محورية دور الموارد البشرية في بيئة العمل
باتت مشاركة إدارة الموارد البشرية في تصميم بيئات العمل أكثر أهمية من أي وقت مضى، بل دورها محوري ورئيس. هذا الأمر تؤكده التوجهات العالمية في هذا الشأن، وتدعمه عديد من الرؤى المتخصصة، وذلك من أجل تحفيز فرق العمل على العطاء بصورة أكبر، وتحقيق مصالح طرفي العلاقة، الموظف والمنشأة.
ولو توجهنا بسؤال إلى كل مسؤول عن منشأة تسعى إلى التطور والاستمرار: ما الإدارة الوحيدة التي لا يمكن الاستغناء عنها في التخطيط و الاستشارة؟ من البديهي أن يجاب بأنها إدارة الموارد البشرية لأن أهميتها كبيرة في أي مكان عمل، حتى أنه من غير الممكن عدم إشراك إدارة الموارد البشرية في تصميم أي مكان عمل جديد" لتهيئة البيئة المناسبة للعمل وتحديد احتياجات القوى البشرية.
ومما يعلم أن إدارة الموارد البشرية في المنشآت تؤدي دورا مهما في رفع الكفاءة الإنتاجية للمنظمة، وبالتالي في تحسين العلاقات الإنسانية، وهو ما يمكن استثماره إيجابا بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتحقيق أهداف المنشأة.
إن من المعايير الرئيسة لإنشاء بيئة عمل فاعلة، معيار الرضا الوظيفي، ويمكن للمنشأة تحقيق نجاحات مهمة في هذا المعيار إذا ما جودت طرق التدريب وآلياته، وقدمت الأجور والحوافز والترقيات بطريقة عادلة وملائمة، بما يحقق المنفعة للطرفين، الموظف والمنشأة.
ولو دققنا في معيار الرضا الوظيفي ــ على سبيل المثال ــ لوجدنا أنه مرتبط بصورة وثيقة وشبه كلية بإدارة الموارد البشرية التي يقع عليها دور رئيس في تعظيم التفاعل الإيجابي والشفاف مع الإدارات الأخرى، لتحقيق الأهداف التي ترنو لها المنشأة وتعمل عليها.
ويرتكز مفهوم إدارة الموارد البشرية إلى مبدأين أساسيين: البشر من أهم الأصول التي تمتلكها المنشآت وتسهم في نجاحها، وربط سياسات وإجراءات الأفراد بأهداف المنشأة واستراتيجياتها. ومن الصعوبة بمكان توظيف المبدأ الأول، وتعظيم المنافع من المبدأ الثاني في حال عدم توافر بيئة عمل فاعلة.
ولقد أضحى الاهتمام ببيئة العمل إحدى أهم الاستراتيجيات في النموذج الإداري الحديثة، ووفقا لدراسة أجرتها الجمعية الأمريكية للتصميم الداخلي، فإن تصميم مكان العمل يعد واحدا من أكثر ثلاثة عوامل مؤثرة في الأداء والرضا الوظيفي، وخلصت الدراسة نفسها إلى أن 50 في المائة من الباحثين عن عمل يفضلون العمل في منشأة تكون فيها "البيئة المادية لمكان العمل" جيدة.
ويرى مختصون في الموارد البشرية وكيفية تنميتها، أنه توجد ثلاثة أبعاد في نموذج بيئة العمل النموذجية، وهي: الثقة، الاعتزاز، المودة، في بيئة العمل.
إن تصميم بيئة عمل نموذجية لا يمكن أن يتأتى بين عشية وضحاها، بل من ثقافة حقيقية في ذهن القائد، ومن ثم العمل على ترسيخ تلك الثقافة في الإنسان والمكان.