"DeepSeek" يضع شركات "سيليكون فالي" في مأزق ويثير شكوك الانفاق الملياري
يبدو أن مطور الذكاء الاصطناعي الصيني المنخفض التكلفة "DeepSeek" وضع شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى في "سيليكون فالي" أمام منافسة شرسة بعد أن كبدها خسائر فادحة بلغت عشرات المليارات من الدولارات.
الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان، والذي رحب بإطلاق نموذج "آر وان" من " DeepSeek" ووصفه في منشور عبر منصة "إكس" بأنه "نموذج مبهر، قال إن "من الواضح أننا سنقدم نماذج أفضل كثيرا، وإنه لمحفّز شرعي أن يكون هناك منافس".
ووفقا لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات، فقد خسر أغنى 500 شخص في العالم، بقيادة جينسن هوانج، المؤسس المشارك لشركة "إنفيديا"، ما مجموعه 108 مليارات دولار أمس الاثنين، بعد عمليات بيع واسعة في القطاع بسبب “DeepSeek” الذي وصفه تقرير صحفي بـ "الملتزم" بسياسات بكين.
امتدت الخسائر إلى أسهم الشركات اليابانية المرتبطة بأشباه الموصلات، بما في ذلك "أدفانتست كورب" و"ديسكو"، حيث واصلت الانخفاضات التي سجلتها أمس الاثنين، وتراجعت شركات أخرى مرتبطة بالرقائق بما في ذلك "ليزرتك" و "سكرين هولدينغز" و "طوكيو إلكترون".
لم تسلم أيضا العملات الرقمية من الخسائر، وهبطت عملة بيتكوين أمس إلى أدنى مستوى في 11 يوما، وتذبذب سعرها اليوم عند مستوى 101800 دولار في تمام الساعة 10:21 صباحا بتوقيت سنغافورة، فيما تكبدت عملات مثل "إيثريوم" و"سولانا" خسائر أكبر على إثر الهبوط الحاد في مؤشر "ناسداك 100".
أيضا، تعرضت أسهم التكنولوجيا الأوروبية لضغوط بعد أن أثار "DeepSeek" مخاوف بشأن العوائد في قطاع الذكاء الاصطناعي والحاجة إلى رقائق باهظة الثمن.
تحد لـ "سيليكون فالي"
أحدثت " DeepSeek" مفاجأة كبرى هزت القطاع بإعلانها تطوير نسختها الأخيرة "آر1" بجزء صغير من التكلفة التي تتكبدها الشركات الكبرى في تطوير الذكاء الاصطناعي.
وأثار نموذج الذكاء الاصطناعي منخفض التكلفة من " DeepSeek" اهتماما عالميا، حيث يعد بمنزلة تحدٍ للشركات الأمريكية في سيليكون فالي.
وتقول الشركة: إن النموذج كلفها فقط 5.6 مليون دولار للتطوير، تحدياً للرواية السائدة في وادي السيليكون التي تؤكد أن الإنفاق الرأسمال الضخم ضروري لتطوير أقوى النماذج.
وتمكن تطبيق "DeepSeek" من تصدر سوق التطبيقات الأمريكية ليصبح التطبيق الأكثر تحميلا في متجر "أبل"، متفوقا على "شات جي بي تي".
وعدّ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نموذج الذكاء الاصطناعي هذا بمثابة "جرس إنذار" للشركات الأمريكية في سيليكون فالي؛ وقال إن من الضروري التركيز على المنافسة بدلا من الإنفاق المفرط.
منافس ملتزم بسياسات بكين
لم يتوقف المنافس الصيني عن إبهار العالم وصنّاع الذكاء الاصطناعي بقدراته وتكلفته المنخفضة، بل أذهل المستثمرين أيضا بأدائه الحسن فيما يخصّ المواضيع الحسّاسة في بكين، وفقا لما ذكرته "فرانس برس".
وذكرت الوكالة الفرنسية أن نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني "يتقيّد بالنهج السياسي للنظام الشيوعي، ولا يتوانى حتّى عن الإقرار بالأمر عند توجيه أسئلة له في هذا الشأن".
وأشارت إلى أن النموذج الصيني "مبرمج" لتقديم إجابات تتماشى مع الموقف الرسمي لبكين، بدءا من وضع جزيرة تايوان إلى قمع التظاهرات المنادية بالديمقراطية في تيانانمن مرورا بشينجيانج، بالإضافة إلى موضوعات أخرى.
وفي رد على أحد الأسئلة المتعلقة بمظاهرات ساحة تيانانمن 1989، والتي تعدّ مسألة في غاية الحساسيّة في الصين، قال " DeepSeek" إنه ليس بوسعه الإجابة، وقال أيضا إنه "مساعد ذكاء اصطناعي مصمّم لتقديم إجابات مفيدة وغير مؤذية".
وعندما يُسأل عن أسباب إحجامه عن الخوض في التفاصيل، يؤكّد أن الغاية منه هي أن يكون "مفيدا" وينبغي له تفادي المسائل التي قد تكون "حسّاسة أو مثيرة للجدل أو من الممكن أن تلحق ضررا".
