اتجاهات المستهلِكين في 2025.. بوصلة تحرّكها التكنولوجيا وتوجهات الاقتصاد العالمي
تعدّ اتجاهات المستهلكين بوصلة توجه الاقتصادات العالمية بقدر ما تتأثر حركتها به أيضا؛ ويعد فهمها مفتاحا لاستشراف آفاق المستقبل؛ لذا، فقد استطلعت "الاقتصادية" آراء عدد من الخبراء في مجالات مختلفة لمعرفة أبرز التغييرات التي من المتوقع أن تطرأ على سلوك المستهلكين هذا العام، وتأثيراتها في تخصيص رؤوس الأموال في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ومن المتوقّع أن يشهد عام 2025 تحوّلات كبيرة في سلوك المستهلكين، تشكل ملامحها التطورات التكنولوجية والقيم المجتمعية المتغيرة والاتجاهات الاقتصادية العالمية. ولن ينحصر تأثير تلك التحولات على عام 2025 فحسب، بل سيمتدّ لسنوات طويلة مقبلة، ليطال القطاعات الاقتصادية والاتجاهات الاستثماريّة المختلفة.
المشهد الاستهلاكي في 2025 ربّما سيعكس تحوّلا عميقا نحو الاستدامة والتجارب الاستهلاكيّة والتجارة الرقميّة، بحسب آراء خبراء متخصصين. وستعمل تلك الاتجاهات على إعادة تشكيل ملامح الصناعات وتوفير فرص جديدة للشركات والمستثمرين على حد سواء.
وحول مشهد التغيرات الراهنة في أولويات المستهلكين وتأثيرها في الاستثمار، يتوقع خبير الاستثمار بنيامين جودويل أن يعكف المستثمرون على التركيز على قطاعات مثل الطاقة الخضراء والتجارة الرقميّة وتكنولوجيا الصحّة "التي تتوافق مع أولويات المستهلكين".
وفي حديث أجرته معه "الاقتصادية" قال جودويل "ستكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ والخليج العربي حواضن رئيسة للاستثمار هذا العام، خاصة في مبادرات التجارة الإلكترونيّة والاستدامة، نظرا لازدهار الطبقة المتوسّطة والفوائض الماليّة الضخمة."
المنتجات المستدامة محركا رئيسا
الدكتور إس. دي. هاريس، الخبير المتخصص في اقتصاد الاستدامة، يرى أن الطلب على المنتجات المستدامة سيواصل النمو مع إعطاء المستهلكين الأولوية لقضايا البيئة.
قال هاريس لـ"الاقتصادية" : "العام الماضي، كان 78% من المستهلكين على مستوى العالم على استعداد لتقبّل ارتفاع الأسعار مقابل الحصول على منتجات صديقة للبيئة، وتلك النسبة تزيد بنحو 12% على مثيلتها في 2023."
أضاف "ستركز الشركات الكبرى على تقديم منتجات مصممة لإعادة الاستخدام والتدوير؛ فالاستدامة لم تعد تفضيلا خاصا، بل أصبحت طلبا رئيسا للمستهلكين. والشركات التي ستفشل في دمج الممارسات الصديقة للبيئة مع منتجاتها تخاطر بفقدان حصتها السوقية."
وتابع "هذا يفسر الجاذبية التي تتمتع بها السندات الخضراء. ومن المتوقع أن تصل استثمارات صناديق البيئة الاجتماعية والحوكمة إلى تريليون دولار هذا العام."
الذكاء الاصطناعي سيترك بصمته
تعتقد إميلي تيلر، الباحثة في مجال التجارة والمنصات الرقمية، أن صعود الذكاء الاصطناعي كقوة رئيسة في الحياة اليومية سيترك بصمة ملحوظة على أنماط الاستهلاك هذا العام والأعوام المقبلة.
وفي حديث أجرته معها "الاقتصادية"، قالت تيلر: إن "الذكاء الاصطناعي سيشكّل كيفيّة تفاعل المستهلكين مع المنتجات والخدمات. ونحو 75% من المستهلكين يتوقّعون أن تفهم العلامات التجارية تفضيلاتهم. هذا التوجّه سيؤدّي إلى نمو الاستثمارات في برامج الذكاء الاصطناعي من 136 مليار دولار عام 2023 إلى 210 مليارات دولار بحلول عام 2025."
اقتصاد الصحة يؤدي دورا
تشهد صناعة الصحة ازدهارا كبيرا، مدفوعة بتركيز المستهلكين المتزايد على الصحة البدنية والعقلية. وتشير التقديرات إلى أن اقتصادات الصحة ستبلغ هذا العام 7 تريليونات دولار على المستوى الدولي.
ويرى الدكتور إم. جونسون، أستاذ الاقتصاد الاجتماعي، أن الوعي بالمخاطر الصحيّة بعد جائحة كورونا أدّى إلى تغيير أولويات المستهلكين بشكل دائم، ما وفر فرصا في الصحة الوقائيّة والعلاجات الرقميّة.
وقال جونسون في حديث لـ"الاقتصادية": إن "أغلب الدراسات تشير إلى تزايد إقبال المستهلكين على التقنيّات المتعلقة بمراقبة الصحة في الحياة اليوميّة، وكذلك الطلب على الأغذية الصحيّة. هذه السوق ستنمو بنحو 8% هذا العام."
تجارب السفر مرشحة للنمو عالميّا
يتوقع بعض الخبراء أن يتجاوز الإنفاقُ على التجارب الاستهلاكَ الماديَ هذا العام، حيث يمنح جيل الألفية والجيل "زد" الأولويّة للتجارب على السلع.
وتشير بعض الدراسات إلى أن 63% من المستهلكين يخططون لزيادة الإنفاق على التجارب، مثل السفر وتناول الطعام والترفيه.
ويرى مارك إيفانز، أستاذ التسويق في جامعة ليدز، أن ما وصفه باقتصاد التجربة "يعيد تشكيل الصناعات، حيث يقود السفر والضيافة هذا الاتجاه. وستكتسب الشركات التي تقدم تجارب لا تُنسى ميزةً تنافسيةً".
وتوقع إيفانز أن تنمو سوق السفر العالمية هذا العام 20%.