التبني الآمن للذكاء الاصطناعي وأثره في سوق العمل على أجندة "قمة باريس"

التبني الآمن للذكاء الاصطناعي وأثره في سوق العمل على أجندة "قمة باريس"
مقر قمة باريس للذكاء الاصطناعي. "الفرنسية"

سيناقش زعماء سياسيون ووجوه بارزة في عالم التكنولوجيا التناول الآمن للذكاء الاصطناعي خلال أعمال قمة باريس الدولية، التي انطلقت أعمالها اليوم الاثنين بمشاركة نحو 1500 شخصية وتستمر حتى غد الثلاثاء.

وتراجع الحرص على كبح جماح الذكاء الاصطناعي منذ النسختين السابقتين للقمة، واللتين عقدتا في بريطانيا وكوريا الجنوبية ولفتتا انتباه القوى العالمية على أخطار تلك التكنولوجيا بعد إطلاق تطبيق "تشات جي.بي.تي" في 2022 وانتشاره بسرعة هائلة.

ويتزايد الضغط على الاتحاد الأوروبي لاتباع نهج أكثر تساهلا في التعامل مع الذكاء الاصطناعي وإبقاء الشركات الأوروبية في سباق التكنولوجيا، بينما يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتحطيم القيود على الذكاء الاصطناعي لتعزيز تنافسية للولايات المتحدة.

وأعلن أكثر من 60 شركة كبيرة اليوم الاثنين على هامش القمة إطلاق تحالف يهدف إلى جعل أوروبا "رائدة عالميا" في مجال الذكاء الاصطناعي وتبسيط الإطار التنظيمي الأوروبي "بشكل كبير".

كما أعلنت 9 دول، بما فيها فرنسا، وجمعيات وشركات، أمس إطلاق مبادرة تسمى "الذكاء الاصطناعي الحالي" من أجل "ذكاء اصطناعي للمصلحة العامة" باستثمار أولي مقداره 400 مليون دولار وبرعاية 11 من رواد قطاع التكنولوجيا.

وخصصت شركة "ميسترال" الفرنسية مليارات اليوروهات لإنشاء أول مركز بيانات مخصص للذكاء الاصطناعي في منطقة إيسون جنوب العاصمة الفرنسية، وفقا لما أعلنه رئيسها أرتور مينش قبيل افتتاح القمة الدولية.

مرونة مطلوبة

"هناك احتمال أن يقرر البعض ألا تكون هناك قواعد، وهذا أمر خطير. ولكن هناك أيضا احتمال معاكس، إذا قيدت أوروبا نفسها بكثير من القواعد (...) لا ينبغي لنا أن نخاف من الابتكار"، وفقا لما نقلته صحف فرنسية عن رئيس البلد المضيف إيمانويل ماكرون.

وستعلن فرنسا استثمارات في القطاع الخاص بقيمة إجمالية تبلغ نحو 109 مليارات يورو، بحسب ماكرون.

ووافق نواب البرلمان الأوروبي العام الماضي على قانون التكتل للذكاء الاصطناعي، ليمثل أول مجموعة شاملة من القواعد التي تحكم تلك التكنولوجيا في العالم.

لكن ما زال هناك تباين واضح في إستراتيجيات تنظيم عمل الذكاء الاصطناعي بين أمريكا وأوروبا، يتجلى في خطوات مبكرة اتخذها ترمب بشأن هذا القطاع.

وقالت المبعوثة الخاصة للرئاسة الفرنسية إلى القمة آن بوفيرو: "حان الوقت للانتقال من الخيال العلمي إلى العالم الحقيقي في ما يتعلق بتطبيق الذكاء الاصطناعي"، وفقا لما نقلته عنها وكالة "فرانس برس".

وقال سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه.آي في مقال رأي في صحيفة لو موند قبل القمة "إذا كنا نريد النمو والوظائف والتقدم، فيجب علينا السماح للمبتكرين بالابتكار وللبناة بالبناء وللمطورين بالتطوير".

تحذيرات

"هناك اختلاف شاسع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي فيما يتعلق بالقواعد التنظيمية" وفقا لما نقلته "رويترز" عن بريان تشين، مدير السياسات في (داتا اند سوسايتي)، وهي منظمة غير ربحية تتخذ من الولايات المتحدة مقرا وتبحث في الآثار الاجتماعية للذكاء الاصطناعي.

"ستكون هناك ضغوط من الولايات المتحدة وأطراف أخرى لإضعاف قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي وإضعاف تلك الحماية القائمة" يحذر تشين.

ومن المنتظر أن تتحدث الوفود أيضا عن إدارة احتياجات الذكاء الاصطناعي الهائلة من الطاقة وسط الاحتباس الحراري الذي يشهده الكوكب، وكذلك عن الذكاء الاصطناعي في الدول النامية. وهناك مناقشات حول إصدار بيان غير ملزم.

تركز القمة أيضا على تأثير الذكاء الاصطناعي في أسواق العمل، وسط تحذيرات من أن هذه التكنولوجيا المتطورة ستحدث تغييرات جوهرية في الوظائف على نحو يستدعي التجهز لهذه التحولات.

وعبرت قيادات عمالية عن قلقها من أثر الذكاء الاصطناعي على العاملين.

مخاوف سوق العمل

إن ما يقال عن أن الذكاء الاصطناعي سيوفر وظائف جديدة ليس حلا بسيطا لاستبدال بعض المهن، وفقا للمدير العام لمنظمة العمل الدولية جيلبرت هونجبو.

وحذر هونجبو اليوم في القمة من أن أتمتة العمل بواسطة الذكاء الاصطناعي ستلحق ضررا أكبر بالنساء، ما يهدد بتفاقم التفاوت مع الرجال، وقال "نعلم أن معظم الوظائف التي سيتم أتمتتها ستكون وظائف تشغل غالبيتها النساء".

يُتوقع أن يؤثر الذكاء الاصطناعي في 2.3% من الوظائف في جميع أنحاء العالم، أي على نحو 75 مليون وظيفة، بحسب المنظمة الأممية.

وينتظر الإعلان خلال القمة عن تعهد لمطالبة أصحاب الأعمال بالتركيز على الحوار المجتمعي وأهمية التفاوض في الوقت الذي ينتشر فيه الذكاء الاصطناعي، وفقا للأمين العام لاتحاد "يوني جلوبال يونيون" كريستي هوفمان.

يحضر القمة سياسيون كبار من بينهم نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس ونائب رئيس الوزراء الصيني تشانج قوه تشينج. وذكر مكتب الرئاسة الفرنسية أن من المقرر أن يلتقي ماكرون مع تشانج اليوم الاثنين ومع فانس غدا الثلاثاء.

الأكثر قراءة