صداع في الأسواق المالية على وقع تناقضات ترمب
أعلنت الإدارة الأمريكية الخميس أن الرسوم الجمركية الإضافية على المنتجات الصينية بلغت نسبتها 145%، ما قوض الآمال في خفض التصعيد في الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب.
وكان ترمب بدل موقفه الأربعاء بصورة مفاجئة وجمد التعرفات الإضافية المطبقة على نحو 60 دولة لمدة 90 يوما، مستثنيا فقط الصين التي باتت معزولة بمواجهة واشنطن.
وفي مواجهة إصرار بكين على الرد بالمثل، أعلن الرئيس الأمريكي الأربعاء أن الرسوم الإضافية على المنتجات الصينية ستبلغ 125%.
وأوضح البيت الأبيض وفقا لـ"فرانس برس" الخميس في مرسوم رئاسي أن القرار يرفعها في الواقع إلى 145%، بعد احتساب الرسوم الجمركية بنسبة 20% التي فرضها ترمب على الصين لمعاقبتها على إيواء مصانع تسهم في إنتاج الفنتانيل، وهي مادة أفيونية تسببت في أزمة صحية خطيرة في الولايات المتحدة.
غير أن الرسوم الإضافية تطال أغلبية المنتجات الصينية مع استثناءات مثل أشباه الموصلات، وهي تضاف إلى التعرفات التي كانت مفروضة قبل عودة الملياردير الجمهوري إلى البيت الأبيض.
على الإثر، تراجعت الأسواق الأمريكية إذ خسر مؤشر داو جونز 2.50%، وانخفض مؤشر ناسداك الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 4.31%، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا بنسبة 3.46%.
النفط يهبط 4%
انخفضت أسعار النفط قرابة ثلاثة دولارات للبرميل اليوم الخميس لتبدد المكاسب التي حققتها في الجلسة السابقة، بينما يعيد المستثمرون تقييم التفاصيل بخصوص تعليق مزمع لرسوم جمركية أمريكية شاملة، بالتزامن مع تحول التركيز إلى حرب تجارية آخذة في التفاقم بين واشنطن وبكين.
وبحسب رويترز، انخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي 2.91 دولار بما يعادل 4.7% لتسجل 59.44 دولار بينما تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 2.77 دولار أو 4.2% إلى 62.71 دولار للبرميل.
وارتفع كلا العقدين بأكثر من دولارين للبرميل أمس الأربعاء بعد تعليق الرئيس ترمب تطبيق رسوم جمركية كبيرة أعلن فرضها على العشرات من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة قبل أسبوع، مما يمثل تحولا مفاجئا بعد أقل من 24 ساعة من دخول الرسوم حيز التنفيذ.
وأظهرت بيانات حكومية أمس الأربعاء أن مخزونات النفط الخام الأمريكية ارتفعت بمقدار 2.6 مليون برميل الأسبوع الماضي، وهو ما يعادل تقريبا مثلي الزيادة البالغة 1.4 مليون برميل التي توقعها محللون في استطلاع أجرته رويترز.
كما تمضي الولايات المتحدة قدما في فرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على جميع وارداتها.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية اليوم في تقريرها الشهري لتوقعات الطاقة في الأمد القريب إن أحدث التطورات في سياسات التجارة العالمية وإنتاج النفط ستؤدي إلى تباطؤ نمو الطلب العالمي على الخام والوقود حتى 2026.
وخفضت الذراع الإحصائية لوزارة الطاقة الأمريكية توقعاتها لنمو الطلب على النفط في الولايات المتحدة والعالم خلال العامين الجاري والمقبل وسلطت الضوء على الضبابية الكبيرة في الأسواق بسبب احتمال تراجع النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع المعروض من الخام.
الدولار يتراجع بعد انتعاش
تراجع الدولار مقابل الين والفرنك السويسري واليورو وأيضا مقابل عملات أكثر حساسية للمخاطر، مثل الدولار الأسترالي، اليوم الخميس مع تقييم المستثمرين لتعليق فرض رسوم جمركية أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشكل مفاجئ أمس الأربعاء.
وانتعش الدولار بشكل حاد مقابل الفرنك السويسري والين الياباني، وهما من الملاذات الآمنة، أمس الأربعاء بينما قفزت مؤشرات وول ستريت الرئيسية مستفيدة من تأجيل فرض الرسوم الجمركية، ما جعل المستثمرين يلتقطون الأنفاس بعض الشيء.
لكن المتعاملين أعادوا ترتيب مراكزهم اليوم الخميس، وانخفض الدولار 2.36% إلى 144.24 ين وبنسبة 3.57% إلى 0.83710 فرنك سويسري.
الذهب عند أعلى مستوى على الإطلاق
قفزت أسعار الذهب بما يقرب من ثلاثة بالمئة اليوم الخميس مع لجوء المستثمرين إلى أصول الملاذ الآمن وسط تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وهبوط الدولار. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 2.6 بالمئة ليصل إلى 3160.82 دولار للأونصة خلال الجلسة وذلك بعد بلوغه على مستوياته على الإطلاق عند 3171.49 دولار في وقت سابق من الجلسة.
الصين: القتال حتى النهاية
بعدما باتت الصين معزولة في معركتها مع الإدارة الأمريكية، واصلت الخميس تحدي واشنطن متعهدة "القتال حتى النهاية"، مع إبداء استعدادها في الوقت نفسه للبحث عن تسوية.
وقالت الناطقة باسم وزارة التجارة الصينية هي يونج تشيان: إن "باب الحوار مفتوح للتفاوض، لكن الحوار يجب أن يقوم على احترام متبادل وأن يجرى على قدم المساواة".
وبانتظار التوصل إلى اتفاق، أعلنت بكين الحد من عدد الأفلام الأمريكية التي يتم عرضها على أراضيها.
أما الاتحاد الأوروبي، فقرر تعليق الرسوم الجمركية التي أعلنها من جانبه على مجموعة من المنتجات الأمريكية من أجل "إعطاء فرصة للمفاوضات"، على ما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، محذرة في الوقت نفسه من أنه "إذا لم تكن المفاوضات مرضية، فإن إجراءاتنا المضادة ستدخل حيز التنفيذ".
واتخذت بروكسل قرارها بعدما فاجأ الرئيس الأمريكي العالم مساء الأربعاء معلنا تجميد الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها على نحو 60 دولة لمدة 90 يوما، مبقيا فقط على الرسوم المعممة بنسبة 10% السارية منذ مطلع أبريل.
أفعال ترمب بعيدة عن أي نظرية اقتصادية
ترمب قال: إن "أكثر من 75 دولة" أبدت رغبتها في "التفاوض" مع الولايات المتحدة، وذلك بعدما أكد مساء الثلاثاء أن عشرات الدول ومن بينها بحسبه بكين، "تتصل بنا" سعيا للتوصل إلى تسوية.
ولكن، بحسب الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستيجليتز، فإن البُلدان لا تعرف "كيفية التفاوض" مع الولايات المتحدة لأن "ما يفعله (دونالد ترمب) لا يستند إلى أي نظرية اقتصادية".
رجح كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض كيفن هاسيت لقناة "سي إن بي سي" الإبقاء على الرسوم الجمركية المعممة بنسبة 10% على مجمل الواردات التي دخلت حيز التنفيذ السبت. وقال: إن واشنطن بحاجة إلى "ممارسة ضغط كاف" على شركائها لإعادة الأنشطة الصناعية إلى الولايات المتحدة.
وتعهد وزراء اقتصاد رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الخميس "عدم فرض تدابير انتقامية" ضد الولايات المتحدة، مؤكدين استعدادهم للانخراط في محادثات. وأكدت فيتنام المستهدفة برسوم إضافية بنسبة 46%، عزمها على شراء مزيد من البضائع الأمريكية لقاء عقد اتفاق مع واشنطن.
من جهته، قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إن "تعليق الرسوم الجمركية المتبادلة الذي أعلنه الرئيس ترمب هو استراحة"، مؤكدا أن أوتاوا ستجري مفاوضات مع واشنطن بعد الانتخابات الاتحادية الكندية المقررة في 28 أبريل.