تحولات تعيد تشكيل أسواق الشاي العالمية .. 6% نمو متوقع حتى 2032
تشهد صناعة الشاي حاليا تحولات كبيرة في ظل تزايد الطلب على المنتجات الصحية والمستدامة، ما يعيد تشكيل سوق الشاي التقليدي، مع ارتفاع استهلاك الشاي الفاخر وإدخال نكهات جديدة عليه، وتبني تقنيات الزراعة الذكية، تتجه الصناعة نحو مستقبل يتسم بمزيد من التنوع والابتكار.
مع ذلك، تواجه الصناعة تحديات تمتد من التأثير السلبي لتغير المناخ وارتفاع تكاليف الإنتاج إلى التقلبات في العرض والطلب، وتأثير ذلك على الجاذبية الاستثمارية.
يعتقد الخبراء أن 2025 سيشهد عددا من الاتجاهات الرئيسية التي تعيد تعريف صناعة الشاي على مستوى العالم، إذ يدفع التركيز على مفاهيم الصحة بالمستهلكين إلى البحث المتزايد عن أنواع الشاي التي تتمتع بفوائد صحية.
وبالفعل تزايد الطلب العالمي خلال السنوات الأخيرة على الشاي الأخضر والخلطات التي تحتوي على مزيج من الشاي والأعشاب.
في الوقت ذاته، يرتفع الطلب على أنواع الشاي الفاخر، خاصة في الاقتصادات الناشئة التي تشهد تحسنا في مستويات المعيشة، حيث يبدي المستهلكون استعدادا لدفع المزيد مقابل استهلاك منتجات مميزة وعالية الجودة، مثل الشاي العضوي أو أحادي المنشأ.
عضو جمعية الشاي والمشروبات العشبية في المملكة المتحدة ستيفن هاموند، أظهر تفاؤلا بشأن مستقبل سوق الشاي العالمي، وقال إن "من المتوقع أن ينمو سوق الشاي العالمي، الذي بلغت قيمته ما يزيد عن 20 مليار دولار في 2023، بمعدل سنوي يقارب 6% بين 2024 و 2032 ليصل إلى 34 مليار دولار بحلول 2032".
هاموند أشار إلى أن سوق "الشاي الوظيفي" وسوق "الشاي الفاخر" سيشهدان طلبا متزايدا في السنوات المقبلة، إذ سينتعش سوق الشاي الوظيفي المرتبط بأنواع الشاي المعروفة بفوائدها الصحية مثل تعزيز الطاقة والمناعة، نظرا لتنامي الاهتمام بالصحة العامة على مستوى العالم.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على الشاي الفاخر، الذي بلغت قيمته 6 مليارات دولار في 2023، ليقارب 11 مليار دولار بحلول 2033، ما يشير إلى طلب قوي على هذا النوع من المنتجات.
يهيمن عدد محدود من المنتجين على الإنتاج العالمي للشاي، وتنتج 4 دول فقط وهي الصين والهند وكينيا وسيرلانكا 80% من الإنتاج الدولي من الشاي. ومن اللافت أن أكبر شركات تصنيع الشاي في العالم ليست بالضرورة من هذه الدول.
ويمكن تفسير هذا التناقض بعدة عوامل، أبرزها التاريخ الاستعماري وسيطرة شركات من الدول المستعمرة على عمليات التصنيع والتسويق العالمية، فضلا عن تركيز الدول المنتجة على تصدير الشاي الخام بدلا من الاستثمار في عمليات التصنيع والتعبئة.
من جانبها، ترى أستاذة التجارة الدولية الدكتورة لورين كريس، أن القدرات الاستثمارية المتاحة اليوم لدى الاقتصادات الناشئة، بالإضافة إلى روابطها التاريخية مع عدد من كبار منتجي الشاي، قد تسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام الشركات الدولية المصنعة للشاي.
أضافت أن "هناك محاولات ناجحة نسبية من قبل منتجي الشاي للخروج من دائرة تصدير الخام إلى التركيز على المنتج النهائي، لكن المعضلة التي تواجههم أن منتجاتهم لم تفلح بعد في امتلاك علامات تجارية ذات طابع عالمي".
تسعى العديد من البلدان المنتجة للشاي إلى فتح آفاق جديدة في الصناعة بطرح استثمارات تعتمد على الابتكار والاستدامة والاستفادة من التقنيات الرقمية لتعزيز كفاءة الإنتاج وجودته.
في هذا الإطار، طرحت الصين مبادرة "الشاي الذكي" لإنشاء 3000 حديقة شاي ذكية، لتلبية الطلب المتزايد للمستهلكين على المنتجات المميزة والمستدامة، وذلك في ظل اتساع نطاق الطلب العالمي على الشاي وعدم حصره في كونه مشروبا شعبيا فقط، بل ارتباطه أيضا بالذوق الرفيع.