوقعا توجه كثير من عملاء معارض السيارات نحو استيراد سياراتهم بصورة ذاتية بدلا من شراء سيارة جديدة من المعارض، خاصة إذا كانت أسعارها تنافسية في الخارج وتقل عن أسعار المعارض داخل السعودية.
وسيتم السماح باستيراد سيارتين سنويا وسيارة للمقيم كل 3 أعوام، ويمنع بيعها خلال 3 أعوام، فيما سيتم إضافة 5% من قيمة السيارة عند الاستيراد كرسوم جمركية و15% ضريبة مضافة.
وفي حال كانت السيارة لا تتضمنها ضوابط كفاءة الوقود أو عمرها أقل من 2019، سيتم عليها مقابل مالي بقيمة 20 ألف ريال كحد أدنى بما لا يزيد على 50% من قيمة السيارة.
بدوره، قال خطاب إبراهيم مشرف مبيعات في أحد معارض السيارات في الدمام، إن أصحاب المعارض سيتجهون مع بدء تطبيق القرار نحو تقديم الخدمات الاستشارية للعملاء الراغبين في استيراد سياراتهم بصوة ذاتية، إلا أن العائد من هذه الخدمات لا يقارن بالعوائد التي كانت تحققها المعارض من وراء استيراد السيارات نيابة عن العميل.
إبراهيم أفاد بأن معارض السيارات بدأت تفقد مزايا كبيرة كانت تتمتع وتستفيد منها في تحقيق عوائد مالية مثل إجراءات التأمين على السيارات، وهذه الخدمة أصبحت متاحة أمام العميل مباشرة فور دخولهم على مواقع الكترونية تقدم مثل هذه الخدمات وبأسعار تنافسية، بل من خلال تقسيط مبالغ التأمين على السيارات عن طريق شركات مثل "تابي" و"تمارا" و"مدفوع "، مشيرا إلى أن تأثير القرار سيطال سوق السيارات المستعملة وسيضعف الإقبال عليها من قبل العملاء.
تعزيز المنافسة والبعد عن الاستغلال
يسهم القرار في كسر سيطرة كبار الموزعين على الاستيراد في السوق، ورفع مستوى وكفاءة الخدمات المقدمة، وبطريقة تضمن سهولة ومرونة الفسح الجمركي للأفراد.
وتوقع بندر العيسى محلل اقتصادي، أن يؤدي القرار إلى تعزيز المنافسة في سوق السيارات وسيكون البقاء لمن يقدم خدمات جديدة ونوعية، ما سينعكس إيجابيا على العملاء المحليين عبر انخفاض الأسعار، وإتاحة خيارات جديدة بعيدا عن استغلال أصحاب معارض السيارات التي يجب عليها إعادة التفكير في خططها التسويقية في حال رغبت في البقاء في دائرة المنافسة.
وتتيح هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في هذا الشأن دليل مستخدم تفصيلي للخدمة، وذلك عبر موقعها الإلكتروني والذي يتضمن شرحًا عن الخدمة وخطوات تقديم طلبات استيراد المركبات الشخصية للأفراد، ومعلومات تفصيلية من شأنها أن تساعد على الاستفادة المثلى من الخدمة.
ويمكن للمهتمين التعرف على ضوابط استيراد المركبات للأفراد بجميع فئاتهم، وذلك من خلال زيارة الصفحة المخصصة لهذه الضوابط عبر موقع الهيئة.
في حين، قال خالد الشمري صاحب معرض سيارات في الخفجي، إنهم يعتمدون بشكل كبير على استيراد السيارات من الكويت وتوفيرها للعملاء السعوديين، بحكم أن الخفجي حدودية وقريبة من الكويت، مبينا أن القرار الجديد سيؤثر في نشاطهم بشكل كبير.
الشمري، أضاف أن كثير من العملاء سيفضلون استيراد سياراتهم بأنفسهم لتقليل التكلفة والنفقات التي كان يتحصل عليها أصحاب المعارض، لافتا إلى توجه معارض السيارات في الخفجي لتقديم خدمات أخرى مثل تسهيل الإجراءات الجمركية أو توفير ضمانات للسيارات المستوردة.
ويشمل القرار جميع أنواع السيارات، بما في ذلك الجديدة والمستعملة، شريطة أن تتوافق مع المواصفات السعودية، كما يُتوقع أن يؤدي إلى انخفاض أسعار السيارات المستوردة من الخارج، ما قد ينعكس إيجابيا على القوة الشرائية للمستهلكين.
وتصنف سوق السيارات في السعودية، أكبر سوق في العالم العربي، حيث تجاوزت مبيعات السيارات بجميع أنواعها في 2022 نحو 1.7 مليون سيارة منها 36% في المملكة بزيادة نحو 7.1% عن العام الماضي، فيما جاءت الإمارات ثانيا بـ12.7% ، ومصر ثالثا بـ10.9%.
بدوره، أكد فهد الغامدي صاحب معرض سيارات اقتصادية بالدمام أن سوق السيارات الاقتصادية يعتمد بشكل كبير على العملاء الباحثين عن أقل الأسعار، موضحا أنه مع بدء تطبيق القرار، سيصبح الاستيراد المباشر خيارا جذابا للعملاء، وهو ما يشكل تحديا كبيرا على نشاط معارض السيارات وتراجع مبيعاتهم مع زيادة الوعي لدى العملاء الراغبين في الاستيراد بصورة شخصية.