حكاية ما قبل النوم

حكاية ما قبل النوم

كان ياما كان في سالف الأزمان، كان هناك أخوان أحدهما يدعى "طماطة" وهو شاعر، والآخر "بلاطة" وهو للمصادفة شاعر أيضا! "طماطة" يعشق الحرية و"بلاطة" "ما تفرقش" عنده، "بلاطة" يعشق الفلس ويموت على القرش و"طماطة" "ما تفرقش" عنده، "طماطة" يريد أن يعيش فقط، "بلاطة" يبي يعيش ويكوّش!
التحق الأخوان بلاطة وطماطة بصالة هامور الأسهم الشهير "أبو نقطة" ليتكسبا من شعرهما في صالته التي تعج بالمنافقين، يمدحان الأسهم الطالعة مع المداحين، ويخفسان بالأسهم الخشاش مع "الخفاسين"، وبحكم مواصفات "طماطة" "الخايسة"، كان صدره لا يتحمل النفاق للأسهم التي يحبها الهامور من زملائه الشعراء ويبدأ بالحشرجة، أما "بلاطة" فـ "مبسوط آخر انبساط"، بما أن مواصفاته ماشية مع ما يطلبه الهامور من شعر تافه. وفي يوم من الأيام "خربها" "طماطة" وقال شيئا من المدح في سهم خشاش لأنه يعتبر أن المستقبل مع الشركات المحلية، فطرده الهامور شر طردة، وأصر على أخيه الكبير "بلاطة" أن يكتب قصائد هجاء في "طماطة" وهو ما فعله فعلا حبا بالمال، يعني بالعربي الفصيح "أخوان، بس الله خلق وفرق"!
مع مرور الزمن "بلاطة" صار ساعد الهامور الأيمن، و"طماطة" أعطاه الهامور "بوز" رجله الأيمن، ومضى "يهيجن" في الصحاري والقفار لأنه لا يستطيع العيش في مكان يهجوه فيه أخاه، إضافة إلى أن الهامور أرسل فرقا من المأجورين المدربين على طرد "الطماطم الخايس"، وهكذا كانت حياته في منفى بلا منفى، يهرب ويهجو ولا ينام!
في هذه الأثناء رزقهم الله بأخ ٍ ثالث كان هجيناً بين الاثنين، سمته أمه "طلاطة" ودعت له أن لا يشبه أحدا من أخويه، وفعلا صار لا يشبه أحدهما، كبر الولد "طلاطة" وأصبح هجينا بين الأخوين، أخذ من الأكبر النفاق ومن الأوسط الوقاحة! فإن جاء مع "بلاطة" إلى مجلس الهامور صار من "بلاطة" آخر، وإن جاء مع "طماطة" صار مثله يركض ويهجو ولا ينام!
الهامور كان يعلم أن ما عند "طلاطة" "ما عند جدته"، ويعلم أن الأخ "طلاطة" يهجوه مع شقيقه الهارب "طماطة"، لكنه فضل عدم طرده حتى لا يصبح علة كأخيه الشريد "طماطة"، فيتناقل أعداء "الهامور" قصائد الأخ الجديد فقط لأنها تسب "الهامور" وليس لأنها جميلة! لذلك رأى "الهامور" أن "يسوي نفسه ما يدري"، والغبي "طلاطة" يعتقد أنه حقق المعادلة الصعبة، "ربحان فلوس نهارا.. ربحان نفسه ليلا"!
"بلاطة" الشقيق الأكبر أصبحت حياته لا تطاق، ففي المنزل أمه "تزن" على رأسه لكي يتوسط عند الهامور ويعيد أخاه الشريد "طماطة"، وفي صالة الهامور الكل يدعس عليه رغم تقدمه في السن بسبب موقفه الضعيف وانتسابه إلى أب يجمعه مع "طماطة"، وفوق هذا كله يسمع مجبرا "شتم" أخيه الأصغر "طلاطة" لأخيه الأوسط "طماطة" في الصالة! ناهيك عن كون الشعراء مستمرين بالتوافد بكثرة على الصالة، لذلك قيمة "بلاطة" بدأت تقل تدريجيا!
الأخ الأوسط "طماطة" من مكان إلى آخر، والإخوان المأجورون وراءه يركضون حاملين أجود أنواع "الزنوبة"، و"بلاطة" أيضا يحصل على كميات كبيرة من "المسط" بـ "الزنوبة"ـ إلا أن حاله أفضل لأنه لا يركض! أما "طلاطة" فلا هو الذي استطاع الحصول على عنب "بلاطة" أو حتى بلح "طماطة"، أمه تبرأت منه، و"الهامور" يضحك عليه!
الزبدة من الحكاية: عزيزي الشاعر.. عندما تلتفت يمنةً ويسرة أو حتى تنظر في المرآة، لن تجد سوى "طلاطات" في "طلاطات"، فقد اندثر الطماط والبلاط إلى الأبد!
نوماً هنيئاً...

الأكثر قراءة