لتصبح كاتبا للأغنية.. اجمع الحروف التالية و"نغنغ" الملحن!
حين تستمع لأغنية جديدة تستبقها الفلاشات الصوتية المميزة في الإذاعات "الشبابية" مع كلمات من نوع "إجديد أصالة نصري" أو "إجديد عباس إبراهيم"، فهنا لا يمكنك البصم بالتأكيد أن ما ستسمعه سيكون جديدا - على الأقل على مستوى الكلمات- فكل الذي يحصل هي خلطة أخرى لكلمات مبتذلة لن تتعدى العشرة إن ازدادت.
لابد أن تجد فيها إشارة إلى القلب والعين، و لا أحد يعلم لماذا لم تضم الكبد والأذن إلى القائمة طوال هذه السنين، وخلال عشرات الآلاف من الأغاني التي جعلت "قلبي وعيني" حينما تردد لا تعدوا كونها مقدمات أغنية جديدة أو بداية طريق إلى سخافة أخرى مبتذلة لا ترى معها الكلمتان سوى مزحة، مهما كان غرض استخدامهما لكونهما "قلبي وعيني" ظلتا دائما في نظر مستمعي الأغاني العربية على مدى السنين ترهات يقذفها المغني إلى المتلقي ليؤذي قلبه ويعمي عينه!
الليل والنسيان كادا ينسيان نفسيهما في ليل الأغاني المعتمة ليتحول معناهما إلى سواهما مع كثرة الترديد وعجن الكلمات، في ليل مظلم من شاعر ساقط ليتلقاها متلق في الصباح نسي بدوره جهاز مذياعه مفتوحا لتنساب الألحان المسروقة من إذاعة "مأجورة" اشتراها المنتج، لتصب سقط الكلام و مبتذل المفردات في آذان ملت التكرار الممجوج الذي ألبسوه لباس الفن.
إنها صرخات متلقين نست أن تسمعها أذان المنتجين الذي ظلوا يرددون طوال عقود ساقطة "الجمهور عاوز كده" يردون بها كل انتقاد ويغلقون بها كل الأبواب لتحسين مواد إنتاجهم .. إنه الليل الذي نسي أن يأتي بعده الصباح، و"يا ليل ما أطولك" بلهجة محكية معبرة. إذا فهو الليل والنسيان إلى جانب كلمات أخرى يتم بقدرة بارعة "لوكها" لتكون بقالب جديد يقدم للجمهور الجائع، ولا تنس كلمات من نوع "روح، خلاص, الهوى"، و"الذي هوى حتى أصبح ساقطا "لا يُرفس" من كثرة الاستهلاك.
يقول شعراء ابتعدوا عن تقديم كلمات الأغاني كالشاعر حامد زيد "إن الأغاني تحتاج إلى كلمات ركيكة في الغالب لا تحتمل معها الصور البديعة والكلمات الجزلة" – يادي "جزلة" اللي موديتنا بداهية - بينما يؤمن شعراء آخرون بأهمية الشعر الغنائي وأنه مدرسة في حد ذاته، إذا أخذت ضوابطه وابتعد عن الكلمات المبتذلة والصور المكررة، في حين يرى المتابع عبد الرحمن الجابري أن القصائد تغنى بطريقة جيدة أحيانا مستشهدا بأكثر من قصيدة للإمام الشافعي تم تلحينها وقد حوت في مجملها حكما رائعة إلى جانب قوة المفردات وبداعة الصور والتعبيرات، وكذلك الحال لقصائد للمتنبي ولإبراهيم ناجي وغازي القصيبي و آخرون.
في حين كتبت القصيدة المحكية التي تم تلحينها بنجاح حاز إعجاب واحترام المتلقين كقصائد الأمير خالد الفيصل وقصيدتين للشاعر خلف العتيبي غنيتا بنجاح مع كونهما إلى جانب احتوائهما مفردات عادية جاءت كما لو كانت بوابة دخول، تم توظيفها جيدا بحيث سيعرف المتلقي الذي يسمع الأغنيتين للمرة الأولى، أن فيهما مفردات تستخدم لأول مرة في الساحة الغنائية.