مخاوف الطلب تتغلّب على عوامل نقص المعروض وتهوي بأسعار النفط
يرى محللون أن أسعار النفط في الأسواق العالمية تقع تحت ضغط أحدثته مخاوف تراجع الطلب الناتجة عن احتمال نشوب حرب تجارية في ظل تهديدات الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة وشركاء تجاريين رئيسيين.
وعلى الرغم من أن هذا الضغط تقابله عوامل دعم لأسعار الخام، أبرزها احتمالات تقلّص المعروض، فإن المحللين يرون أن ضغوط تراجع الطلب تتفوق على عوامل الدعم، على نحو يجعل الأسعار مرشحة للتراجع، بعد هبوط لثلاثة أسابيع متتالية.
كانت أسعار النفط قد ارتفعت بأقل من 1% في نهاية تعاملات يوم الجمعة، السابع من فبراير، في محاولة لتعويض بعض الخسائر التي مُنيت بها في الجلسات الماضية مع ترقب الأسواق لتطورات حرب الرسوم الجمركية.
وعلى الرغم من ذلك، فقد سجلت ثالث انخفاض أسبوعي على التوالي، بسبب تضرّرها من تجدّد الحرب التجارية التي يشنّها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على الصين وتهديداته برفع الرسوم الجمركية على دول أخرى.
وسجل خام غرب تكساس الوسيط خسارة شهرية بلغت 3.49% عند 71 دولارا للبرميل، بينما تراجع خام القياس العالمي مزيج برنت 2.28% على أساس شهري إلى 74.66 دولار للبرميل.
عرض وطلب
ويخشى محللون متخصصون في أسواق النفط من أن الرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب على الصين ستؤدي إلى تقليص الطلب على الخام، على نحو يفوق في أثره ما سينتج عن الجولة الأولى من العقوبات الأمريكية ضد إيران، التي من المحتمل أن تؤدي إلى بعض التراجع في المعروض من الخام.
في الوقت ذاته، أكدت شركة "إنبريدج" الكندية أن الرسوم الجمركية الأمريكية المحتملة على واردات الخام الكندية لم يكن لها حتى الآن تأثير كبير في التدفقات عبر الحدود على نظام خط أنابيبها الرئيسي الذي يبلغ 3 ملايين برميل يوميا.
وتدير "إنبريدج" نظام خط الأنابيب الرئيسي، الذي تصفه بأنه أكبر نقطة تجارية بين كندا والولايات المتحدة، فضلا عن أكبر محطة لتصدير النفط الخام الأمريكي بالقرب من كوربوس كريستي في تكساس.
ويقول محللون متخصصون في أسواق النفط إن ترمب يدرس الإعلان عن "رسوم جمركيّة متبادلة في الغالب" على عدد غير معلن من البلدان، في تحوّل محتمل عن خطة الحملة الانتخابيّة لفرض رسوم جمركية عالمية تراوح بين 10 و20% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة.
وكان من المفترض أن تدخل الرسوم الجمركية الأمريكية على كندا والمكسيك حيز التنفيذ في الرابع من فبراير، قبل أن تؤجّل الأسبوع الماضي إلى أوائل مارس المقبل.
واعتبر المختصون أن الحرب التجارية، واحتمالات انتشارها، أثارت المخاوف من تعثر الطلب على النفط الخام وحدوث تخمة في وقت لاحق من العام، بينما العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن على طهران ربما لن تؤدي إلى زيادة الاضطرابات في الإمدادات.
في هذا الإطار، قالت مديرة شركة "كوليميدر"، وهي واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في النمسا، لـ "الاقتصادية": إن "الطلب أيضا يتراجع على ما يبدو. المصافي في الصين خفّضت معدلات التشغيل إلى أدنى مستوياتها منذ بداية الوباء (جائحة كورونا) وقد أدت العقوبات الأمريكية السابقة على روسيا إلى خفض مصدر رئيسي لإمدادات النفط الخام إلى الصين".
أما مدير الاستثمار في بنك "بي.كيه.تي" في ألبانيا ألبير تونكا، فقال لـ "الاقتصادية": إن "حالة عدم اليقين تحيط بسوق النفط الخام، ترقّبا لمستجدات قرارات الإدارة الأمريكية".
أضاف: "بينما تقع أسعار الخام بالفعل تحت ضغط، فإنها تُظهر علامات على تعاف نسبيّ؛ ولكن تخشى السوق من أن تؤدّي الرسوم الجمركيّة الأمريكية على السلع الصينيّة إلى تفاقم التباطؤ الاقتصادي".
العضو المنتدب لشركة "كيو.إتش.ايه" روس كيندي لخدمات الطاقة اعتبر بدوره أنّ أسواق الخام تتكيّف من جديد مع التقلّبات التي أحدثها ترمب.
وقال لـ "الاقتصادية" إنه "في وقت سابق، كان من المقرر أن تدخل الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، أكبر مصدرين أجنبيين للنفط الخام للولايات المتحدة، حيّز التنفيذ قبل تأجيلها؛ كما حرك ترمب أيضا العقود الآجلة مع تعليقات تشير إلى أنه يريد خفض أسعار النفط".