جولة ثانية لمفاوضات التجارة الحرّة بين دول الخليج وإندونيسيا .. فرص استثمارية ضخمة
تبدأ يوم الأحد المقبل الجولة الثانية من مفاوضات التجارة الحرّة بين دول الخليج وإندونيسيا في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون في العاصمة السعودية الرياض، وفقا لما صرح به لـ "الاقتصادية" الدكتور رجاء المرزوقي، المنسق العام للمفاوضات ورئيس الفريق التفاوضي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية المعين.
وأوضح المرزوقي أن اجتماعا تنسيقيّا سيعقد بين ممثلي الدول قبيل انطلاق الجولة لتوحيد المواقف والرؤى.
وتوقع أن تشهد الجولات المقبلة تقدّما ملحوظا في المفاوضات، بفضل التزام كافّة الأطراف بالتوصّل إلى اتفاق يضمن فرصا تجاريّة واستثماريّة كبرى بين الجانبين، ما يؤدي إلى النمو الاقتصادي المتبادل، ويسهم في تحقيق الرؤى الاقتصادية للجانبين.
كانت الجولة الأولى من المفاوضات قد عُقدت في العاصمة الإندونيسيّة جاكرتا خلال الفترة من التاسع إلى الثالث عشر من سبتمبر الماضي. وشهدت تلك الجولة مناقشة موضوعات بهدف الاتفاق على مبادئ سير المفاوضات ووضع إطار جولات المفاوضات المستقبلية وأهدافها، لاستكمالها خلال 24 شهرا.
شملت الموضوعات التي طُرحت للنقاش خلال الجولة الأولى تجارة السلع، والخدمات، والاستثمار، والإجراءات الجمركيّة، وقواعد المنشأ، والحواجز الفنيّة للتجارة، والتدابير الصحيّة والنباتيّة، وتسهيل التجارة، والتجارة الرقميّة، والتدابير التجارية.
أساس "قيّم" لتوسيع التجارة والاستثمار
في 24 يوليو الماضي، صدر بيان مشترك لإطلاق هذه المفاوضات؛ أكّد وقتها الجانبان أنّ المفاوضات ستُفضي في النهاية إلى إبرام اتفاقيّة للتجارة الحرة بين الطرفين توفّر أساسا قيّما لتوسيع التجارة والاستثمار وتحقيق تعاون أكبر بين الطرفين.
ومن شأن هكذا اتفاقية أن تؤطّر للتشريعات والقوانين والإجراءات التي تحكم الاستثمارات بين الجانبين وتضع آليات تنفيذها وتوفّر فرص عمل جديدة. واعتبر الجانبان أنّ اتفاقيّة التجارة الحرّة ستكون بمثابة منصّة مهمّة لتحقيق الرؤى الاقتصادية لدول الخليج وخططها الإستراتيجية للتنويع الاقتصادي.
من جهته، وصف محمد ذو الفقار رحمت، الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية في جاكرتا، انطلاق المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين إندونيسيا ومجلس التعاون الخليجي أنه يمثل لحظة محورية في التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية هو أحد شركاء معهد الشرق الأوسط للأبحاث.
وقال ذو الفقار رحمت في مقال: إنه بينما ستتيح الاتفاقية المنتظرة إمكانيّة تعميق العلاقات التجارية وصنع فرص استثمارية جديدة بين إندونيسيا ودول الخليج، فإنها تمثل بالنسبة لجاكرتا فرصة إستراتيجية لتنويع شراكاتها الاقتصادية بما يتجاوز اتفاقياتها الحالية.
ويرى الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية أن التنويع يعد أمرا بالغ الأهمية لمرونة إندونيسيا الاقتصادية، حيث يحدّ من مخاطر الاعتماد المرتبطة بأيّ سوق واحدة، خاصة بالنظر إلى تجارتها الكبيرة مع الصين.
ثمار ستجنيها إندونيسيا
أوضح رحمت أن إندونيسيا يمكنها الاستفادة من أسواق جديدة وتقليل تعرضها للتقلبات في ديناميّات التجارة العالمية عبر تدعيم علاقاتها مع دول مجلس التعاون وتعزيز فرص وصولها إلى أسواق تلك الدول.
وتسعى إندونيسيا إلى زيادة صادراتها من السلع الأساسية، مثل زيت النخيل والمنسوجات والإلكترونيات، وهو نهج يهدف إلى تحقيق تنوّع يتماشى مع إستراتيجيتها الاقتصادية الأوسع نطاقا لتوسيع قاعدة صادراتها والحدّ من الاعتماد على أسواق السلع الأساسيّة المتقلّبة.
إضافة إلى ذلك، من الممكن أن تصبح اتفاقيّة التجارة الحرة بمثابة بوّابة للشركات الإندونيسية للوصول إلى فرص الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في قطاعات مثل البنية التحتيّة والطاقة والسياحة.
وبينما زادت إندونيسيا على مدى سنوات استثماراتها مع دول الخليج، فإنها تأمل في الاستفادة من الزخم الحالي لتحقيق أهدافها التنموية، التي تشمل توفير مزيد من فرص العمل والنموّ الصناعي في مختلف قطاعات اقتصادها.
ويرى ذو الفقار أنّ إقامة علاقات اقتصاديّة أوثق مع إندونيسيا يتماشى مع عديد من المصالح الإستراتيجية لدول الخليج، التي تسعى أيضا إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط، وذلك عبر الاستثمار في القطاعات التي تتفوّق فيها إندونيسيا، مثل الزراعة والتصنيع والتكنولوجيا.
أيضا، توفر سوق المستهلكين الكبيرة في إندونيسيا، والتي تتميز بمجتمع شاب، فرصة جذّابة للشركات الخليجية التي تتطلع إلى توسيع نطاق وصولها إلى أسواق خارج حدودها.
ووفقا لـ "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ" فقد نما معدل التبادل التجاري بين الجانبين منذ 2020 بنسبة 78%، وبلغ حجم التجارة 15 مليار دولار.
وتواصل دول الخليج إجراء مفاوضات مماثلة مع أطراف أخرى فيما يتعلق بمفاوضات التجارة الحرة، من بينها دول الاتحاد الأوروبي واليابان؛ كما أجرت الأسبوع الماضي، مفاوضات مع المملكة المتحدة في العاصمة البريطانية لندن.