أندية الرياضة النسائية.. مدربات غير متخصصات ومساحات ضيقة ورقابة غائبة

أندية الرياضة النسائية.. مدربات غير متخصصات ومساحات ضيقة ورقابة غائبة

اتجه أخيرا كثير من النساء السعوديات إلى ارتياد المراكز الرياضية النسائية التي بدأت تظهر في بعض المستوصفات والمراكز التجارية المخصصة للنساء، ومما زاد من هذا الإقبال ارتفاع نسبة البدانة بين السعوديات حيث أكدت دراسة حديثة أن 70 في المائة منهن مصابات بالسمنة، ويبدو أن الوعي بمخاطر السمنة حفز الكثيرات على البحث عن شتى الوسائل لتخفيف أوزانهن بما في ذلك الانتظام في أندية رياضية.
"الاقتصادية" وفي جولة لها على بعض هذه الأندية لمست وجود العديد من أوجه القصور فيها، وتتعلق هذه الأوجه بكل مرتكزاتها: المكان ونوعية الأجهزة وعددها، وكفاءة المدربات والمختصات بالتغذية، إضافة إلى أسعار التسجيل.
وعبر عدد من المشتركات في أندية رياضية عن تذمرهن من ضعف الرقابة على هذه الأندية إذ قالت منيرة سعد-موظفة- إنها التحقت بناد صحي في حي راق في الرياض وداومت على الحضور لمدة سنة ونصف وما زالت غير راضية عن مستوى النادي؛ فعلى الرغم من أنه يقع في حي راق إلا أنه مكتظ بالزائرات نتيجة تخفيض إدارة النادي للرسوم بمناسبة الصيف حتى وصلت إلى 200 ريال شهريا بعد أن كانت ألف ريال، ونتيجة لهذا الاكتظاظ لم تتمكن منيرة من مزاولة الإيروبيك كما تشاء، وأصبح حضورها مقتصرا على السير على جهاز السير أو الدراجة، وانتقدت منيرة مكان النادي حيث ترى إنه غير صحي كونه في البدروم ولا توجد فيه تهوية، إضافة إلى ضيق مكان ممارسة الرياضة فغالبا ما يزيد عدد الحاضرات على 50 سيدة في مساحة لا تتعدى 35 مترا مربعا.
وأضافت أن تعطل بعض الأجهزة منذ أسابيع أدى إلى ازدحام المتدربات على باقي الأجهزة حيث تنتظر كل متدربة وقتا طويلا حتى يتسنى لها ممارسة الرياضة.
وانتقدت المتدربة تغريد محمد المراكز الرياضية النسائية بعدم وجود مضمار مشي أو مساحة للتشميس؛ فالأندية مكتومة ولا يوجد تهوية ورائحة الكلور تملأ المكان.
ولأنها تستعد لزواجها، التحقت سلطانه أحمد-جامعية-بأحد النوادي لكنها انتقدت ارتفاع سعره قائلة أن 1500 ريال شهريا سعر مبالغ فيه خصوصا أن المكان ليس للرياضة فقط وإنما هناك أقسام للتجميل وتكسير الدهون وتنظيف البشرة، وطالبت بوجود نواد حكومية تستطيع الفتيات فيها ممارسة الرياضة بتكلفة يستطعن تحملها.
أما نورة عبدا لله-موظفة- فانتقدت عدم وجود موظفات مدربات بشكل جيد حيث قالت أنها تعرضت لحادث غرق في مسبح النادي وكادت تفقد حياتها بسببه ولم توجد موظفة تنقذها وإنما ساعدتها إحدى المتدربات.
ورأت نورة أن بعض الأندية النسائية تهتم بالأرباح على حساب صحة الناس، وأكدت أن النادي الذي اشتركت فيه فرض عليها شراء منتجاته من ملبوسات وكريمات بدعوى أنها الأفضل ولا يسمح لها بدخول النادي إلا بعد إحضارها".
وطالبت أم هند-ربة بيت- بوجود رقابة نسائية على النوادي النسائية كونها بعيدة عن الأعين ولا يعرف ماذا يحدث داخلها؛ خصوصا أن هناك غرف للكشف على النساء قد يستغلها ضعاف النفوس في التصوير وخلافه.

خبيرات مزيفات

عدَّت هيفاء البكر -إخصائية التغذية في إدارة التغذية بوزارة الصحة- وجود خبيرة تغذية في الأندية الرياضية النسائية أمرا ضروريا لمتابعة الحالة الجسمية للمتدربات في النادي ومعرفة تاريخهن الصحي والحالة الجسمية وإن كانت هناك أي أمراض تعانيها السيدة أو الفتاة. وذكرت أنه يجب أن تتبع المتدربات حمية تحت إشراف إخصائية تغذية؛ وذلك لمساعدتها على فقد الوزن بشكل سليم ومنتظم وتدريجي بحيث لا تتأثر بنية الجسم بالفقد الحاصل في الوزن ولا يتأثر الجسم بفقد عناصر أساسية مثل الحديد والكالسيوم والفيتامين وتتعرض السيدة لسوء التغذية.
وعقبت ريما سليمان - اختصاصية في التغذية العلاجية و ماجستير في التغذية الرياضية- على ذلك بقولها إن أغلب النوادي لا تستفسر عن الحالة الصحية ولا تطلب تقريرا طبيا يتضمن التحاليل الطبية، و كثير من الأندية لا يوجد لديها إخصائية تغذية علاجية بل تُعطى الحميات من قبل غير المتخصصين.
وزادت: "ليس هناك جهة رقابية تحمي متابعي إخصائيي التغذية من التلاعب بأنواع الحميات التي أطلق عليها "الحميات العقيمة" وقليلة السعرات الحرارية التي تضر بالصحة وتصيب الشخص بالأمراض ومنها فقر الدم و النحافة المرضية و أمراض الغدة الدرقية؛ ولذلك أطالب بهيئة رقابية تشرف على إخصائيي التغذية والعاملين عليها ونوع الحميات المقدمة وتوعيتهم بأهمية دورهم الفاعل للإقناع و التثقيف والتعديل للسلوك الغذائي وتغيير نمط الحياة. وأتمنى أن يكون شعار كل إخصائي تغذية لديه أمانة عند التعامل (إن الحمية يجب أن تعطي الصحة ولا تأخذها).
وأوضحت إخصائية التغذية العلاجية أن هناك من فقدت الدورة الشهرية من الحمية الخاطئة، ومن زاد وزنها أكثر مما كان عليه في البداية، ومن أعطيت نصيحة بألا تمارس الرياضة حتى تفقد الوزن الزائد بطريقة أسرع، إضافة إلى العديد من النساء اللواتي كرهن الحميات وفقدن الأمل من فاعليتها بسبب موظفات لا علاقة لهن بعلم التغذية ولا بأصول الحميات.
أما وليد الشدوخي - إخصائي علاج طبيعي أول في نادي النصر- فأوضح أنه لا توجد احترافية في هذه الأندية، حيث لا تتم مراعاة حالة المرأة الجسدية والنفسية والتي تختلف عن الرجل، وهذه الأندية ـ بحسب الشدوخي- لا تراعي اختلاف هذه الحالات، ويتطلب ذلك وجود طبيبة للمتابعة وإخصائية متخصصة لمتابعة الحالة الصحية خصوصا أن طبيعة المفاصل والأربطة لدى المرأة تتسم بالليونة؛ لذلك من الضروري وجود من يحملن شهادات متخصصة لوضع برامج تلائم السيدات والفتيات.
وأكد الشدوخي ضرورة تثقيف المتدربات بطبيعة التمارين الرياضية وتأهليهن لكل مرحلة وتزويدهن بالنصائح الغذائية المناسبة، ولا تتأتى هذه الأمور إلا من قبل إخصائيات معتمدات. وشدد على ضرورة الكشف الطبي على المتدربات واكتشاف الأمراض وعلاجها قبل ممارسة أي نشاط رياضي. إضافة إلى عدم السماح بالعمل في هذه النوادي إلا للعاملات الحاصلات على رخص ممارسة مهنة من قبل هيئة التخصصات.

مواصفات النوادي الجيدة

من جانبها، عد لينا حمامي مديرة أحد النوادي الرياضية النسائية أن عدم وجود جهات توجيه وتنظيم للأندية النسائية أدى إلى حدوث عشوائية واضحة في عمل كثير منها حيث إن نحو 90 في المائة من المدربات ليس لديهن إلمام بفنون التدريب الصحيحة كما أن أساليب اختيارهن العمل تعتمد على رشاقة الجسد دون النظر في المهارات التي سيقدمنها.
وأوضحت أن التدريب الرياضي علم قائم بذاته ومن الخطأ ممارسته كيفما اتفق، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة إيجاد معاهد تدرب العاملات في هذا المجال، خاصة أن كثيرا من المشكلات الصحية تنتج عن عدم وجود التخصص وقد تسبب إعاقات أو أمراض فقرات أو التواءات.
وعن طريقة التعرف على النادي الجيد من الرديء، قالت حمامي إن هناك ثلاثة أمور هي عوامل أساسية في اختيار النادي الجيد وهي: المكان والتجهيزات والعنصر البشري، وعلى السيدة أن تتجول في النادي قبل الالتحاق به لتتأكد من وجود متخصصات في التغذية، ومن حمل المدربة شهادات معتمدة ومن وجود خبرة لديها، وكذلك الاطلاع على الأجهزة ومدى كفايتها للعدد وصلاحيتها للعمل، إضافة إلى مستوى النظافة حيث إن بعض النوادي تهملها وتكون رائحتها سيئة أو تنتشر فيها رائحة الكلور بشكل مزعج.

الرقابة الرسمية غائبة

"الاقتصادية" حاولت التقصي حول الجهات الرسمية المسؤولة عن مراقبة النوادي النسائية، فكانت المفاجأة في تبرؤ ثلاث جهات حكومية من مسؤولية الرقابة على تلك الأندية، الأمر الذي كشف عن أن غياب الرقابة هو السبب الرئيسي في وجود الفوضى الملحوظة في كثير من هذه النوادي.
كانت الجهة الأولى هي وزارة الصحة حيث ذكر الدكتور خالد مرغلاني المتحدث الرسمي باسمها أن هذه الأندية لا تتبع الوزارة حتى وإن كانت ضمن مراكز صحية؛ معللا ذلك بأن الأندية الرياضية قد توجد في فنادق أو مجمعات تجارية أو مشاغل أو أي جهة أخرى، بينما اعتبرت البلدية أن دورها يتوقف عند إعطاء تصريح المكان أما النشاط المقام عليه فيرجع لجهات أخرى. وكانت الجهة الثالثة الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي اعترفت بإصدارها تراخيص هذه الأندية مستثنية الأندية النسائية المقامة في المستشفيات، ولكنها أوقفت تلك التراخيص لمزيد من الدراسة كما أفادت إدارة شؤون الأندية.
وأوضح نواف العتيبي – من شؤون الأندية في الرئاسة العامة لرعاية الشباب- أن هناك شروطا للترخيص لهذه الأندية تتمثل في كون مساحة الصالة أو المركز الرياضي تبلغ 450 مترا مربعا، وأن يكون الموقع بعيدا عن المدارس والمستشفيات، وأن يكون هناك سجل تجاري مضافا إليه النشاط وشهادة من الدفاع المدني لتوفير وسائل سلامة وموافقة البلدية على الموقع إضافة إلى شروط أخرى روتينية.

الأكثر قراءة