كثافة حشود الحجاج في «الحد الآمن» .. 4 أشخاص في المتر الواحد
أكد لـ"الاقتصادية" الدكتور باسم بن جميل ظفر، أستاذ الاتصالات والذكاء الاصطناعي في جامعة أم القرى وخبير إدارة الحشود، سلاسة الحركة وانخفاض كثافة الحشود في جميع المناطق بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، إذ لم تتجاوز كثافة الحجاج حدود الأربعة أشخاص في المتر المربع الواحد، وهو ما يعتبر الحد الآمن لكثافة الحشد.
وتوقع الدكتور ظفر أن يشهد اليوم ذروة الكثافة في الحشود في منشأة الجمرات في مشعر منى، وفي المسجد الحرام، نظراً لتزاحم الحجاج الراغبين في التعجل في ثاني أيام التشريق، خصوصاً التجمع قبل الزوال استعداداً لرمي الجمرات والخروج من مشعر منى قبل غروب الشمس، إلا أنه توقع مع ذلك تفويجاً مريحاً لضيوف الرحمن.
وأشاد بنجاح الأمن العام في إدارة حركة الحجاج في الفترة المنقضية من موسم الحج، من خلال تطبيقه خططاً تفويجية مستحدثة للمرة الأولى بتقسيم حشود الحجاج إلى مجموعات منفصلة والتحكم في التقاطعات، واصفاً إدارة حركة الحجاج بالممتازة.
ولفت إلى أن متابعة رمي الجمرات في يوم عيد الأضحى أظهرت استخدام الحجاج للمسارات الأساسية المتجهة إلى جسر الجمرات، والمؤدية إلى الطابقين الأول والثاني، ما يرفع كثافة الحشود في هذين الطابقين، مقابل انخفاضها في بقية الطوابق العليا.
ويرأس الدكتور ظفر حالياً فريقا بحثيا من جامعة أم القرى حالياً، يضم أيضاً كل من الدكتور ياسر صالح، والدكتور عماد فلمبان، يعمل على إجراء دراسة علمية لإحصاء ومراقبة ورصد الحشود خلال موسم حج هذا العام، وذلك ضمن مشروع بحثي مدعوم من الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
وأفاد الدكتور ظفر بأن فريق الدراسة يعمل خلال موسم الحج الحالي على تجميع البيانات ورصد الحشود في 12 موقعاً مختلفاً في المشاعر المقدسة والحرم المكي الشريف، عبر تنفيذ عمليات العد وحساب الكثافات الآلية، باستخدام تقنيات الرؤية الحاسوبية التي يعمل على تطويرها فريق الباحثين.
وأشار إلى أن أهداف الدراسة تشمل قياس أعداد وكثافة الحشود في الحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة، وقياس زمن الطواف وسرعة الحركة، وكذلك قياس زمن السعي وكثافته، وبناء نموذج يوضح الطاقة الاستيعابية المثلى للمطاف، كاشفاً عن ربط ثلاث كاميرات للحصول على صورة ممتدة لـ360 درجة للمطاف.
وبين أن فريق البحث يعمل على التعرف على الأعداد في الحرم المكي والمشاعر المقدسة، وحساب الكثافات في المطاف، والسرعة والحركة في المسجد الحرام، مشيراً إلى أن رصد سرعة الحركة في المطاف في وقت الذروة في شهر رمضان أظهر أن زمن الطواف فيه لا يتجاوز 56 دقيقة، لكنها تزيد في الطوابق العليا بسبب زيادة قطر دائرة الطواف.
وقال الدكتور ظفر "يمثل هذا الابتكار نقلة نوعية في مجال تقنيات إدارة الحشود، إذ يسمح بإجراء القياسات بدقة عالية لأعداد وكثافات الحشود في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة، ما يسمح بالحفاظ على أمن وسلامة الحشود عند زيادة الأعداد في جميع الأماكن التي يتم تغطيتها بكاميرات المراقبة، كما يمكن إرسال تنبيهات من النظام في حال زيادة الكثافات والأعداد عن الحدود الآمنة".
وأوضح الدكتور ظفر أن هذا المشروع "فريد من نوعه في العالم حيث إنه مصمم للكثافات العالية، التي تتناسب مع بيئة الحج والعمرة، ويمكن استخدام نظام الرؤية الحاسوبية لتأمين سلامة الحجاج في حال ربطه بالكاميرات الموجودة حالياً لرصد تحركات الحجاج والمعتمرين والزائرين خلال موسم الحج والعمرة". وذكر أنه يمكن اعتماد نظام العد بالرؤية الحاسوبية أيضاً لحساب أعداد التجمعات الكبيرة في الملاعب الرياضية أو المناسبات الكبيرة، لضمان سلامة الزوار وإجراء احصاءات عن الأعداد والكثافات، مشيراً إلى أنه يمكن لهذا النظام أن يرتبط مع أنظمة الكاميرات وأجهزة المراقبة الحالية، ما يعني توفيراً كبيراً في التكاليف المالية والوقت اللازم لتشغيله.
وأوضح الدكتور ظفر أنه جاري العمل على تطوير النظام للوصول إلى أعلى مستوى كفاءة، كما سيتم تسجيل براءة اختراع في مكتب الملكية الفكرية عند الانتهاء من تطوير النظام.
وأشاد بالدعم المقدم من حكومة خادم الحرميين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ممثلة في الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، كونه يسهم في الرقي بمستوى الباحثين السعوديين وصولاً إلى مصاف الريادة العالمية في الأبحاث والابتكارات. كما أشاد أيضاً بدعم عمادة البحث العلمي بجامعة أم القري وإدارة الحشود برئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لدعمها للمشروع.