هل يعزز النفط مكاسبه

يبدو أن الارتفاع الحاد بأسعار النفط الذي شهدته السوق منتصف الأسبوع الماضي والذي تجاوزت فيه العقود الآجلة لخام برنت عتبة الـ82 دولارا للبرميل قد تباطأ مع نهاية الأسبوع، وسط التهدئة بين إسرائيل وحماس. مع ذلك، سجلت أسعار النفط رابع مكسب أسبوعي على التوالي مع تفاقم المخاوف بشأن تعطل إمدادات النفط بسبب الجولة الأخيرة من العقوبات الأمريكية على روسيا. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 1.3% على مدى الأسبوع إلى 80.79 دولار للبرميل. في حين، صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنحو 1.7% إلى 77.88 دولار للبرميل.

لقد أدت العقوبات الأخيرة، التي استهدفت 183 سفينة ومنتجا روسيا رئيسيا، إلى تعطيل سلاسل التوريد، ما أدى إلى تقليل توافر الناقلات وتعقيد الشحنات إلى كبار المستوردين مثل الصين والهند. ويقدر المحللون أن العقوبات قد تؤدي إلى إزالة ما يصل إلى 700 ألف برميل يوميا من السوق العالمية. ما يزيد من تشدد العرض ويدفع الأسعار إلى الارتفاع. ولكن الصين قد لا تكون على استعداد لدفع تكاليف أعلى لفترة طويلة. وبدلا من ذلك، قد تقلل من الواردات وتستخدم الاحتياطي، أو تستورد من الشرق الأوسط أو إفريقيا، أو تزيد من عمليات النقل من سفينة إلى سفينة لتجاوز الاختناقات اللوجستية.

حتى الآن، تكيف أسطول الظل الروسي مع العقوبات، ومن المرجح أن يجد حلولا بديلة مرة أخرى. والسؤال الرئيسي هو مدى سرعة حدوث ذلك – وما إذا كانت الإجراءات الفورية للصين تعوض عن أي ضغط على العرض. وقد يختار بعض المشترين تجاهل هذه العقوبات، وقد تعتمد روسيا أيضا بشكل أكبر على تلك الناقلات في أسطول الظل التي لا تخضع للعقوبات لمواصلة التجارة.

على جانب الطلب، تظل الإشارات متباينة. في الوقت الذي تعزز الطلب الموسمي على زيت التدفئة في الولايات المتحدة بسبب الشتاء الأكثر برودة من المعتاد، تقدم إشارات الطلب الأوسع صورة مختلطة. تشير بيانات التضخم الأمريكية إلى تخفيف ضغوط الأسعار، ما يدعم خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهذا بدوره قد يحفز النشاط الاقتصادي واستهلاك الوقود. من جهة أخرى، انخفض نشاط التكرير في الصين، مسجلا أول انخفاض سنوي في الإنتاج منذ 2022، ما قد يخفف من التفاؤل بشأن التعافي القوي للطلب.

بالفعل، يتباطأ نمو الطلب في الصين. في هذا الجانب، تتوقع أوبك أن ينمو الطلب الصيني على النفط بنحو 310 آلاف برميل يوميا فقط في 2025، وهو جزء بسيط من نموها التاريخي. في الوقت نفسه، يواجه اقتصاد الصين تحديات، والتحول نحو المركبات الكهربائية يقلل من جاذبية النفط على المدى الطويل.

في الوقت نفسه، لا تزال قدرة الصين على التحكم باحتياطياتها النفطية هائلة، وقدرتها في التأثير على الأسعار باقية. وإذا خفضت الصين الواردات أو استخدمت احتياطياتها بقوة، فقد تتمكن من إبقاء الأسعار تحت السيطرة على الرغم من انخفاض العرض الروسي.

وتظل العوامل الجيوسياسية محورية لسوق النفط، مع تخفيف التوترات في الشرق الأوسط في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وقد يخفف انتهاء الهجمات على السفن في البحر الأحمر من بعض الاختناقات اللوجستية، لكن مخاوف العرض لا تزال قائمة بسبب المواقف الأكثر صرامة المتوقعة من جانب الولايات المتحدة تجاه إيران وفنزويلا.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الشحن للناقلات الخاضعة للعقوبات وغير الخاضعة للعقوبات، ما يعكس تشددا أكبر في أسطول الشحن. وقد أدى هذا الاتجاه إلى تفاقم الضغوط الصعودية على جانب العرض مع تحول المتداولين إلى لوجستيات باهظة التكلفة على نحو متزايد.

السوق حاليا في حالة عدم يقين وتوتر عالية. العقوبات صعودية للأسعار في الأمد القريب، لكن إجراءات المخزون في الصين قد تعكس الاتجاه بسرعة. وبالنسبة إلى تجار النفط، يعني هذا البقاء في حالة تأهب لتحركات الصين بشأن الواردات وإطلاق الاحتياطيات.

إضافة إلى ذلك، عدم اليقين بشأن نمو الطلب والامتثال لإنفاذ العقوبات يجعل السوق عرضة لجني الأرباح. لذلك يتعين على المتداولين أن يظلوا يقظين، وأن يوازنوا بين فرص تحقيق المكاسب وإمكانية حدوث تصحيحات قصيرة الأجل في الأسعار.

بالنظر إلى الأمام، تظل توقعات سوق النفط صعودية بحذر خلال النصف الأول من 2025. ومع ذلك، لا تستبعد تصحيحات الأسعار إذا تدخلت الصين لكبح جماح السوق. على المتداولين مراقبة بيانات المخزون، نشاط الشحن وأي إشارات من الصين عن كثب – ستكون هذه هي المحركات الرئيسية في الأشهر المقبلة. في حين يتعين على "أوبك+" مراقبة مجموعة من محركات السوق، أبرزها العقوبات الأمريكية الأخيرة على النفط الروسي، والطلب من الهند والصين، وعلى كليهما البحث عن تأمين مصادر بديلة للإمدادات النفطية من روسيا وإيران.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي