رسالة الخطأ

Search is temporarily unavailable. If the problem persists, please contact the site administrator.


التضخم الأمريكي والسيطرة عليه دون صدمة اقتصادية

يواجه الأمريكيون مشكلات في استقرار الأسعار والاقتصاد بشكل عام، واستمرار التضخم فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% يشكل تحديًا كبيرًا، حيث نما مؤشر المستهلكين الأساسي ليناير 2025 بنسبة 3.3% على أساس سنوي، وهو المستوى الأعلى منذ أبريل 2023، وهذا الأمر يثير مخاوف المسؤولين في الفيدرالي.

يواجه الاقتصاد الأمريكي قضايا تعود إلى الواجهة من جديد، منها آثار رفع التعريفات الجمركية، تخفيضات الضرائب والعجز التجاري، وهي عوامل تؤثر بشكل مباشر في ثقة المستهلكين والمستثمرين، حيث ارتفعت العقود الآجلة للمعادن بنسبة تراوح بين 5 و7% منذ إطلاق سياسات الرسوم الجمركية ضد عدد من الدول.

فرض رسوم جمركية بشكل مفرط يعكس توقعات بارتفاع التكاليف في القطاعات الصناعية خصوصًا أن تكلفة المستوردين الأمريكيين ارتفعت بالفعل بعد فرض تعريفات جمركية على كندا والمكسيك؛ حيث تواجه الشركات الأمريكية حاليًا خطر ارتفاع تكاليف الإنتاج، ما قد يؤدي إلى فقدان وظائف وزيادة الأعباء على الاقتصاد، وقد انعكست الآثار الفورية بارتفاع أسعار الفواكه والخضراوات والبيض والسيارات مع تراكم الفجوة السعرية، وهو ما يثقل كاهل المستهلك العادي.

ارتفاع أسعار المواد الخام يُتوقع أن يؤدي إلى زيادة في الأسعار النهائية للمستهلكين خلال 90 يومًا، لأن هذه المواد، سواء كانت خامًا أو نصف مصنعة، تستورد من شركاء دوليين يخضعون لتعريفات جمركية مرتفعة، وفي الوقت نفسه، فإن البديل من مصادر جديدة لن يكون أقل تكلفة من الجيران، حيث تواجه سلاسل التوريد العالمية مشكلات متزايدة، بما في ذلك ارتفاع الشحن والطاقة، علاوة على ذلك، فإن الخطوط التجارية القادمة من مناطق بعيدة لتعويض أي نقص ستضيف تكاليف إضافية، ما يؤدي إلى تأثيرات تراكمية في الأسعار المحلية.

إذا تفاقمت التحديات وعاد التضخم إلى الاقتصاد الأمريكي بشكل أسوأ من السنوات القليلة الماضية، فهل سنرى رئيس المجلس الاحتياطي الأمريكي جيروم بأول أمام خيارات اتباع نهج فولكر في سبعينيات القرن الماضي لمواجهة التضخم، من خلال رفع سعر الفائدة بشكل مفرط للسيطرة على موجات التضخم العنيدة إن حصلت؟!

كيف ستبدو صدمة فولكر اليوم إذا ما طبقها جيروم بأول؟

في فترة فولكر، كانت مستويات الدين لا تتجاوز 33% من الناتج المحلي الإجمالي، ما سمح للبنك المركزي برفع أسعار الفائدة دون الإضرار الكبير بالتوازن المالي، أما اليوم فإن الدين العام الأمريكي يعادل الناتج المحلي الإجمالي أو يتجاوزه، ما يجعل من رفع أسعار الفائدة أكثر خطورة بسبب ارتفاع تكاليف خدمة الدين، وفي زمن فولكر كان التضخم مزيجًا من صدمة أسعار النفط والسياسات المالية التوسعية، أما اليوم، فهو مزيج بين سلاسل التوريد والحرب الجمركية التي تفرضها أمريكا على أهم شركائها التجاريين.

علاوة على ذلك، كانت الأسواق في الماضي أقل تعقيدًا وأقل ترابطًا عالميًا، أما اليوم، فقد أصبحت الأسواق أكثر تطورًا مع اندماج الأسواق الأولية والثانوية بشكل كامل، وهذا يعني أن أي رفع قوي للفائدة على غرار صدمة فولكر قد يؤدي إلى تأثيرات مضاعفة، تشمل أزمات ديون في الأسواق الناشئة ومشكلات في النقد الأجنبي وفي السيولة على المستوى العالمي، وتباطؤا حادا في الاقتصاد المحلي لكثير من الدول.

أخيرا: قد لا يكون من الممكن تنفيذ صدمة فولكر بنفس الطريقة اليوم، بسبب الحاجة إلى تقليل الآثار السلبية في الاقتصاد الحقيقي، رفع الفائدة بشكل تدريجي يعد خيارًا أكثر واقعية، مع ضرورة معالجة جذور التضخم المرتبطة بسلاسل الإمداد والقيود الجمركية ودراسة تحفيز الإنتاج المحلي بالتنافسية واستثمارات الأجانب في القطاعات المربحة وليس بالحروب التجارية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي