من الازدهار إلى الانهيار .."نيسان" عند حافة الهاوية مجددا بعد 25 عاما من الإنقاذ
قبل نحو 25 عاما، دخلت "نيسان" اليابانية في أزمة أوصلتها إلى حافة الإفلاس؛ في ذلك الوقت، أنقذها تحالف إستراتيجي مع "رينو" الفرنسية، هندسه رئيسها التنفيذي الأسبق كارلوس غصن، من براثن ديونها الضخمة.
حصلت "رينو" على حصة نسبتها 36.6% في الشركة اليابانية العملاقة نظير سداد 5.6 مليار دولار من ديونها، فأصبحتا معا في ذلك الحين رابع أكبر تحالف لصناعة السيارات في العالم.
بينما مكن ذلك التحالف "نيسان" من خفض ديونها المتراكمة، استفادت "رينو" أيضا من قوة "نيسان" في أمريكا الشمالية لسد فجوة مهمة في تلك السوق؛ وكانت قدرات الشركتين مكلمة لبعضهما البعض، بحسب غصن.
كانت مهمة الرجل في ذلك الوقت تحويل الشركة اليابانية إلى الربحية؛ لكنها لم تكن بالمهمة السهلة، حيث كانت تكلفة الإنتاج مرتفعة للغاية، فضلا عن أن الطاقة الإنتاجية كانت أكبر بكثير من الحاجة، وكانت ديون الشركة تتجاوز 11 مليار دولار، حتى بعد التحالف مع "رينو"؛ وكان عليه تنفيذ خطة إنقاذ صعبة شملت تسريح آلاف الموظفين.
بعد ثلاث سنوات فقط، عادت نيسان إلى الربحية؛ وفي عام 2017، أي قبل عام من اعتقال غصن في اليابان بتهم مالية ينكرها الرجل، بلغ عدد المصانع التي يشغلها التحالف 122 مصنعا، بينما وصل تجاوز عدد السيارات التي باعها 10 ملايين سيارة.
اليوم، يقول غصن، الذي شكل ملامح التحالف بين "نيسان" و"رينو" عام 1999، أسهم "التحول" الذي شهدته الشركتان منذ رحيله في تنامي الصعوبات التي تواجهها "نيسان"، والتي باتت من وجهة نظره "تتوسل للحصول على بعض المساعدة المالية، بينما عادت "رينو" إلى ما كانت عليه قبل عام 1999، شركة أوروبية صغيرة"، وفقا لما نقلته عنه مجلة "وول ستريت جورنال".
على حافة الهاوية من جديد
تراجعت القيمة السوقية لشركة نيسان إلى 8.65 مليار دولار أمريكي، من نحو 21.8 في عام 2021.
وأصبحت ملامح الأزمة المالية التي تمر بها "نيسان" واضحة في نوفمبر الماضي، عندما أدى تراجع صافي دخلها 94% إلى إطلاق خطة لتسريح 9 آلاف موظف وتقليص الطاقة الإنتاجية بنسبة 20% وخفض التوقعات السنوية للأرباح بنسبة 70%.
أيضا، تريد "نيسان" إغلاق مصنع لإنتاج السيارات في مدينة ووهان الصينية بنهاية مارس 2026، وفقا لما نقلته وكالة "رويترز" عن مصدرين قالت إنهما مطلعين على خطط الشركة.
كانت تقارير صحفية تحدثت عن أن معدل الإنتاج في المصنع، البالغة طاقته الإنتاجية 300 ألف سيارة سنويا، قد بلغ 10 آلاف سيارة فقط منذ بدأت عمليات المصنع عام 2022.
وتتوقع نيسان صافي خسارة يصل إلى 5 مليارات دولار في السنة المالية المنتهية مارس الماضي، مرجعة السبب إلى انخفاض القيمة وتكاليف إعادة الهيكلة، إضافة إلى انخفاض المبيعات، وفقا لما ذكرته في بيان.
تقول الشركة إن مراجعة أصول الإنتاج في أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأوروبا واليابان أظهرت انخفاض في القيمة تجاوز 500 مليار ين (نحو 3.5 مليار دولار)، بينما تتجاوز تكاليف إعادة الهيكلة 60 مليار ين (نحو 417 مليون دولار).
وبينما يقول الرئيس التنفيذي الحالي إيفان إسبينوزا إن الشركة لديها الموارد المالية وخطوط الإنتاج القوية "والعزم على إحداث تحوّل في الفترة المقبلة" ، تقدر الشركة صافي حجم السيولة النقدية لديها بنهاية مارس الماضي عند نحو 1.5 تريليون ين (نحو 10.4 مليار دولار).
وتظهر بيانات "بلومبرغ" أن حجم السيولة والأصول القابلة للتسييل لدى الشركة انخفض إلى نحو 13.3 مليار دولار، مقارنة مع نحو 18.8 مليار في عام 2018.
في المقابل، انخفض إجمالي حجم ديون الشركة خلال الفترة إلى 55.27 مليار دولار من نحو 68.7 مليار.
البحث عن منقذ
انطلقت "نيسان" في رحلة البحث عن صفقة تنقذ وضعها المالي؛ وأشارت تقارير صحفية في فبراير الماضي إلى انفتاح الشركة على العمل مع شركاء جدد بعد فشل مباحثات الاندماج مع "هوندا".
انهارت المباحثات بين الشركتين بعد أن طلبت "هوندا" أن تتحول في إطار الصفقة إلى الشركة الأم لنيسان وتصبح الأخيرة تابعة لها، بدلا من تأسيس شركة قابضة مشتركة تعيّن "هوندا" معظم مديريها، ورئيسها التنفيذي، وهو ما رفضته "نيسان".
لكن يبقى من المنقذين المحتملين "فوكسكون" التايوانية، التي تحاول إيجاد موطئ قدم لها في قطاع إنتاج السيارات الكهربائية.
كانت "فوكسكون" قد أبدت العام الماضي اهتمامها بالتعاون مع "نيسان"، قبل أن توقف هذا الاهتمام عندما علمت بمفاوضات الاندماج التي كانت تجريها الشركة اليابانية مع "هوندا".
لم تتخل "فوكسكون" تماما عن الفكرة، بحسب تقارير. وكشفت الشركة التايوانية من قبل عن نيتها المشاركة في مستقبل "نيسان" كمورد من الفئة الأولى، بحيث تقدم خدمات التصنيع دون أن تتولى أي دور ينطوي على ملكية في الشركة.
قد يكون صندوق الاستثمارات العامة السعودي من المستثمرين المحتملين في "نيسان"، وفقا لما ذكرته تقارير صحفية، مستندة إلى اهتمام الصندوق بقطاع السيارات، خاصة السيارات الكهربائية.
ويملك صندوق الاستثمارات العامة حصة مسيطرة في "لوسيد" الناشئة لصناعة السيارات الكهربائية؛ كما أطلق بالشراكة مع "فوكسكون" العلامة التجارية "سير" كأول علامة تجارية سعودية في قطاع صناعة السيارات الكهربائية. لكن لم تصدر عن الصندوق أي إشارات في هذا الشأن حتى الآن.