رحلة تحول مثيرة لقطاع السفر والسياحة .. تخطي الجائحة لانتعاش غير متوقع
يشهد قطاع السفر والسياحة رحلة تحول مثيرة، فبعد التحديات التي واجهها نتيجة جائحة كوفيد-19، لم يتعاف القطاع فحسب، بل إنه يزدهر، وفقا لموقع المنتدى الاقتصادي العالمي.
يعد قطاع السفر والسياحة من أكبر الصناعات على مستوى العالم، ويسهم بأكثر من 10% من إجمالي الوظائف ومن المتوقع أن ينمو بشكل كبير في السنوات القادمة. وهذا التوسع الاقتصادي لا يفيد الشركات فحسب، بل أيضا المجتمعات المحلية والمسافرين والبيئة.
لتحقيق هذه الرؤية، من الضروري تسخير الإمكانات الكاملة للقطاع من خلال النظر إليه بشكل شامل، وتعزيز التعاون عبر نظامه البيئي المتنوع، وكذلك معالجة بعض المفاهيم الخاطئة التي تحيط بهذا القطاع.
من ضمن هذه المفاهيم الخاطئة هي أن التعافي من كوفيد-19 كان بطيئا، لكن على العكس، إذ من المقرر أن يتجاوز الإنفاق الوطني على السفر في 2024 أرقام الأعوام السابقة في أكثر من 140 دولة، ما يشير إلى انتعاش قوي.
كما يمثل إنفاق المسافرون المحليون نحو 75% من إجمالي الإنفاق في قطاع السفر والسياحة، ما يسلط الضوء على قوة الاستكشاف المحلي، وليس فقط التركيز على السفر الدولي.
أما بالنسبة إلى السفر لأغراض العمل فلم يتراجع، بل من المتوقع أن يصل إنفاق هذه الصناعة العالمي إلى 1.5 تريليون دولار تقريبا في 2024، مع توقعات تشير إلى نموها إلى تريليوني دولار بحلول 2028.
ولا تقتصر الفوائد على البلدان المتقدمة، فالاقتصادات الناشئة تستحوذ اليوم على ما يقارب نصف تدفقات السياحة العالمية، ما يجعل السياحة من أكبر خمسة مصادر للصادرات لـ 80% من دول العالم.
كما أن الشركات الكبرى ليست وحدها من تجني كل المكافآت، في الواقع، 80% من الشركات في هذا القطاع هي شركات صغيرة ومتوسطة الحجم تعمل على تعزيز توظيف العمالة المحلية وتنمية المجتمعات.
ولم يكن هناك انخفاض في الوظائف، فالتوقعات تشير إلى إضافة نحو 100 مليون وظيفة في القطاع بحلول 2034، وهو أعلى من 350 مليون وظيفة تقريبا في القطاع اليوم.
يعد تقليل الانبعاثات أولوية رئيسة لقطاع السفر والسياحة، إذ تقدر نسبة الانبعاثات من القطاع اليوم بنحو 8٪ من الانبعاثات العالمية، ما يجعل تأثيره البيئي أقل من كثير من القطاعات الأخرى.
تسلط هذه الحقائق الضوء على قدرة القطاع على دعم النمو الاقتصادي والازدهار الشامل والتنمية المستدامة.
التأثير الاقتصادي لقطاع السفر والسياحة كبير، ففي 2024، من المتوقع أن يسهم القطاع بنحو 10% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي مع توقعات بأن يصل إلى 11.4%، أي ما يعادل 16 تريليون دولار بحلول 2034. ومن المتوقع أن يتفوق هذا النمو المتوقع على الاقتصاد العالمي بمقدار 1.5 مرة (3.7% مقابل 2.4% نمو حقيقي).
مع ذلك، تمتد الفوائد إلى ما هو أبعد من مجرد أرقام، حيث يعزز السفر التبادل الثقافي والتعاطف والتفاهم بين الثقافات والمناطق الجغرافية.
تشير دراسات إلى أن السفر يمكن أن يعزز السعادة وحتى يبطئ الشيخوخة، ما يدعم الرفاهية الشخصية إلى جانب المساهمات الاقتصادية.
رحلة المسافر - من الإلهام من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى الحجز والتفاعل مع الشركات المحلية - مدعومة بشبكة واسعة من أصحاب المصلحة.
ويسلط هذا الترابط الضوء على أهمية التعاون بين شركات الطيران ومقدمي الضيافة والشركات المحلية ومنصات التكنولوجيا.
ولا يمكن لجهة واحدة أن تقود التحول بمفردها، الشراكات القوية عبر سلسلة القيمة ضرورية للنجاح.
وإلى جانب هؤلاء اللاعبين الأساسيين، يعتمد القطاع على الصناعات المجاورة والداعمة، مثل البنية التحتية والاتصالات ومقدمي الخدمات، التي تجعل تجارب السفر سلسة وتضيف قيمة للوجهات السياحية.
يعمل القطاع بالفعل كمحفز للنمو، ومع ذلك، لتحقيق تأثير مستدام، يجب على أصحاب المصلحة تبني نهج شامل وأن يشترك جميع المعنيين في هذه الرؤية.