شهية الاستثمار العقاري آخذة بالارتفاع عالميا .. تراجع الفائدة يثير رياح الطلب

شهية الاستثمار العقاري آخذة بالارتفاع عالميا .. تراجع الفائدة يثير رياح الطلب

في ظل التغييرات الدولية متعددة الجوانب، يعد استكشاف ما يحمله العام الجديد من أخبار بشأن القطاع العقاري العالمي أمرًا شديد الأهمية.

القطاع يُعد من أبرز مؤشرات الاستقرار والنمو الاقتصادي، وتتأثر تحركاته بعوامل متعددة، بدءًا من السياسات النقدية وأسعار الفائدة، وصولًا إلى الابتكارات في تقنيات البناء والمخاوف البيئية المتزايدة.

تشير التقديرات الحالية إلى أن شهية الاستثمار العقاري آخذة في الارتفاع عالميًا مع تخفيضات أسعار الفائدة على تمويل القروض العقارية ، فقد وصلت معظم الأسواق العالمية إلى نقطة تحول، ودخل بعضها مرحلة جديدة توفر إمكانات تحقيق عائد إيجابي على الاستثمار العقاري.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) خفض في ديسمبر الماضي معدل الفائدة بواقع 25 نقطة أساس بحيث باتت تتراوح بين 4.25 و4.50% ، ورجح خفضين آخرين في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في كل مرة خلال عام 2025.


في ظل هذه التغيرات يرى بعض المستثمرين أن الظروف باتت ناضجة للاستفادة من الرياح المواتية في القطاع، في ظل محدودية العرض والطلب المتزايد.

مع ذلك، يرى معظم الخبراء أن الاستثمار في السوق العقارية لن يكون متوازنًا عبر المناطق الجغرافية والأسواق المختلفة. والمرجح أن يكون الاستثمار في الأصول المناسبة في المواقع الملائمة المفتاح لتحقيق أفضل أداء وأعلى ربح.

الخبير العقاري لويس ديفيد، يلخص المشهد الراهن والمستقبلي في سوق العقارات العالمية بالقول: "من المتوقع نمو القيمة الإجمالية لسوق العقارات العالمية في 2025 بنحو 5.1%. ومع ذلك، لا يزال التعافي غير متساوٍ بين المناطق".

وأضاف "ففي حين تظهر الأسواق في أمريكا الشمالية وأوروبا استقرارًا، تكافح الأسواق الصينية تحديات هيكلية، بينما تشهد الأسواق الناشئة في جنوب شرق آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط نموًا قويًا بفضل التوسع الحضري والاستثمارات في البنية التحتية".

يشير معظم الخبراء إلى أن القطاع العقاري العالمي ستتحكم فيه اتجاهات رئيسية في جميع المناطق الجغرافية. ومن بين تلك الاتجاهات، ستشكل المباني الخضراء نحو 40% من الإنشاءات الجديدة على المستوى العالمي، خاصة مع إعطاء الحكومات والشركات الأولوية لكفاءة الطاقة لتحقيق الأهداف الدولية لخفض الانبعاثات الغازية.

كما أن العقارات الحاصلة على شهادات خضراء تحصل على إيجارات وتقييمات أعلى بنسبة تصل إلى 15% مقارنة بنظيرتها التي لا تمتلك تلك الشهادات.

يترافق الاهتمام بالجوانب البيئية مع تكامل تكنولوجي يحدث ثورة في عمليات التشييد والبناء. فالسوق العالمية لتكنولوجيا العقارات يتوقع أن تنمو من 20 مليار دولار في 2024 إلى 35 مليار دولار في 2025. والشركات التي ستنجح في دمج الحلول التقنية مع جهود الحفاظ على البيئة، ستفلح في ترسيخ وجود استثماري طويل الأجل في أسواق العقارات.

في هذا السياق، يرى الخبير الاستثماري توم رودي أن الفرص ستكون وفيرة في 2025، لكن تحقيق الازدهار يتطلب من المستثمرين العقاريين فهم التفاصيل والفروق الدقيقة الناتجة عن إدماج الذكاء الاصطناعي في سوق العقارات العالمية.

ويقول رودي: "ستؤدي طفرة الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا في صناعة العقارات في مجالات الطلب، التصميم، والتوظيف. كما سيُسهم الذكاء الاصطناعي في تطوير المباني الذكية، ما يجعل الأصول العقارية أكثر كفاءة وجاذبية".

مع ذلك، تصطدم النظرة المتفائلة بأداء القطاع العقاري في 2025 بتحديات ومخاطر اقتصادية قد تقلب المشهد رأسًا على عقب.

وفي هذا الإطار، يعلق الباحث الاقتصادي ديفيد شين قائلًا: " أداء القطاع العقاري العام المقبل يتوقف على السياسات النقدية للبنوك المركزية. فإذا عاودت أسعار الفائدة الارتفاع، فإن ذلك سيردع التدفقات المالية من دخول القطاع العقاري، نظرًا لارتفاع تكاليف الاقتراض. كما أن الركود في الاقتصادات المتقدمة سيبطئ النمو ويضعف الطلب على العقارات".

يمكن القول إن مستقبل القطاع العقاري العالمي يكمن في المرونة والابتكار، ضمن مشهد اقتصادي دولي معقد وغير واضح الملامح. هذا يجعل مستقبل السوق العقارية مرهونًا أكثر من أي وقت مضى بالقدرة على التكيف مع التحديات، ضمن المفاهيم الحديثة المرتبطة بالاستدامة والتكنولوجيا بوصفها المحاور الرئيسية لنمو القطاع في العام المقبل.

الأكثر قراءة