توقعات الشركات أهم من الأرقام .. الأسواق تترقب والتفاؤل محدود
مع انطلاق موسم أرباح الربع الأول، بات اهتمام المستثمرين يتركز على ما تقوله الشركات مستقبلا أكثر من الأرقام، ورغم التفاؤل المحدود، يبقى هناك قلق بشأن المدى الذي يمكن أن تصل إليه التعليقات والتحليلات الاقتصادية في الأشهر المقبلة.
أعلنت أربع مؤسسات مالية كبرى - بلاك روك، وجيه بي مورجان تشيس، ومورجان ستانلي، وويلز فارجو - عن أرباح الربع الأول يوم الجمعة. وحقق كلٌ من جيه بي مورجان ومورغان ستانلي نتائجا أعلى من المتوقع في الإيرادات والأرباح.
وتجاوزت أرباح السهم في بلاك روك وويلز فارجو تقديرات المحللين، بينما كانت إيرادات بلاك روك متوافقة مع التوقعات، وجاءت إيرادات ويلز فارجو أقل من المتوقع، وفقا لـ "بارونز".
بلغ مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مستوى قياسيا جديدا في منتصف فبراير، قبل أن تُسبب مخاوف الحرب التجارية هبوطا حادا في الأسواق. وتعكس النتائج بعض عمليات البيع الكثيفة، لكنها لا تعكس عمليات البيع المحمومة التي شهدتها الأسابيع الأخيرة بعد الكشف عن مستويات التعريفات الجمركية الحادة التي تم تعليقها لاحقا.
الخلاصة، الأرقام لم تعد العنصر الأهم. فالمستثمرون أصبحوا أكثر اهتماما بنبرة إدارات الشركات وتوقعاتهم الاقتصادية للفترات القادمة، في ظل بيئة تتسم بالغموض والسياسات التجارية المتقلبة.
في موسم إعلان الأرباح، يولي المستثمرون اهتماما متزايدا للتوجيهات المستقبلية الصادرة عن إدارات الشركات أكثر من نتائج الأداء في الفصول الماضية، خصوصا في ظل حالة عدم اليقين التي تفرضها الرسوم الجمركية غير المسبوقة.
ورغم غياب التحذيرات الصريحة من كبرى الشركات هذا الأسبوع قبل الإعلان عن تعليق الرسوم لمدة 90 يوما—يبدو أن هذا التمديد المؤقت منح الشركات مجالا للانتظار وعدم تعديل التوقعات، بانتظار ما قد تسفر عنه المفاوضات التجارية.
ولكن من ناحية أخرى، قد لا تتحقق هذه المفاوضات. ويبدو أنه في ظل الظروف العادية، كان بإمكان المستثمرين توقع رفع البنوك الكبرى لتوقعاتها إذا استمر الارتفاع في يناير وفبراير. المشكلة هي أن تعليقات الإدارة أشارت إلى مخاوف كثيرة مستمرة حيث تضر السياسة المتقلبة بالنمو وتوقعات الشركات ومكانة الولايات المتحدة.
أكد لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، على هذه النقطة. أعرب فينك في تصريحاته الأخيرة عن قلقه بشأن الاقتصاد الأمريكي، مشيرا إلى أن معظم المديرين التنفيذيين يعتقدون بأن الولايات المتحدة تعيش في حالة ركود اقتصادي. وحذّر من أن الإنفاق الرأسمالي يتراجع، وأكد على ضرورة التوصل إلى صفقة تجارية مع الصين، مضيفا أن السوق يقلل من تقدير مدى ارتفاع التضخم في المستقبل.
في الوقت نفسه، أشار بنك جي بي مورجان إلى أن الإنفاق الاستهلاكي لا يزال قويا حتى في الفئات ذات الدخل المنخفض، لكن هذه الأرقام قد تكون مضللة، حيث يقوم الأمريكيون بالإنفاق قبل زيادة التعريفات الجمركية.
وعبّر الرئيس التنفيذي جيمي دايمون عن أهمية إبرام صفقات تجارية في أسرع وقت ممكن، خاصة وأن العملاء من الشركات يتبنّون موقف الانتظار والترقب.
من ناحيته، أكد بنك ويلز فارجو أن المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض يشعرون بالضغوط الاقتصادية، رغم استقرار الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي. كما أعرب الرئيس التنفيذي عن توقعات باستمرار التقلبات وعدم اليقين، واستعداد البنك لمواجهة بيئة اقتصادية أبطأ في 2025، مشددا على أن النتائج ستعتمد على التغيرات السياسية.
أشار بنك مورجان ستانلي إلى أن التوترات التجارية وضعف العروض العامة الأولية أثرت على عمليات الاندماج والاستحواذ، ما قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض وانخفاض ثقة الشركات. ورغم التخفيف المؤقت في التعريفات لمدة 90 يومًا، لا تزال هناك تحديات أمام المفاوضات التجارية التي قد تستغرق وقتًا.
يرى البعض أن تحسن الظروف السياسية يمكن أن يكون دافعا إيجابيا للأسواق. ترافيس مكورت من "رايموند جيمس" يعتقد أن هناك مزيد من الألم الاقتصادي قادم، ويجب على المستثمرين التركيز على أرباح 2026 بدلاً من الأرقام الحالية.