رمضان في نجران .. عادات تحضر وأخرى تغيب بفعل التكنولوجيا والفضاء
رغم اتفاق جل المدن ومناطق السعودية في عادات شهر رمضان، إلاّ أن لمنطقة نجران وأهلها ما يخصهم من التقاليد التي توارثها الأحفاد عن الأجداد، خاصة فيما يتعلق بالطعام، وذلك كون نجران بلدا زراعيا، وللنخيل والتمور مكانة خاصة عند أهلها، إضافة إلى شهرة التمر الكبيرة، التي وصلت إلى اليمن والشام.
وتحدث لـ"الاقتصادية" محمد بن حمد القحص آل هتيلة -73 عاما- أحد مثقفي نجران، عن ذكرياته مع شهر رمضان قبل 50 عاما، قائلا: إن شهر رمضان يختلف عن بقية الشهور في نفوس الجميع، حيث لقدومه فرحة وبهجة في القلوب، مشيراً إلى غناء الأطفال قديما عند الأبواب ابتهاجا بقدومه.
وعن أبرز العادات النجرانية خلال الشهر قديما لفت القحص الانتباه إلى حرص الأهالي على جمع أنواع عديدة من التمور وتخزينها قبل رمضان بفترة، إضافة إلى حفظ الذرة، وكميات من بر نجران السمراء والعربية، حيث كان التمر والبر والذرة، من الأطعمة الرئيسية في شهر رمضان.
وأشار القحص الذي لديه 26 من الأبناء والأحفاد، إلى "الحميسة"، التي هي عبارة عن قطع صغيرة من اللحم يطهى بطريقة نجرانية، حيث يجفف ويوضع في مداهن ويحفظ في الدور، ويتم إعداده غالبا في عيد الأضحى ويستخدم طوال العام، وكذلك توفير المشروبات الساخنة ومنها القهوة والقش، إضافة إلى العنب المجفف المعروف بالزبيب الأسود الذي يتم تخزينه للشهر المبارك.
#2#
ولفت الانتباه إلى أهم الأكلات الشعبية التي كانت تقدم في ذلك الوقت ولا يزال أهل نجران يعدونها حاليا مثل الرقش، الذي يتكون من خبز البر ويتم رشه بالمرق وأحيانا اللحم، كما يوجد عدد من الأكلات التي تقدم في شهر رمضان ومنها "لكية" الشبيهة بأكلة الجريش، حيث كانت ربات البيوت يحتفظن بالذرة التي تصنع منها هذه الأكلة، ويتم إعدادها ليلة الجمعة، ثم توزع على أهالي القرية، وفيما يخص وجبة السحور، فكانت تضم قطعا من خبز البر مع السمن أو اللبن ولكن بكميات بسيطة مع تقديم كأس زبيب لكبار السن كونه يساعدهم على الصيام. وأوضح أن من العادات الرئيسية التي حرص الآباء والأجداد على ممارستها أيام رمضان، الذهاب إلى المسجد للصلاة وتعلم أمور الدين، مشيراً إلى تناوب أهل القرية على إحضار التمر والقهوة إلى المسجد لإفطار الصائمين.
وتابع، في تلك الأيام لم تكن هناك قنوات تلفزيونية وإنترنت كما هو الآن، فلم يكن موجودا إلا الراديو وكان محدودا جدا، ما يضطر الأصحاب للتجمع والسمر حوله خاصة عند موعد برنامج البادية، موضحا أن المباني حينها كانت من الطين، لذلك كانت باردة صيفا ودافئة في الشتاء.
وعن ألعاب الأطفال وهواياتهم أوضح القحص، أن الأطفال كانوا يلعبون ألعابا شعبية عند المسجد وأبواب الحوايا، التي هي عبارة عن فناء داخل بيوت الطين تجتمع فيه القبيلة، مبينا أن الإنارة لم تكن متاحة للجميع، حيث إن البعض كان متوافرا لديه الـ"تريك"، الذي يعمل باستخدام الجاز إضافة إلى الفوانيس التي لا يخلو منها بيت ولكنها تستخدم بطريقة اقتصادية حيث كان يتم إطفاؤها في العاشرة مساء.