النفط تحت ضغط التوترات الجيوسياسية والأعين على الرسوم المتبادلة بين واشنطن وبكين
سيتواصل الضغط على أسواق النفط في ظل حالة عدم اليقين التي أفرزتها التوترات الجيوسياسية منذ تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وفقا لما توقعه محللون نفطيون تحدثوا لـ"الاقتصادية"، وذلك على الرغم من تأجيل تحالف "أوبك +" الزيادة التدريجيّة في إنتاج الخام حتى أبريل المقبل.
ومحت أسعار النفط مكاسبها السابقة مع تراجعها على إثر انحسار حدة التوترات التجارية في أمريكا الشمالية بعض الشيء، بعد أن أرجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية كان قد أصدر أمرا بتطبيقها على الجارتين المكسيك وكندا.
وقبل أيام، أعلنت الإدارة الأمريكية فرض رسوم جمركية بـ25% على الواردات من المكسيك، ومثلها على الواردات القادمة من كندا، باستثناء الطاقة، التي فرضت عليها رسوما نسبتها 10% فقط. كما فرضت رسوما بـ10% على الواردات من الصين.
وقبل أن يدخل تطبيق الرسوم حيز التنفيذ، علّق ترمب التنفيذ لمدة شهر، وقال إن مفاوضات ستجري بين البلدين للوصول إلى اتفاق بشأن مكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية. الحال ذاتها انطبقت على كندا، التي قال رئيس وزرائها جاستن ترودو إنه ورئيسة المكسيك كلوديا شينباوم اتفقا على تعزيز مراقبة الحدود استجابة لطلب ترمب.
تراجعت حدة التوتر بين الولايات المتحدة من جهة، وكندا والمكسيك من جهة أخرى، كان أحد العوامل التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط؛ لكن هناك عوامل أخرى أسهمت في محو المكاسب التي حققها الخام.
والساعة 12:40 بتوقيت جرينتش، كان خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي منخفضا 02.17% إلى 71.58 دولار للبرميل، في حين تراجع خام برنت 1.30% إلى 74.96 دولار.
عوامل ضغط
يرى الخبراء أن حالة عدم اليقين المستمرة، والناتجة عن التوترات الجيوسياسية العالمية والرسوم الجمركية المقبلة على الاقتصادات الكبرى، ما زالت تفرض الضغوط على أسواق الطاقة.
ولم تعلن الإدارة الأمريكية تعليق الرسوم الجمركية التي فرضتها على الصين بـ10% كما فعلت مع جارتيها؛ في المقابل، فرضت بكين رسوما جمركية إضافية على عدد من المنتجات الأمريكية ردا على الرسوم التي فرضتها واشنطن على منتجاتها ودخلت حيز التنفيذ اليوم.
ولفت المختصون أيضا إلى أن تباطؤ نشاط المصانع في الدول المستوردة الرئيسية يشير إلى ضعف الطلب، ما يؤدي إلى إضعاف توقعات النفط والغاز الطبيعي، عادين أن هذا المزيج من عدم اليقين الجيوسياسي والمؤشرات الاقتصادية الهشة يؤدي إلى ضغوط مستمرة على أسعار الطاقة في الأجل القريب.
وقال جون هال، مدير شركة "ألفا إنرجي الدولية"، لـ "الاقتصادية": إن أسعار النفط الخام انخفضت "وسط مخاوف متزايدة في أعقاب تصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين".
أما فولفجانج إلياس، مدير شركة "إنرجي فيينا"، فقال لـ "الاقتصادية": إنّ المتعاملين في السوق يراقبون المفاوضات التجاريّة عن كثب، حيث أعلن ترمب أنه يتوقّع التحدّث مع الصين خلال 24 ساعة، محذرا من فرض تعرفات جمركية "كبيرة للغاية" إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
أيضا، رجّح مختصون أن يسهم قرار "أوبك+" بالحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية وإرجاء الزيادة التدريجية في زيادة تقلّبات السوق، حيث يرون أن من شأن هذا أن يجعل العرض ثابتا على الرغم من تقلّب الطلب.
قرار "أوبك+"
جاء اجتماع التحالف النفطي أمس الاثنين موافقا لتوقعات السوق، حيث لم يشر إلى أي تغيير في سياسات الإنتاج، التي أُعلنت في ديسمبر الماضي، عندما قرر التحالف تأجيل الزيادة التدريجية في الإنتاج إلى أبريل المقبل وإطالة أمد التدرج في تعزيز الإنتاج.
لكن على الرغم من ذلك، فإن بعض المحللين يعتقدون أنه ربما كان على "أوبك+" أن يخفض الإنتاج في ظل حالة عدم اليقين الحالية، ويخشون أن من شأن القرار إضافة المزيد من الضغط على الأسواق.
وقال فيتوريو موسازي، مدير الشراكة الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، لـ "الاقتصادية": إن "أوبك+ جدد التأكيد على سياسته... خاصة بعد أن حثّ ترمب أوبك على خفض أسعار النفط بحجة أن الأسعار المرتفعة تفيد روسيا وسط حربها المستمرة في أوكرانيا".
ويترقب المستثمرون بيانات مخزون النفط الأمريكي للأسبوع المنتهي في 31 يناير، حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع مخزونات الخام، مقابل انخفاض متوقع في مخزونات البنزين والمقطرات.