مسعود .. لازم القرآن وختم حياته بالوضوء

مسعود .. لازم القرآن وختم حياته بالوضوء
النعش الذي جهز قبل وضع رئيس الاتحاد لنقلة إلى السعودية.

استيقظت جماهير نادي الاتحاد لكرة القدم، صباح الأول من سبتمبر، على فاجعة رحيل أحمد مسعود، رئيس مجلس الإدارة الذي رحل في الثالثة والنصف فجراً، عن عمر يناهز الـ75 عاماً، وذلك أثناء مرافقته بعثة فريق الكرة التي تقيم معسكراً إعدادياً في تركيا هذه الأيام تحضيراً لاستكمال الموسم. لحظات قاسية تلك التي يعيشها الاتحاديون في الوقت الراهن، بل إنها أكثر ألماً من جميع الأزمات التي حلت بالنادي في أوقات سابقة، حيث لم يمنح الموت لعشاق الرئيس المحبوب، الفرصة لوداعه، مع انطفاء الشمعة التي احترقت كثيراً لتضيء عتمة "العميد"، وتقوده لمنصات التتويج في جميع البطولات، سواء الداخلية أو الخارجية.
غادرت تلك البسمة الساحرة، التي ظلت ترتسم على وجه مسعود، حتى في أصعب المواقف، رحلت مخلفة وراءها موجة عاتية من الأحزان التي لن تغادر ديار الاتحاد قريباً، فالفقد الجلل لم يكن بالشخص العادي، لا بل إنه الرجل الذي قاتل ولم يهدأ له بال حتى كسر التحديات وصنع المستحيل، منذ اللحظة الأولى التي بلغ فيها كرسي الرئاسة.
ولأنها لا تعرف الغياب عن موقع الحدث، تروي "الاقتصادية"، اللحظات الأخيرة في حياة الراحل مسعود، فبعد زيارة التشيلي سييرا، المدير الفني لفريق الكرة الأول، لملعب التمساح في "بورصة"، الذي كان مقرراً أن يحتضن المواجهة الودية أمام فريق بورصة سبورت، وعلى إثر تلك الزيارة، قصد الرئيس أحد المطاعم، لتناول وجبة العشاء، قبل أن يعود للفندق ويتوجه مباشرة لغرفته، وفي الثانية والنصف من فجر اليوم التالي، استيقظ مسعود، على وقع أزمة صحية مفاجئة، عانى خلالها آلاما شديدة في الصدر، سارع معها بالاتصال بكمال الدولي، مترجم المدرب التشيلي، وطلب منه إحضار الطبيب بسرعة.
وصل الأخير مدعّماً بسيارة الإسعاف، ليجدوا رئيس نادي الاتحاد قد توضأ، وقبل أن يغادر ألقى بنظرة أخيرة على سلطان ينبعاوي، أحد إداريي الفريق، موجهاً له رسالة صغيرة " قول لهم يسامحوني".
دقائق قليلة مضت قبل أن ينتشر الخبر الصادم بانتقال أحمد مسعود إلى بارئه، ومن بعد أجرى المترجم اتصالاً هاتفياً بعمر مسعود، ابنه الأكبر، ليخبره بوفاة والده، ويتحوّل معسكر الاتحاد لحالة من الهلع والبكاء، من قبل جميع أفراد البعثة الذين لم يجدوا شخصاً يواسي أحزانهم العميقة وفقدهم الجلل، سوى حفيده الصغير، الذي لم يترك جده ينام ولو ليلة واحدة في تركيا، دون أن يكون بجانبه، لكنه بدا أصغر بكثير من أن يتحمل تلك اللحظات القاسية فدخل في نوبة من البكاء، في مشهد يدمي الحجر.
وفي خضم تلك الأحزان، يشد العيون منظر آخر يحكي قيمة من مضى، حيث انهارت مس فوندا، مديرة الفندق، وبكت رئيس الاتحاد بدموع ساخنة، ثم قالت "هذا الرجل العجوز لا يقابلنا منذ حضوره سوى بالابتسامة، تصدّق علينا بالابتسامة".
السفارة السعودية في تركيا، لم تتأخر عن أدوارها التي تذكر عليها وتشكر، حيث كان السفير عادل مرداد، والقنصل مساعد قناوي، وبقية أعضاء السلك الدبلوماسي، يقفون جميعهم لأجل تذليل كل العقبات لنقل جثمان الراحل من المشفى لأرض الوطن، في العاشرة والنصف البارحة، عبر طائرة متجهة لجدة، على أن يصلوا عليه ظهر اليوم في المسجد النبوي، قبل دفنه بالبقيع، بحسب وصيته الأخيرة.
فيما لم يستطع حاتم باعشن نائب الرئيس ورفيق درب المسعود، الحديث لـ"الاقتصاديه"، من هول الصدمة وشدة الحزن، مكتفيا بـ "الحمد لله على كل حال, وإنا لله وإنا إليه راجعون.
من جانبه علّق عبدالله شرف الدين، المفاوض الاتحادي وأكثر الداعمين للمسعود بالقول "إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله والدي وعمي وأخي وصديقي ورئيسي وغفر الله له وأسكنه فسيح الجنان ولا حول ولا قوة إلا بالله".‏‫

الأكثر قراءة