النمو الاقتصادي العالمي وتباين الأداء

تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن النمو الاقتصادي العالمي سيستقر عند 3.2% في 2025، ورغم استقرار هذا المعدل، فإنه يبقى أقل من المتوسط التاريخي 3.7% بين عامي 2000 و2019، هذا يعكس ضعف الزخم الاقتصادي الناتج عن عوامل، مثل تراجع الاستثمار العالمي، تباطؤ نمو الإنتاجية، والضغوط الجيوسياسية.
يبرز هذا الاستقرار الهش في ظل تباين واضح بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة، ما يستدعي النظر إلى الأداء الإقليمي.
تعد الولايات المتحدة الأمريكية الأقوى بين الاقتصادات المتقدمة، لكن تم خفض توقعات نموها إلى 2.2% في 2025، مقارنة بـ 2.8% في توقعات نهاية العام الماضي، ورغم زيادة الإنتاجية بنسبة 2.1% في 2024، وسوق العمل القوية التي شهدت انخفاض معدل البطالة إلى 4.1% في فبراير 2025، فإن السياسات الحمائية التي بدأ تطبيقها في مارس 2025، مثل فرض رسوم جمركية بنسبة 10-20% على الواردات من الصين وكندا، قد توثر سلبًا في الطلب الخارجي وتزيد من تكاليف السلع.


تواجه منطقة اليورو تحديات كبيرة مع توقعات نمو لا تتجاوز 1.2% في 2025، يعكس هذا الضعف تراجع ثقة المستهلكين، وارتفاع أسعار الطاقة بنسبة 8% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة الاعتماد على الغاز المسال في ظل التوترات مع روسيا، ومن المتوقع أن يدخل الاقتصاد الألماني، كأكبر اقتصاد في المنطقة في ركود طفيف في الربع الأول من 2025.
يتباطأ النمو في الصين إلى 4% في 2025 مقارنة بـ 4.8% في 2024، يعود ذلك إلى ضعف الطلب المحلي، وانخفاض مبيعات التجزئة بنسبة 3% في الربع الأخير من 2024، إضافة إلى التحديات الديموغرافية، حيث يتقلص عدد السكان في سن العمل بمعدل 0.5% سنويا. تدابير التحفيز المالي، مثل زيادة الإنفاق الحكومي بقيمة 1.4 تريليون يوان في 2024 توفر دعمًا، لكن الرسوم الأمريكية تضغط على الصادرات.


تحافظ الأسواق الناشئة على نمو متوسط يقدر بـ 4.2% في 2025، تتصدر الهند هذا الأداء بنمو 6.5%، مدعومًا بزيادة استثمارات عامة في البنية التحتية بنسبة 11% في 2024، في المقابل، تواجه البرازيل تباطؤًا في النمو 2.2% نتيجة انخفاض أسعار السلع الأساسية مثل الصويا واللحوم، إضافة إلى تراجع التنافسية الناتج عن نقص الإنفاق على البنية التحتية، أما المكسيك فيتوقع أن تسجل نموا 1.3% في 2025 بسبب تراجع مبيعات السيارات والإلكترونيات لأمريكا، وبالنسبة إلى السعودية يتوقع أن تحقق نموًا بنسبة 4.6% إذا استقرت أسعار النفط بين 70-80 دولارا خلال 2025.
مع استمرار حالة عدم اليقين في اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، برزت مخاوف إضافية من تأثير الرسوم الجمركية التي بدأت في مارس في التجارة والإنتاج، نتيجة لذلك، دفعت هذه المخاوف أسواق العقود الآجلة إلى تسعير 3 تخفيضات متوقعة لأسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي في 2025، مقارنة بتخفيض واحد متوقع سابقًا، ما يشير إلى تحول في التوقعات النقدية.


في اليورو سجل مؤشر مديري المشتريات الصناعي 47.6 في مارس، ما يؤكد استمرار الضعف، وفي اليابان لنفس الشهر سجل 49 وهو دون عتبة النمو 50 نقطة، والاقتصاد الياباني يواجه منافسة صناعية في المنطقة وضعف إنفاقه الاستهلاكي المحلي على الرغم من زيادة الأجور، وعلى صعيد السلع العالمي، استقر خام برنت عند 70 دولارا للبرميل هذا الأسبوع.


أخيرًا: تستفيد الولايات المتحدة من مرونة اقتصادها، بينما تعاني منطقة اليورو ضعف التنسيق الاقتصادي وارتفاع الطاقة، في المقابل تواجه الصين توازنًا دقيقًا بين التحفيز والضغوط التجارية، وتعتمد الأسواق الناشئة بما في ذلك السعودية على ديناميكيات السلع، لذلك فإن حساسية الأسواق للسياسات الحمائية والتغيرات النقدية في 2025 تتطلب إستراتيجية مرنة من الحكومات والمستثمرين، ودعم الطلب المحلي في الاقتصادات الكبرى لتعويض تكلفة التجارة الدولية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي