السبت, 29 مارِس 2025 | 29 رَمَضان 1446


العالم يسارع لإجراء محادثات مع أمريكا على أمل تجنب رسوم ترمب

تسارع الدول المستهدفة بالرسوم الجمركية الأمريكية إلى تقديم تنازلات واتخاذ ردود دفاعية أخرى على مطالب البيت الأبيض خلال آخر أسبوع قبل إعلان الرئيس دونالد ترمب عن "يوم تحرير" التجارة.

التقى كبير مسؤولي التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروس سفكوفيتش مع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك والممثل التجاري جاميسون غرير في الولايات المتحدة الثلاثاء. وفي الوقت نفسه، سعت حكومة الهند إلى الحصول على إعفاء ما أطلق عليها ترمب "التعريفات الانتقامية" مع وصول وفد أميركي الثلاثاء، لعقد محادثات بشأن اتفاقية تجارة ثنائية.

كما سيزور برندان لينش، مساعد الممثل التجاري للولايات المتحدة لشؤون جنوب ووسط آسيا، مع فريق من المسؤولين الهند هذا الأسبوع، في إطار المحادثات التجارية، وفق ما ورد في بيان أصدرته السفارة الأمريكية في نيودلهي الإثنين.

الرسوم الجمركية تعزز النفوذ الأمريكي
تكثيف المفاوضات قبل حلول الثاني من أبريل -الموعد الذي يعتزم فيه ترمب الإعلان عن بدء سريان رسوم جمركية تعادل التعريفات المفروضة على البضائع الأمريكية- يعكس حاجة عدد أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين الماسة إلى إقناع إدارة ترمب بأنهم سيعالجون انتقاداته بشأن اختلال الميزان التجاري الأمريكي، الأمر الذي وصفه بأنه يضر بالعمالة الأمريكية منذ عقود.

أعلن ترمب الإثنين اعتزامه فرض رسوم جمركية على واردات السيارات "قريباً جداً"، وأن التعريفات على الأدوية ستفرض "خلال المستقبل القريب". وأطلع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك الصحفيين في اجتماع للحكومة، أن الإدارة تعتزم الإعلان عن خطط بشأن ما يطلق عليها "مصلحة الضرائب الخارجية" (External Revenue Service) للإشراف على تحصيل الرسوم الجمركية، و"استعادة نفوذ ومكانة أمريكا"، اليوم. ولفت ترمب إلى أن التدبير سيحافظ على استمرار خفض الضرائب على المواطنين الأمريكيين.

وأوضح ترمب أن الرسوم الجمركية واسعة النطاق لن تجعل التجارة أكثر إنصافاً فقط، بل ستعزز نفوذ الولايات المتحدة في المفاوضات الدبلوماسية، وستدر على وزارة الخزانة إيرادات طائلة.

حذر رئيس وزراء أيرلندا من أن نهج ترمب في الرسوم الجمركية قد يكشف الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي؛ على سبيل المثال، دعت فرنسا إلى اتباع نهج قاسٍ، بينما أعربت إيطاليا عن قلقها من أي رد بالمثل.

القلق يسود الوضع
أصبحت عملية تحديد الدول المرتقب فرض تعريفة جمركية جديدة عليها أكثر دقة خلال الأيام الماضية، فيما تراجع خطر فرض رسوم جمركية فورية على قطاعات بعينها، وفق ما كشفته "بلومبرغ" نهاية الأسبوع الماضي. مع ذلك، لم تتخذ إدارة ترمب قراراً نهائياً، إذ لا تزال تدرس احتمال ضم التعريفات الجمركية على القطاعات إلى الإعلان المرتقب في 2 أبريل، بحسب تصريحات لمسؤول يوم الإثنين.

ارتفعت الأسهم في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة الإثنين، إلا أن أسهم شركات السيارات الأمريكية تخلت عن مكاسبها بعد تصريحات ترمب عن فرض رسوم جمركية على السيارات.

أعرب عدد متزايد من محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية من جميع أنحاء العالم عن قلقهم من أن تؤدي حرب تجارية عالمية إلى عرقلة النمو الاقتصادي وتأجيج التضخم، ما يشكل مزيجاً سيُصعِّب عملية تقييم رد فعال لأسعار الفائدة.

تنازلات ومحاولات لتخفيف الأثر الاقتصادي
مع اقتراب الموعد النهائي في الثاني من أبريل، تحاول دول من آسيا وأوروبا تقديم اقتراحات للتخلص من الإجراءات التي تعدها الولايات المتحدة تضر بالشركات الأمريكية، أو تعطي دفعة للصين في المنافسة على التفوق التكنولوجي.

تدرس حكومة المملكة المتحدة خططاً لخفض ضريبة الخدمات الرقمية، أو حتى إلغائها، قبل الثاني من أبريل. وفي غضون ذلك، تخطط ماليزيا لتشديد القيود على تدفق رقائق "إنفيديا"، بعد أن طالبتها الولايات المتحدة بتشديد الرقابة على أشباه الموصلات المتطورة، التي يُحتمل أن تجد طريقها إلى الصين، بحسب تصريحات وزير التجارة الماليزي التي نقلتها صحيفة "فاينانشيال تايمز".

تسعى دول أخرى تشهد علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة توتراً أكبر إلى تخفيف التأثير الاقتصادي للحرب التجارية مع أكبر اقتصاد في العالم.

أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني عن سلسلة من التدابير التي تهدف إلى تخفيف وطأة الرسوم الجمركية الأمريكية، وإصلاحات "لتطوير الأمة" لدعم التجارة والاستثمار. ويسمح أحد الإجراءات للشركات بتأجيل سداد مستحقات ضريبة دخل الشركات وضريبة الاستهلاك المحصلة.

تغير التحالفات الجيوسياسية
إضافة إلى ذلك، فإن هجوم ترمب على نظام التجارة القائم على القواعد، الذي يحكم الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، يعيد تشكيل التحالفات الجيوسياسية، إذ تسعى بعض الدول إلى حماية استثماراتها في ظل الشكوك الجديدة التي تحيط بشراكاتها طويلة الأجل مع الولايات المتحدة.

يعتزم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز السفر إلى الصين الشهر المقبل للاجتماع مع الرئيس شي جين بينغ، كما سيزور فيتنام أيضاً، بحسب أشخاص مطلعين على الاستعدادات، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.

ويتوقع أن يجري الممثل التجاري للولايات المتحدة، غرير، أول اتصال هاتفي مع نظيره الصيني خلال هذا الأسبوع، بحسب أشخاص مطلعين على الخطط.

استعدادات صينية
كشف رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ استعداد بلاده "لصدمات تتجاوز التوقعات" إثر تعزيز ترمب المتوقع للحواجز التجارية.

وأمام تجمع لقادة الأعمال العالميين والسناتور الجمهوري ستيف دينز، الذي كان في زيارة إلى البلاد، مع افتتاح أعمال منتدى التنمية الصيني في بكين الأحد، أشار لي إلى "تصاعد حالة عدم الاستقرار والضبابية".

وأضاف: "أعتقد أن الأهم في الوقت الحالي لكل دولة من دولنا فتح الأسواق بشكل أكبر، ولكل شركاتنا أن تتشارك مواردها بصورة أكبر".

سمات

الأكثر قراءة