إندونيسيا بين عملاقين .. من يكسب معركة الشراكة التكنولوجية؟
ذكرت دراسة أمريكية أن الولايات المتحدة لديها فرصة "نادرة" لتصبح شريكا رئيسيا لإندونيسيا في التكنولوجيا الناشئة والبنية التحتية الرقمية، رغم العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين جاكرتا وبكين.
لكن الدراسة الصادرة عن مركز الأمن القومي الأمريكي، أشارت إلى أن واشنطن بحاجة إلى نهج سياسي أكثر طموحا وإستراتيجية لتحقيق ذلك.
باحثون في المركز الذي يوجد مقره في واشنطن يرون أن إندونيسيا أصبحت "جبهة رئيسية" في التنافس الأمريكي - الصيني، وأقرت كلتا القوتين العظميين بالأهمية المتزايدة لأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، لما يمتلكه من موارد طاقة ومعادن وفيرة.
وبحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، انتهجت إندونيسيا منذ فترة طويلة سياسة اتسمت بالاستقلال الإستراتيجي، معتبرة الولايات المتحدة شريكها الأمني المفضل، فيما تُعتبر الصين عنصرًا أساسيًا في الاستثمار والتجارة.
ولاحظ الباحثون أن هذا النهج يتعارض بشكل متزايد مع واقع تعميق العلاقات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية مع الصين. جاء في تقريرهم: "ربما كان هذا ممكنا في عصر العلاقات الصينية - الأمريكية الأكثر دفئا، لكن مع تزايد فصل بكين وواشنطن لاقتصاديهما - خاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا الحساسة - يتبين أن هذا التوازن غير قابل للاستمرار".
أشاروا في التقرير إلى أن "الصين رسخت بذكاء" علاقتها مع إندونيسيا، لتصبح أكبر مستثمر أجنبي في الدولة الآسيوية، وتسعى في الوقت نفسه إلى تعزيز مكانتها شريكا تكنولوجيا مفضلا لجاكرتا. ومن غير الواقعي أن تعتقد الولايات المتحدة أنها تستطيع إزاحة الصين من موقع الشريك الاقتصادي الأكبر لإندونيسيا، لكن "هذا لا يعني أن على واشنطن أن تلوح بالراية البيضاء"، داعين إلى "إستراتيجية أكثر تركيزًا لتلبية الطلب المتزايد في إندونيسيا على بنية تحتية رقمية متنوعة ومرنة، وتأمين عروض تكنولوجية رئيسية تتفوق فيها الشركات الأمريكية".
قال الباحثون إن الولايات المتحدة والصين تخوضان منافسة "شرسة" للفوز بمرتبة الشريك التكنولوجي المفضل لإندونيسيا، التي تتطلع إلى هذا القطاع سريع النمو لتنويع اقتصادها وتعزيز نموها.
أضافوا أن طريق الحرير الرقمي الصيني، الذراع التكنولوجية لمبادرة الحزام والطريق التي أُطلقت قبل 10 سنوات، حرم الشركات الأجنبية من الجيل الأول من البنية التحتية الرقمية لإندونيسيا، لكن الولايات المتحدة تتمتع "بمزايا قوية" في الوقت الذي تسعى فيه جاكرتا إلى تحديث بنيتها التحتية الرقمية واقتصادها.
وعلى وجه الخصوص، أشار التقرير إلى هيمنة الولايات المتحدة في مجال الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي باعتبارها "فرصة نادرة لإقصاء الشركات الصينية". وحث الشركات الأمريكية على السعي للحصول على عقود رئيسية عامة، خاصة، في مجال الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي المتقدم، داعيا في الوقت نفسه إلى "استغلال قوة العقوبات والحوافز الأمريكية لتقويض المزايا الصينية في المعاملات التكنولوجية الإستراتيجية متعددة الأطراف".
ويتوقع حلمي كارتاساسميتا، المستشار السابق لمكتب الرئاسة الإندونيسية، أن تواصل جاكرتا سياستها التحوطية بين الولايات المتحدة والصين لتجنب "الاعتماد المفرط على أي كتلة واحدة". قال خلال نقاش عبر الإنترنت استضافه مركز الأبحاث يوم الخميس، "إن القرب الجغرافي للصين منحها أحيانًا أفضلية على الولايات المتحدة".
ويرى محمد حبيب، الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن إندونيسيا تحتاج - إضافة إلى العمل مع الولايات المتحدة والصين - إلى الدفع نحو تعاون أقوى مع القوى المتوسطة الأخرى. قال: "أعتقد أننا بحاجة إلى التفكير ورؤية العالم خارج نطاق القوتين العظميين".