«الفيدرالي الأمريكي» يخفض الفائدة إلى 4.5% وتراجعات حادة في الأسواق المالية
خفض البنك الفيدرالي الأمريكي، في اجتماعه اليوم الأربعاء، معدل الفائدة إلى نطاق مستهدف بين 4.5% و4.25%، تماشيا مع التوقعات بخفض 25 نقطة أساس.
ويعد هذا الخفض هو الثالث على التوالي لأسعار الفائدة، بعد خفضها 50 نقطة أساس في سبتمبر و25 نقطة أساس في نوفمبر الماضيين، فيما هو الاجتماع الأخير خلال 2024 وفي حقبة الرئيس جو بايدن.
عقب الإعلان شهدت الأسواق المالية تراجعات حادة، كان أبرزها تسجيل الأسهم الأمريكية ثاني أسوأ هبوط هذا العام وسط توقعات الفيدرالي الأمريكي بوتيرة خفض أبطأ العام المقبل.
تأتي هذه التخفيضات بعد أن بدأ الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة في مارس 2022 من 0.25% إلى 0.5%، حتى وصلت في يوليو 2023 إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عقدين عند 5.5%.
الفيدرالي الأمريكي عدل توقعات لموعد الوصول لمستهدف التضخم عند 2% من 2026 إلى 2027 ما يعني مستويات تضخم مرتفعة لمدة أطول
نمو متزايد في النصف الثاني
قال رئيس الفيدرالي الأمريكي جيروم باول إن الاقتصاد الاقتصاد الأمريكي سجل نموا بشكل أكبر في النصف الثاني من 2024، متوقعا خلال مؤتمر صحافي اليوم عقب الإعلان عن خفض الفائدة، أن يستمر النمو خلال ديسمبر الجاري وأن الاقتصاد في مسار جيد
وأضاف أن سياسة التشديد النقدي التي اتبعها الفيدرالي الأمريكي كان هدفها كبح التضخم، الذي وصل ذروته منذ الأزمة المالية العالمية ليسجل 9.1% في يونيو 2022 بعد الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار.
كان معدل التضخم الأمريكي قد ارتفع إلى 2.7% في نوفمبر الماضي، متوافقًا مع التوقعات، فيما يستهدف الفيدرالي خفضه إلى 2%.
باول أكد أن التضخم الأساسي سيصل إلى 2.5 % العام المقبل، وهو أقرب كثيرا إلى هدف 2 %، مشيرا إلى أن إبطاء وتيرة الخفض يأتي في ظل نمو اقتصادي وتراجع معدلات البطالة، لا سيما وأن مخاطر سوق العمل تتضاءل مع تحسن تدريجي ومنظم للتوظيف.
وفيما يتعلق بالأحداث الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، قال رئيس الفيدرالي الأمريكي إن الفيدرالي يراقب المخاطر الجيوسياسية بحذر وحتى الآن لم ينتج عنها مايقلقنا، مشيرا إلى أن الاحتمالات التي نتوقعها غير جازمة.
وأوضح خلال رده على الصحافيين أنه واثق من وصول التصخم إلى مستهدفاته، مشيرا إلى أن مخاطر سوق العمل تتضاءل.
سياسة التيسير النقدي تأتي بعد أن أصبح التضخم قريبا من مستهدف الفيدرالي الأمريكي عند 2%، ومحاولة تعزيز النمو الاقتصادي وتقوية سوق العمل.
تحركات الأسواق
سجلت الأسهم الأمريكية ثاني أسوأ هبوط هذا العام وسط توقعات الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة بوتيرة أبطأ خلال 2025. وسجل ناسداك تراجعا بـ 3.6%، وإس أند بي 3%، فيما تراجع داو جونز 2.6%.
وفيما يخص العملات المشفرة تراجعت بيتكوين 5%، فيما تراجعت أسعار الذهب 2%، وانخفض خام برنت 0.3%.
وهبطت المؤشرات خلال تعاملات اليوم وذلك بعد أن قال رئيس الفيدرالي إنهم سيحتاجون مرتين فقط من خفض الفائدة في 2025، فيما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 1.3%، كما هبط داو جونز 1.1%، بينما كان ناسداك الأكثر تراجعاً بنحو 1.7%.
قبل مارس 2022 كانت أسعار الفائدة عند أدنى مستوياتها بين 0.0 و0.25% المستمر منذ خفضها بالتزامن مع جائحة كورونا لتحفيز النمو الاقتصادي المتضرر حينها، فيما وصلت حاليا إلى نحو 5.5 % كأعلى مستوى منذ أكثر من 20 عاما.
وتراجعت العملة المشفرة بيكوين بنسبة 5.3% إلى 100752 دولاراً، بعد يوم من ارتفاعها فوق 108000 دولار لأول مرة، في ما كان ارتفاعاً قياسياً في قيمتها هذا العام، بحسب ما أظهرت البيانات التي جمعتها "بلومبرغ" أن أكبر سبع رموز رقمية من حيث القيمة السوقية كانت جميعها منخفضة.
ارتفعت أسعار النفط مع إشارة صادرات الخام الأميركية إلى الطلب العالمي القوي، قبل أن تقلص مكاسبها بعدما قلل بنك الاحتياطي الفيدرالي عدد تخفيضات أسعار الفائدة التي يتوقع إجراؤها العام المقبل.
تقدم خام "غرب تكساس" الوسيط بنسبة 0.7% ليستقر عند أقل من 71 دولاراً للبرميل، بينما ارتفع خام "برنت" قليلاً ليستقر فوق 73 دولاراً. تقلصت مكاسب خام "غرب تكساس" الوسيط بعد الجلسة، مع تعزيز توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي للدولار في عام 2025، مما جعل السلع الأساسية المقومة بالعملة أقل جاذبية.
الرابحون والخاسرون
في ظل ثبات الظروف الأخرى، تكون العلاقة عكسية بين أسعار الفائدة والأصول المقومة بالدولار، فالذهب علاقته عكسية بأسعار الفائدة، فمع خفض الفائدة تخرج السيولة من الأصول، التي تشبهه في انخفاض الأخطار، كعوائد السندات والودائع البنكية.
النفط يستفيد من الخفض مع تحفيز النمو الاقتصادي، بالتالي الطلب على الخام، كذلك العملات المشفرة، تستفيد من الخفض نظرا لتوجه الاستثمارات إلى الأصول عالية الأخطار.
كذلك أسواق الأسهم "تحديدا أسهم الشركات"، من المعلوم أن علاقتها عكسية مع أسعار الفائدة فخفضها الفائدة يخفض تكلفة التمويل على الشركات، وبالتالي تزيد استثماراتها وتوسعاتها فتنمو أرباحها.
ومع خفض أسعار الفائدة تتحول الاستثمارات من الودائع البنكية والسندات مع انخفاض عوائدها إلى الأسهم عالية المخاطر مع ارتفاع عوائدها، إضافة إلى توجه المستثمرين الذين يقترضون للمتاجرة في الأوراق المالية للاقتراض في ظل الفائدة المنخفضة فيزداد الزخم في أسواق الأسهم.
القطاع العقاري
من الطبيعي أن ترتفع أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة مع خفض أسعار الفائدة، نظرا إلى كونها أحد الأصول التي تتوجه السيولة الخارجة من الودائع البنكية إليها، بجانب نشاط القطاع مع الارتفاع المتوقع لاقتراض الشركات والأفراد.
يدعم خفض أسعار الفائدة الإنفاق والاستهلاك من قبل الأفراد والشركات، ويعزز النمو الاقتصادي للدول، ويخفض معدلات البطالة مع توفير وظائف جديدة نتيجة التوسع الاقتصادي.
على الجانب الآخر، يتضرر الدولار والعملات المرتبطة به من خفض الفائدة مع تراجع الطلب عليه، بينما تستفيد العملات الأخرى بخلاف الدولار والعملات المرتبطة.
تستفيد صادرات الولايات المتحدة الأمريكية والدول التي تربط عملتها بالدولار، نظرا إلى أن خفض أسعار الفائدة يخفض العملة الأمريكية والعملات المربوطة بها، بالتالي يرفع تنافسية منتجات هذه الدول خارجيا لانخفاض تكلفتها على المستوردين هناك، فيما انخفاض الدولار يقلل تكلفة الواردات الأمريكية، وكذلك الدول التي تربط عملتها بالعملة الأمريكية.
وحدة التحليل المالي