92 مليار دولار معاملات الاندماج في الشرق الأوسط والسعودية تتصدر
قال قسطنطين كوتزياس المدير الأوروبي في مجموعة بلومبرغ إل بي أن دول الخليج حققت تقدما ملحوظا في تنويع وتوسيع أسواق رأس المال. ويعد نمو أسواق الدين من أبرز المؤشرات على ذلك، فقد ارتفعت الديون المستحقة على دولة الإمارات بنسبة 13.1% على أساس سنوي، لتبلغ 294.4 مليار دولار بحلول الربع الثالث من عام 2024. ويعكس هذا جهوداً إقليمية واسعة تهدف إلى توسيع مصادر التمويل بما يتجاوز الإقراض المصرفي التقليدي.
وأضاف كوتزياس ان أسواق رأس المال في منطقة الخليج تشهد توسعا متزايدا، مدفوعا بإصدارات الصكوك والسندات الخضراء وأدوات الدخل الثابت الأوسع. وتتصدر السعودية ودولة الإمارات وقطر هذه الإصدارات، فيما تواصل سلطنة عمان و البحرين تطوير أسواق الصكوك فيهما، ما يعكس جهود المنطقة الرامية إلى التنويع المالي، وجذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز التكامل في أسواق رأس المال.
وقال المدير الأوروبي في مجموعة بلومبرغ إل أن أنشطة الاكتتاب العام ستواصل أداءها القوي، حيث سجلت دول مجلس التعاون رقماً قياسياً في الاكتتابات الأولية في عام 2024، متجاوزة 50 اكتتاباً في مختلف أنحاء المنطقة. واستحوذت الإمارات والسعودية على الحصة الأكبر من هذه العمليات، التي شملت قطاعات متنوعة مثل الطاقة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية.
واشار الى ان عمليات الاندماج والاستحواذ تعد مؤشراً رئيسياً آخر على النمو الذي تشده السوق، مضيفا انه وفقاً لتقرير EY MENA لعام 2024، تجاوزت معاملات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 92 مليار دولار، وتصدرت السعودية والإمارات القائمة في المنطقة. لافتا الى ان الهيئة العامة للإحصاء في السعودية ذكرت ان السعودية وافقت على 202 طلب تركيز اقتصادي خلال العام - بزيادة قدرها 17.4% مقارنة بعام 2023، ما يعكس بيئة أعمال أكثر دينامية وتنافسية
واكد قسطنطين ان هذه التطورات تشير إلى تنامي دينامية أسواق رأس المال في دول مجلس التعاون وتزايد تكاملها على المستوى العالمي، ما يعزز دورها في دفع عجلة التحول الاقتصادي الأوسع الذي تشهده المنطقة.
وبين ان إصلاحات سوق رأس المال في السعودية لعبت دورا رئيسيا في التنويع الاقتصادي في إطار رؤية المملكة لعام 2030، حيث أطلقت المملكة تغييرات في أطرها التنظيمية بغية جذب الاستثمارات، وتوسيع المشاركة في السوق، وتوفير منظومة مالية أكثر دينامية.
كما تساهم سوق الديون المتنامية في السعودية، ولاسيما في مجال الصكوك والسندات الخضراء، في دعم جهود التنويع الاقتصادي، حيث توفر هذه الأدوات تمويلاً لمشاريع البنية التحتية والاستدامة الرئيسية، ما يقلل من اعتماد السعودية على عائدات النفط.
واكد أن هذه الإصلاحات تساهم في بناء اقتصاد أكثر استدامة وتنوعا من خلال توسيع خيارات التمويل وجذب الاستثمارات عبر قطاعات متعددة. وعلى الرغم من حالة عدم اليقين المستمرة، وتساهم هذه الإصلاحات في تعزيز الثقة في السوق وتعزيز الاستقرار المالي للمملكة، ما يساعد على تعزيز قدرتها التنافسية ونموها الاقتصادي على المدى الطويل.
وأوضح ان رؤية 2030 أحدثت تحولاً كبيراً في حضور السعودية في أسواق رأس المال الدولية، حيث تجاوزت اعتمادها التقليدي على النفط إلى نموذج اقتصادي أكثر تنوعا، ويعد رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى "A+" مؤخراً من قبل مؤسسة ستاندرد أند بورز أحد أبرز المؤشرات إلى هذا التحول، ما يعكس نجاح الإصلاحات الاقتصادية المستمرة التي تهدف إلى الحد من الاعتماد على النفط.
وقد شهدت أسواق رأس المال في السعودية نمواً كبيراً، حيث تم جمع أكثر من 274 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية لدعم مبادرات رؤية 2030. وأسهمت هذه الاستثمارات في تطوير قطاعات متنوعة، بما في ذلك الطاقة المتجددة والسياحة والتكنولوجيا، الأمر الذي عزز اندماج السعودية في المنظومة المالية العالمية.
وتؤكد هذه التطورات على الدور المتنامي الذي تضطلع فيه المملكة في أسواق رأس المال الدولية، مدفوعة بالإصلاحات الاستراتيجية والاستثمارات المستهدفة التي تعيد رسم المشهد الاقتصادي السعودي.
واضاف: شهد عام 2024 طفرة في الاستثمار الأجنبي في أسواق رأس المال السعودية.
وقال ان السعودية شهدت العام الماضي تدفقاً ملحوظاً للاستثمارات الأجنبية في أسواق رأس المال، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر حتى عام 2025. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد المملكة بنسبة 3.3% في عام 2025، ما يعكس بيئة اقتصادية قوية مواتية للاستثمار.
إضافة إلى ذلك، يهدف تنفيذ قانون الاستثمار الجديد في فبراير 2025 إلى تبسيط العمليات للمستثمرين الأجانب، فضلاً عن حماية حقوق الملكية الفكرية، وضمان المعاملة العادلة إلى جانب المستثمرين المحليين، وبالتالي تعزيز المناخ العام للأعمال في المملكة، كما تعكس المبادرات الاستراتيجية، مثل قرار صندوق الاستثمارات العامة لتثبيت صناديق غولدمان ساكس التي تركز على الخليج، التزام السعودية بالاندماج في أسواق رأس المال الدولية.
ومع ذلك، من المهم إدراك أن الظروف الاقتصادية العالمية، بما في ذلك تقلبات أسعار النفط والتطورات الجيوسياسية، يمكن أن تؤثر على معنويات المستثمرين. إلا أن الإصلاحات المستمرة والمساعي الاستراتيجية في السعودية ستظل تعزز من مكانتها كبيئة مواتية لجذب استثمارات أجنبية كبيرة في عام 2025.
وعن التدابير التي يجب تنفيذها لزيادة حجم سوق أدوات الدين كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، قال ان توسيع سوق الدين السعودي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي يتطلب مجموعة من العوامل التي تشمل الشفافية والدعم التنظيمي وتحسين البنية التحتية، وتتمثل إحدى الأولويات الرئيسية في إنشاء سوق ثانوية أكثر سيولة لأدوات الدين، واعتماد أنظمة التسوية ومنصات التداول الرقمية لجعل المعاملات أكثر كفاءة، ما يؤدي إلى تعزيز إمكانية الوصول للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.
كما يعد التنويع الاقتصادي أمراً بالغ الأهمية أيضاً، فبينما تواصل السندات الحكومية هيمنتها، سيساعد توسيع نطاق منتجات الديون، مثل الصكوك والسندات الخضراء والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري السكني، على جذب قاعدة أوسع من المستثمرين. ويمكن أن توفر الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري السكني، على وجه الخصوص، فرصاً جديدة للمستثمرين من المؤسسات، مع دعم قطاع الإسكان المتنامي في البلاد.
وتلعب الأطر التنظيمية دوراً في ضمان الثقة في السوق على المدى الطويل، إذ أن تساهم مواءمة أنظمة سوق الدين مع المعايير الدولية وزيادة الشفافية وتوحيد متطلبات الإفصاح، في جعل الصكوك السعودية أكثر جاذبية للمستثمرين العالميين. كما أن تشجيع إصدار سندات الشركات إلى جانب الدين الحكومي يؤدي إلى تعزيز وتوسيع السوق، ما يوفر للشركات بديلاً للتمويل المصرفي التقليدي ويقلل من الاعتماد على اقتراض القطاع العام.
وأكد ان التكنولوجيا ستلعب دوراً مهماً في دفع عجلة النمو، إذ يمكن للمنصات الرقمية التي تعمل على تبسيط إصدار السندات وتداولها، إضافة إلى التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، أن تساهم في تحسين الكفاءة وتعزيز إمكانية الوصول إلى السوق.