الثلاثاء, 25 مارِس 2025 | 25 رَمَضان 1446


أسواق القهوة أمام بيئة معقدة بتقلبات الإنتاج .. ارتفاعات الأسعار لم تنته بعد

سجلت سوق القهوة العالمية ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار خلال العامين الماضيين، بفعل ضعف الحصاد في البرازيل وفيتنام، اللتين ينتجان معا 50% من المحصول العالمي، إضافة إلى اضطرابات سلاسل التوريد والطلب العالمي المتزايد، وتحديدا في الاقتصادات الناشئة، وهو ما أدى إلى استنزاف مخزونات قهوة أرابيكا وروبوستا العالمية ودفع الأسعار إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.

تتزايد التوقعات حاليا بمسار تصاعدي لأسعار القهوة خلال السنوات المقبلة، وتلعب الظروف المناخية في الدول المنتجة الكبرى، مثل البرازيل وفيتنام وكولومبيا، دورا محوريا في تحديد الإنتاج العالمي. وفي الوقت نفسه، تبرز الاستثمارات كعوامل رئيسية في تعزيز استقرار السوق وسط مخاوف من تأثير التغير المناخي في المحاصيل.

وفقا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، ارتفعت أسعار البن العام الماضي بنسبة 40% بسبب اضطرابات في جانب العرض جراء سوء الأحوال الجوية، وواصلت الأسعار ارتفاعها هذا العام بعد أن شهدت مناطق زراعة البن الرئيسية انخفاضا كبيرا في العرض.

وهنا قال لـ"الاقتصادية" جيرمي بوب، أحد المضاربين على البن في بورصة لندن، "هناك صدمة في الأسواق جراء زيادة الأسعار بنسبة 70% منذ نوفمبر الماضي وحتى الآن في عقود قهوة أرابيكا الآجلة في بورصة ICE، وهي بورصة عالمية لتداول القهوة".

أضاف، في فبراير الماضي، ارتفعت الأسعار إلى أعلى مستوى على الإطلاق، حيث وصل سعر الرطل إلى 4.41 دولار أمريكي، أي أكثر من ضعف ما كان عليه قبل عام، وعلى الرغم من أن الأسعار تراجعت بعض الشيء حاليا ووصلت إلى ما دون 4 دولارات للرطل، فإن التجار لديهم قناعة بأن الاتجاه التصاعدي لأسعار القهوة لم ينته بعد، وهناك مخاوف من أن نشهد ارتفاعات قياسية الشهر المقبل.

ويستدرك قائلا أن وصول سعر الرطل إلى 5.5 دولارا أمر ممكن، ووصوله إلى 7.5 دولار ليس مستبعدا، مضيفا، رغم أن البعض لا يتصور وصوله إلى 10 دولارات، فإن هذا الاحتمال وارد، كما حدث في سوق الكاكاو العام الماضي.

من جانبه، ذكر الباحث في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، إس. أن. روجر، أن الارتفاعات السعرية تعود إلى محدودية كميات التصدير من فيتنام، وانخفاض إنتاج إندونيسيا، وسوء الأحوال الجوية التي أثرت سلبا على الإنتاج البرازيلي، أكبر منتج للقهوة في العالم.

ويضيف في حديثه لـ"الاقتصادية" عوامل أخرى، كالنقص في أعداد جامعي حبوب البن في الدول المنتجة، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف العمالة وترك جزء كبير من المحصول دون حصاد، إلى جانب أسعار المدخلات الزراعية، مثل الأسمدة مرتفعة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، في حين لم تتحسن الخدمات اللوجستية منذ جائحة كورونا.

مع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن الارتفاع الراهن في أسعار البن مؤقت وسيستمر بضعة أشهر، على أن نشهد انخفاضا سعريا في الربع الأخير من العام الجاري بنحو 30%، فالأسعار المرتفعة ستكبح الطلب من جانب، والمؤشرات الأولية بشأن محصول البرازيل من البن للعام المقبل مبشرة بالخير.

لاشك أن الأسعار الراهنة للبن، والقيمة الإجمالية للصناعة التي تبلغ 200 مليار دولار توفر حوافز كبيرة للاستثمار، إلا أن الجاذبية الاستثمارية لا تنفي أن صناعة القهوة العالمية ستواجه هذا العام بيئة معقدة تتسم بتقلبات في الإنتاج والأسعار، ما يجعل زيادة الاستثمارات الإستراتيجية أمرا لا مفر منه لضمان نمو واستقرار صناعة القهوة على المدى الطويل.

الأكثر قراءة