رغم قوة هوامش التكرير .. المخزونات الأمريكية تضغط على النفط وتوقف مسيرة صعوده
أوقفت بيانات المخزونات الأمريكية مسيرة صعود أسعار النفط، التي استمرت 3 أيام وارتفع خلالها خام برنت 3.6% والخام الأمريكي 3.7%، على الرغم من تحسن هوامش التكرير في آسيا وأوروبا، وفقا لما يراه محللون تحدثوا لـ"الاقتصادية".
وبحلول الساعة 01:20 بتوقيت جرينتش، انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة تسليم مارس 1.23% إلى 72.42 دولار للبرميل، بينما تراجعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم أبريل 1.01% مسجلة 76.21 دولار.
وتحدثت تقارير عن زيادة كبيرة في المخزونات الأمريكية، بينما ما زالت المخاوف بشأن الرسوم الجمركية تفرض ضغوطا على معنويات السوق.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يسجل متوسط السعر الفوري لخام غرب تكساس الوسيط 70.62 دولارًا للبرميل خلال العام الجاري، بزيادة 0.4% عن تقديرات يناير الماضي، البالغة 71.31 دولار. كما رفعت توقعاتها لسعر خام برنت 0.3%، ليصل إلى 74.50 دولار للبرميل في 2025، مقابل تقديرات سابقة عند 74.31 دولار.
توقع " كوميرتس بنك" في المقابل ارتفاع أسعار النفط بقوة في الأسابيع المقبلة، حيث يشير إلى أن تأثير العقوبات المشددة ضد روسيا وإيران على إمدادات النفط جرى التقليل من شأنه.
تراجع بعد صعود وجيز
يرى "كوميرتس بنك" أن النفط ارتفع في بداية هذا العام بسبب زيادة الطلب على التدفئة مع برودة الشتاء في نصف الكرة الشمالي والتدابير الأمريكية ضد صناعة الخام في روسيا، مرجعا تقلص المكاسب لاحقا إلى المخاوف من تضرر اقتصادات كبرى والطلب العالمي من الرسوم الجمركية الأمريكية.
وفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسوما جمركية نسبتها 10% على الواردات الصينية، ثم أعقبها برسوم جمركية نسبتها 25% على واردات الصلب والألمنيوم من دول العالم المختلفة، بينما تعهد بفرض مزيد من الرسوم على منتجات ودول أخرى.
كان ترمب قد فرض أيضا رسوما جمركية على الجارتين والشريكتين التجاريتين الرئيسيتين، المكسيك وكندا، قبل أن يعلق تطبيقها لمدة شهر واحد في أعقاب تعهدات من البلدين بالتعاون في مكافحة الهجرة غير الشريعة وعمليات التهريب العابرة للحدود.
غير أن انصراف الأنظار إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على سفن وكيانات تتعامل مع النفط الإيراني والروسي منذ أكتوبر الماضي أعطى بعض الدعم لأسعار الخام، التي ارتفعت هذا الأسبوع، حيث عطلت تلك القيود التجارة مع كبار المستوردين، الصين والهند.
وحقق النفط مكاسب جيدة "وسط مؤشرات على أن العقوبات الأمريكية تعوق إمدادات الخام الروسية" وفقا لمدير تنمية الأعمال في شركة "كيبكو" الكورية لي سيونج هاري.
وبلغت كمية النفط الروسي والإيراني العالقة على متن سفن أعلى مستوياتها في عدة أشهر، مع تراجع عدد المشترين بسبب تشديد العقوبات الأمريكية، وفقا لما نقلته رويترز عن مصادر تجارية ومحللين.
و"تقطعت السبل بملايين البراميل من النفط الخام من المنصات الروسية في المحيط الهادئ بعد إدراج الناقلات المكوكية التي كانت تنقلها إلى الصين على القائمة السوداء" بحسب ما قاله لـ"الاقتصادية" مدير تنمية الأعمال في شركة " كيبكو" الكورية سيونج هاري، موضحا أن إنتاج روسيا من النفط الخام الشهر الماضي انخفض إلى ما دون حصة البلاد في تحالف "أوبك+".
المخزونات الأمريكية تضغط
ما زالت التوقعات بشأن فائض النفط العالمي تلقي بثقلها على التوقعات طويلة الأجل، حيث توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية فوائض أكبر ما التوقعات السابقة للعامين الجاري والمقبل، بدعم النمو المستمر في إنتاج الدول خارج "أوبك" والتوقعات بأن العقوبات سيكون لها تأثير محدود في الإنتاج الروسي.
ونقلت تقارير عن بيانات معهد البترول الأمريكي أمس أن مخزونات الخام في الولايات المتحدة زادت 9.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 7 فبراير الجاري.
غير أن مختصين يشيرون إلى أن المخزونات الأمريكية تمضي في الاتجاه الصحيح، حيث وصل إجماليها إلى أدنى مستوياتها منذ 2022، وهي الآن أقل بكثير من متوسطها على مدى 5-10 سنوات.
ويكافح خاما غرب تكساس الوسيط وبرنت للحفاظ على الزخم في ظل مخاوف الرسوم الجمركية وعدم اليقين الاقتصادي الذي يؤثر في توقعات الطلب، بينما يراقب المتداولون هوامش التكرير والمخاطر الجيوسياسية لتحديد اتجاه السوق.
وأثرت مخزونات الخام وعدم اليقين الاقتصادي على المعنويات "ما أدى إلى قطع مسيرة الصعود التي استمرت 3 أشهر، وفقا لما قاله لـ"الاقتصادية" المدير العام لشركة "مي تيك" الألمانية هانز يورجن كيرتسل.
لكن تحسن هوامش التكرير حد من الهبوط، وفقا لما قاله لـ "الاقتصادية" مدير مركز أبحاث الطاقة الجديدة في اليابان تادانوري تاناهاشي، الذي يرى أن هذا التحسن أسهم في دعم الطلب، وتوقع أن تكون للرسوم الجمركية آثار اقتصادية واسعة النطاق "بما في ذلك التأثير في ديناميات التجارة العالمية وتكاليف الإنتاج، وأسعار المستهلك".