سندات لبنان تستأنف ارتفاعها مع قرب الاتفاق على وزير للمالية
عاودت السندات الحكومية اللبنانية المتعثر سدادها ارتفاعها بعد جمود استمر 3 أسابيع، في الوقت الذي يقول فيه متعاملون ومراقبون محليون للأوضاع السياسية إن المحادثات حول تعيين وزير للمالية وصلت إلى المرحلة الأخيرة.
حققت السندات الدولارية، التي يتراوح تاريخ استحقاقها ما بين عامي 2026 و2037، عائداً مجمعاً بنسبة 7.6% للمستثمرين خلال الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء، لتحقق مكاسب بأكثر من 200% خلال العام الفائت، بحسب البيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
ويُعد ذلك أفضل أداء بين 70 دولة ناشئة وواعدة خلال هذا الأسبوع ومنذ فبراير 2024 أيضاً. ويأتي الارتفاع بعد موجة بيع قصيرة أدت إلى تسجيل سندات لبنان أسوأ أداء بين الأسواق الناشئة.
أدت الخلافات الحزبية بين المشرعين إلى تأخر تعيين وزير المالية، ما أثر سلباً على توقعات تشكيل حكومة فاعلة وإعادة هيكلة الديون في نهاية المطاف. مع ذلك، تشير التقارير الحديثة الواردة من البلاد إلى أنه يجري تذليل العقبات في المفاوضات والاستجابة لمطالب الفئات الدينية والسياسية المتنوعة التي تشكل المؤسسة السياسية في لبنان.
الوضع السياسي يدعم سندات لبنان
أرجع غويدو كاموروم، مدير أول لمحفظة استثمار في الأسواق الناشئة لدى شركة "بيكتت أسيت مانجمنت" (Pictet Asset Management)، عودة السندات للارتفاع إلى سببين، "الأول هو توقعات شغل منصب وزير المالية في وقت قريب جداً. والثاني أن لبنان واحد من بلدين فقط ضمن الأسواق الناشئة كلها، بجانب فنزويلا، التي لا يزال سعر سنداتها يُتداول بأقل من 20 سنتاً على الدولار".
يواجه لبنان أزمة اقتصادية منذ 2019 نتيجة الفساد وسوء الإدارة، ما أدى إلى تخلفه عن سداد سندات دولية بقيمة 30 مليار دولار. وفي ظل تفاقم الفقر وتزايد تكاليف الحرب، استمر الخلاف بين ساسة البلاد حول الطريق إلى المستقبل، ما ترك منصب الرئيس خالياً لمدة 26 شهراً. كما أخفقوا في تنفيذ الإصلاحات التي اشترطها صندوق النقد الدولي، ما حرم البلاد من حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار جرى الاتفاق عليها في 2022.
راهن مديرو الأموال لسنوات على تحسن المناخ السياسي في لبنان، ليكتشفوا خطأ توقعاتهم أكثر من مرة، ويشهدوا انخفاض أسعار السندات إلى 6 سنتات على الدولار. مع ذلك، شهدت الأوضاع تقدماً كبيراً مع بداية هذا العام، تمكنت القوى السياسية مؤخراً من انتخاب جوزاف عون المدعوم أميركياً رئيساً للجمهورية اللبنانية. كما تمّ تسمية نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية، كرئيس للحكومة، بما يفسح المجال أمام تعيين وزير للمالية وحاكم لمصرف لبنان المركزي. غير أن الأمور لم تسر بسلاسة منذ ذلك الحين.
أوضح كريم إميل بيطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القديس يوسف في بيروت، أن "الثنائي عون وسلام يحظيان بتأييد دولي، لكن عليهما الحفاظ على رضا الأطراف المحلية نسبياً لينجحا في سعيهما".
صعوبة المفاوضات متوقعة
تُتداول السندات اللبنانية حالياً عند سعر يبلغ نحو 17 سنتاً، ما يُعد أعلى مستوى منذ 2021. ولم تكن المكاسب المستمرة نتاج التطورات السياسية المحلية وحدها، بل والتفاؤل بزيادة احتمالات إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، بحسب ما قاله سويرين مويرتش، مدير محفظة استثمار لدى مصرف "دانسكه بنك" (Danske Bank)، والذي اشترى السندات العام الماضي بمتوسط سعر 6.5 سنت.
وأضاف مويرتش، الذي ما يزال يحوز السندات، أن صعوبة المفاوضات كانت متوقعة دوماً، ولم يكن مسار التقدم سيخلو من العقبات أبداً. كما أن عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة زادت احتمال دعم الولايات المتحدة إجراءات لتعزيز أمن إسرائيل، ما فسره المستثمرون على أنه إضعاف لحزب الله، الجماعة العسكرية السياسية ذات النفوذ في لبنان.
ما تزال البلاد تترنح تحت وطأة الحرب بين حزب الله وإسرائيل، وتواجه الحكومة الجديدة تحدياً يتمثل في الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الهش. حيث صرحت إدارة ترمب بأنه كان لا بد من تمديد فترة الستين يوماً التي حددها الاتفاق الأولي، وتنتهي في نهاية يناير، حتى 18 فبراير، لإمهال القوات الإسرائيلية مزيداً من الوقت للانسحاب. واختتم مويرتش: "تتزايد الديمقراطية مع تراجع نفوذ حزب الله".