الخلاوي .. والمهندس الكبير
وادٍ جرى لا بد يجري من الحيا
إن ما جرى عامٍ جرى عام عايد
هذا ما قاله الشاعر الأسطورة راشد الخلاوي، الذي يتوقع أنه عاش في النصف الأول من القرن العاشر الهجري. ويقصد ببيت الشعر أن أي واد من الأودية جرى وسال من المطر في يوم من الأيام، فإنه لا بد أن يسيل من المطر مرة أخرى إما هذا العام أو في سنوات مقبلة. ويريد بذلك تنبيه الناس وأهل بيوت الشعر والماشية كي لا ينزلوا في الأودية ولا يأمنوها، وكذلك ينبه أهل القرى كي لا يبنوا بيوتهم في أودية أو قريبا منها، فإنها لا بد أن تسيل وتجرفهم، حتى لو طال موسم الجفاف. وقد وهب الله المطر قوة خارقة، غالبا ما تقهر قوة البشر، ولهذا يجب أن نحترم قوانين الطبيعة، ولا نخالفها اغترارا منا بقوتنا البشرية وقدراتنا. وكان الأمير فهد الفيصل الفرحان، أمين مدينة الرياض بين عامي (1373- 1386هـ) يسمي المطر المهندس الكبير، وحين سأله المهندسون الذين يعملون مع الأمانة في مشروع حي البطحاء في الرياض عن رأيه، أجابهم سيأتي المهندس الكبير ويخبرنا. يقصد بذلك أن المطر يكشف عيوب المشاريع ويبين ما فيها من أخطاء.
لقد شقت الأمطار والسيول طريقها عبر آلاف السنين، بقوة خارقة، فلماذا يدفن البشر هذا الطريق بعنجهية غير منطقية، وطمع وجشع، فأضروا العباد والبلاد.
هل ثقافة البشرية تتقدم أم تتخلف؟ هل يفهم شاعر نبطي عاش قبل مئات السنين أكثر من مهندسين حصلوا على شهادات عليا من أرقى جامعات العالم.
دفعني إلى كتابة هذه المقالة ما سمعته من أحد الأصدقاء عن دفن إحدى العيون الكبيرة في إحدى مدن السعودية، ليتم تخطيطها وبيعها.. ورباه لطفك.