صناعة الثوب السعودي عند مفترق طرق: توسع لسوق الـ8 مليارات أم أثر سلبي للمستثمرين الجدد؟

صناعة الثوب السعودي عند مفترق طرق: توسع لسوق الـ8 مليارات أم أثر سلبي للمستثمرين الجدد؟
الصناعة تتجاوز قيمتها 8 مليارات ريال. "واس"

في ظل التحولات الاقتصادية التي شهدتها صناعة الثوب السعودي، لتصبح صناعة متكاملة تتجاوز قيمتها 8 مليارات ريال مع إنتاج سنوي يصل إلى 40 مليون ثوب بحسب عاملين في القطاع، باتت نقطة جذب استثمارية جانبا إلى جنب القطاعات الأخرى.

ومع هذا الزخم الاستثماري، دخلت الصناعة بحلول الألفية الجديدة منعطفا جديدا مع تنافس المصانع ودور الأزياء على تطوير تصاميمه مدفوعة بتغير أنماط الاستهلاك وتنوع الخامات بأسعار متباينة، وارتفاع الطلب على الأقمشة الفاخرة.

لكن رئيس مجلس إدارة جمعية الأزياء السعودية لؤي نسيم، كان له رأي آخر، حيث اعتبر أن دخول مستثمرين جدد كان له تأثير سلبي واضح هذا الموسم.

وأرجع نسيم ذلك في حديثه لـ"الاقتصادية" إلى أن نصفهم تقريبا على الأقل حديثو عهد بالمجال، وكثير منهم قادمون من قطاعات أخرى - دون أن يوضح تفاصيل هذه الآثار السلبية بالتحديد.

مقابل ذلك، رأى مستثمرون أن القطاع لم يصل إلى مرحلة التشبع بعد، وأن لديه القدرة على التوسع حاليا والأعوام المقبلة، لارتباطه بمعيشة الناس.

ثوب العيد في دول الخليج

وعند مقارنة ثوب العيد السعودي بملابس العيد الرجالية في دول الخليج الأخرى، تظهر الفروقات في التفاصيل رغم التشابه في الجوهر.

ففي الإمارات وقطر، يرتدي الرجال "الكندورة"، التي تختلف عن الثوب السعودي بأنها غالبا أعرض وأطول قليلا، بلا ياقة نهائيا، وتُغلق من الأمام بزر مخفي أو سحاب.

كما أن لون الكندورة في العيد قد يتجاوز الأبيض، إذ تظهر ألوان مثل البيج والرمادي الفاتح، خاصة في المناسبات.

وفي الكويت والبحرين، تتشابه الثياب مع السعودية لكنها تتميز بلمسات محلية، مثل تطريز خفيف على الأكمام أو استخدام أقمشة لامعة في الأعياد، خصوصا بين الشباب.

الثياب الجاهزة مستقبل الصناعة

عضو في مجلس إدارة شركة "دنيا الأصواف"، التي تمتلك علامة "الشياكة" التجارية للثياب الجاهزة في السعودية، وليد علي الأندجاني، يرى أن مبيعات هذا العام في مستوى السنوات الماضية وهي مستقرة على أساس سنوي في المجمل، مضيفا أن فصل الشتاء سيغير كثيرا في تقليد ثوب العيد لدى السعوديين.

أضاف الأندجاني لـ"الاقتصادية"، "نحن كمتخصصين للثياب الجاهزة، نرى أن التوجه سيزداد لها على حساب الثياب المفصلة لسببين، هما فارق التكلفة الذي يصل أحيانا في بعض الأنواع إلى 100% لصالح الجاهزة، إضافة إلى توافر خامات فاخرة مصنوعة من الأقمشة اليابانية الأكثر جودة مع الاحتفاظ بفارق سعر التكلفة عن الثوب المفصل".

وقلل من فاعلية ما يعرف بالخدمات الذاتية التي تقدمها بعض الشركات في هذا القطاع، التي تعتمد على تفصيل الثياب أكثر من الجاهزة، من خلال إرسال عربات مجهزة لأخذ المقاييس في موقع العميل.

أشار إلى أن هذه الخدمات قد تبدو وكأنها تعزز كفاءة التسويق، إلا أنها في الواقع تعد من التكاليف التشغيلية التي ستزيد تكلفة الثوب، ما سيؤثر في أسعار الثوب المفصل بطريقة ما.

القطاع أمام تحديات

بشأن الاستثمارات الجديدة، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الأزياء السعودية لؤي نسيم، إن دخول مستثمرين جدد، نصفهم تقريبا منهم على الأقل حديثو العهد بالمجال وكثير منهم قادمون من قطاعات أخرى، كان له تأثير سلبي واضح هذا الموسم.

أضاف، أن تزامن فصل الشتاء مع شهر رمضان حفز بعض العملاء على التفصيل والشراء لمرة واحدة واختيار أثواب تناسب الأجواء الباردة وعيد الفطر في الوقت نفسه، بعد أن كان في السنوات الماضية يخصص ميزانية لكل مناسبة منهما.

وأشار إلى أن الثياب الجاهزة وخدمات التفصيل من المنزل ستصبح من أبرز احتياجات العملاء خلال الخمس سنوات المقبلة وستكون عاملا مهما للتوسع والانتشار لمواجهة الارتفاع المتزايد في التكاليف التشغيلية.

تغيرات في سلوك المستهلك

توقع أن تشهد السنوات المقبلة تغييرات في سلوك المستهلك السعودي في ظل تقارب يوم العيد مع ذروة فصل الشتاء، وأن يفضل عدد كبير من العملاء توحيد ثوب العيد والشتاء خاصة مع تأثير التضخم العالمي في الصناعة، خاصة أن معظم المواد المستخدمة مستوردة.

ولفت إلى أن معظم العملاء وبنسبة تصل إلى 55% وأحيانا 60% يفضلون الأقمشة التي تراوح بين 400-600 ريال، بينما تفضل قلة منهم الأقمشة الفاخرة وهذا يتناقض مع السنوات الماضية التي كان هناك توازن بين الفئتين.

أما من حيث تفضيلات الأقمشة، أوضح أن معظم السعوديين في مختلف المناطق لا يزالون يفضلون أقمشة البوليستر لأنها مناسبة لأجواء السعودية نظرا لعمرها الافتراضي الطويل.

في حين يفضل سكان جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة الأقمشة القطنية بسبب ملاءمتها للرطوبة ولدرجات الحرارة المرتفعة.

الصناعة بحاجة إلى الابتكار

في المقابل، قال المستثمر أحمد الركن، إن القطاع لم يصل إلى مرحلة التشبع بعد، وأن لديه القدرة على التوسع، خصوصا لأنه مرتبط بحياة الناس.

أوضح، أن هذا هو ما دفعه للتفكير في الاستثمار في هذا القطاع بدلا من القطاعات الأخرى، حيث إنه لاحظ ارتباط الملابس بأولويات الناس، فالمظهر أصبح عنصرا أساسيا في حياتهم.

أضاف، تقوم فكرة المشروع وهي مختلفة عما هو موجود في السوق لدى أغلب المنافسين على تقديم خدمة تفصيل ذاتية تقوم على خدمة العميل من منزله أو موقع عمله، بحيث يطلب العمل من خلال موقعنا الإلكتروني أو رقم الواتساب خدمة شراء الثوب، فيتم إرسال سيارة مجهزة لموقعه تستضيفه لأخذ المقاسات وخلال أيام يرسل إليه الثوب جاهزا.

تابع "بدأنا بـ3 سيارات مجهزة لتقديم الخدمة وبحجم استثمار يصل إلى نصف مليون ريال، وتفاجأنا بأننا استطعنا في رمضان تحقيق 3 أضعاف الهدف المحدد لمبيعات الشهر؛ ما جعلنا نتحمس للتوسع خلال 2025 لمدن أخرى في المنطقة الغربية".

وألمح إلى أن أذواق العملاء قد تغيرت مقارنة بالسنوات الماضية، فلم يعد هناك اهتمام بحجز ثوب خاص للعيد، بل أصبح هناك ثياب مخصصة لفصول مختلفة مثل الشتاء والصيف، إضافة إلى ثياب للعمل والمنزل والمناسبات الاجتماعية، ومعظم العملاء يبحث عن الجودة مع أسعار معقولة.

الأكثر قراءة