التوترات بين أمريكا والصين تُهدد بتراجع التقدم العلمي

التوترات بين أمريكا والصين تُهدد بتراجع التقدم العلمي
الصين تجاوزت أمريكا لأول في 2018، من حيث إجمالي عدد المنشورات العلمية. "جيتي"

لطالما ازدهر العلم على سلم التعاون العالمي، حيث تُبرز التطورات الرائدة في مجالات مثل تغير المناخ والطب قوة الشراكات الدولية. مع ذلك، العلاقة بين الصين وأمريكا، التي كانت في يوم من الأيام حجر الزاوية في التقدم العلمي، تتعرض الآن لضغوط كبيرة.

في تقرير على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي، يقول أستاذ الإستراتيجية والأعمال الدولية في المعهد الدولي للتنمية الإدارية نيكولو بيساني: إن التوترات الجيوسياسية والصراعات التجارية والقضايا الأمنية تُهدد بشكل متزايد الجهود التعاونية التي قادت عقودا من الإنجازات المشتركة، ما يثير مخاوف بشأن مستقبل التعاون العلمي.

بينما تواصل بعض الشركات الغربية الاستثمار في كلا البلدين في مجال البحث والتطوير. خصصت شركة أسترازينيكا، 3.5 مليار دولار لتوسيع عملياتها البحثية والتصنيعية في أمريكا، مع تخصيص ملياري دولار لاستحداث أكثر من ألف وظيفة تتطلب مهارات عالية. في الوقت نفسه، استثمرت الشركة في الصين، حيث أنفقت أكثر من 450 مليون دولار لبناء مصنع لإنتاج أجهزة الاستنشاق لعلاج "رئة المدخنين".

فيما أوقفت شركات غربية أخرى مثل آي بي إم وهيوليت باكارد ومايكروسوفت استثماراتها في البحث والتطوير في الصين، ما يؤكد تحولا أوسع في نهج الشركات الغربية لتقليل المخاطر.

رغم هذه التحركات، لابد من الإقرار بأن الصين قوة علمية مؤثرة. في 2018، ولأول مرة في التاريخ، تجاوزت الصين أمريكا من حيث إجمالي عدد المنشورات العلمية. وبينما لا تزال أمريكا رائدة في مجال الأبحاث عالية التأثير، فإن الطفرة الهائلة في الإنتاج الأكاديمي الصيني تُحدث تحولا في المشهد العلمي العالمي.

حللت دراسة شارك بيساني في تأليفها ، بعنوان "صعود الصين كقوة علمية عالمية: مسار التعاون الدولي والتخصص في الأبحاث عالية التأثير"، أكثر من 25 مليون منشور علمي أصدر من 2008 إلى 2020. كشفت النتائج أن الصين أصبحت لاعبا رئيسيا في مجال الأبحاث العلمية عالية التأثير. ولا يقتصر ذلك على كمية المنشورات العلمية التي ينشرها العلماء الصينيون، بل تأثيرها أيضا.

أصبح العلم أكثر فأكثر جهدا جماعيا، وتتجاوز الشراكات البحثية الحدود بشكل متزايد. في هذا السياق، تُسجّل الصين بعضا من أعلى معدلات النمو في الشراكات المحلية والدولية. كما وجدت الدراسة نفسها أن معدل نموها في التعاون المحلي والدولي على مدى العقدين الماضيين كان أعلى بكثير من معدل نمو الولايات المتحدة، من بين دول أخرى. لذلك، ولقيادة سباق الإنتاج العلمي العالمي، انفتحت الصين على نطاق واسع على التعاون محليا ودوليا لتحقيق ذلك.

من أبرز نتائج الدراسة أن نجاح الصين في إنتاج أبحاث عالية التأثير يرتبط ارتباطا وثيقا بتعاونها الدولي مع أمريكا. شارك علماء أمريكيون في أكثر من 45% من الأبحاث الصينية عالية التأثير، وهي نسبة أعلى من المتوقع، ما يُبرز مدى الترابط بين الأوساط العلمية اليوم.

مع ذلك، التوترات المتزايدة بين البلدين قد تُهدد تعاونهما العلمي. فتجديد اتفاقية التعاون العلمي والتكنولوجي بين أمريكا والصين، التي دعمت التعاون البحثي لمدة 45 عاما، معرض للخطر الآن بسبب القيود والمخاوف.
لذلك، يجب على البلدين تقييم عواقب الفشل في التعاون العلمي والتكنولوجي، فاستدامة التعاون، حتى في ظل المنافسة، قد يكون مفتاح التقدم المستقبلي والعلمي والاقتصادي والمجتمعي أيضا.

الأكثر قراءة