مدينة رأس الخير .. بنية أساسية في مستقبل السعودية الاقتصادي
وسط صحراء المنطقة الشرقية، تضع السعودية إحدى البنى الأساسية لاقتصاد غير معتمد بشكل أوحد على النفط، بل متنوع من ركائزه الفوسفات والبوكسيت المستخدم لصناعة الألمنيوم، بهدف تعزيز دور صناعة التعدين في دعم اقتصاد المملكة، وفقا لـ"الفرنسية".
وعلى بعد زهاء 80 كلم شمال الجبيل على ساحل الخليج، نشأت مدينة رأس الخير الصناعية من العدم خلال الأعوام الثمانية الماضية، على درب جعل المملكة أحد الموردين الأساسيين في سوق الأسمدة العالمية، ومزود إقليمي بالألمنيوم.
وبعد استثمارات ناهزت 35 مليار دولار، أكد مسؤولون أن المشروع وضع اللبنة الأولى لنمو إضافي.
وقال خالد المديفر رئيس مجلس الإدارة الرئيس التننفيذي لشركة التعدين العربية السعودية "معادن": هذا المكان الذي نحن فيه لم يكن موجودا في 2007، ولم يكن ثمة أحد على الإطلاق، باستثناء عدد لا بأس به من الجمال.
وأوضح المديفر أن المدينة باتت تستحوذ على حصة جيدة من سوق الألمنيوم الإقليمية بإنتاج سنوي يناهز 750 ألف طن، إلا أنها لا تزال متواضعة مقارنة بالسوق العالمية، متوقعا أن تزيد هذه الكمية، لأن ثمة نموا جيدا في الطلب.
وأشار إلى أن "معادن" وقعت اتفاقا مع شركة "جاغوار لاند روفر" للسيارات، لتوفير لفافات من ألواح الألمنيوم، موضحا أن المدينة تصدر كل إنتاجها من أسمدة الفوسفات، الذي يناهز 10 في المائة من الإنتاج العالمي.
وأكد أن هذا الإنتاج سيتضاعف مع مشروع فوسفات جديد سيشرع في الإنتاج.
وذكر لـ"الفرنسية" المديفر على هامش زيارة نظمتها الحكومة السعودية لصحافيين أجانب، أن هذا المشروع يعد الأول الذي يستخدم الفوسفات في المملكة العربية السعودية، حيث إن الفوسفات موجود منذ 35 مليون سنة، إلا أنه يتطلب بنى تحتية، والآن البنى التحتية باتت متوافرة.
وستفتتح مدينة رأس الخير رمزيا الثلاثاء المقبل في احتفال يتقدمه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ويأتي في خضم خطط المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، لتنويع مصادر دخلها وتقليل الاعتماد على إيرادات هذه المادة، جراء انخفاض أسعارها عالميا منذ منتصف عام 2014.
وأعلنت السعودية العام الماضي عن تسجيل عجز مالي قياسي بلغ 98 مليار دولار، وتتوقع تسجيل عجز إضافي يناهز 87 مليارا في ميزانية هذه السنة.
ودفع تراجع الإيرادات العامة الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تقشف وخفض الدعم عن مواد عدة، إضافة إلى تقليص تقديمات القطاع العام وتجميد بعض المشاريع الضخمة.
وفي نيسان (أبريل) الماضي، أعلنت المملكة "رؤية السعودية 2030"، وهي خطة إصلاح اقتصادي طموحة تهدف بالدرجة الأولى إلى تنويع مصادر الدخل.
وعلى الرغم من غنى السعودية بالمعادن ومنها النحاس واليورانيوم، بقيت مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي أقل من المتوقع، بحسب الخطة التي تسعى لجعل مساهمة قطاع التعدين في الاقتصاد 97 مليار ريال (26 مليار دولار) بحلول 2020.
وترى الحكومة السعودية أن لقطاع التعدين القدرة على أن يكون ثالث ركائز الاقتصاد بعد النفط والصناعات البتروكيميائية.
وبحسب "الفرنسية"، فإن مدينة رأس الخير تشكل إحدى المحطات الرئيسة في تطوير القطاع.
ومن الشركات العاملة في المدينة الصناعية، "معادن للفوسفات" وهي عبارة عن تعاون مشترك في "معادن" والشركة السعودية للصناعات البتروكيميائية "سابك".
وينقل الفوسفات المستخرج من غرب مدينة عرعر عند الحدود الشمالية، عبر سكة حديد إلى مدينة رأس الخير الصناعية، حيث يتم تحويله إلى سماد، ويحمل المنتج على سفن راسية في مرفأ خاص بالمشروع، لتصديره إلى دول عدة أبرزها الهند.
ويبلغ طول السكة 1450 كلم، وبنيت خصيصا لهذه المهمة. وتستخدم القطارات كذلك لنقل مادة معدنية رئيسية أخرى هي البوكسيت ذات اللون الزهري، والمستخرجة من وسط السعودية.
وتقوم مصفاة في المدينة أنشئت بالتعاون بين "معادن للألمنيوم" وشركة "الكوا" الأمريكية، بتحويل البوكسيت إلى ألومنيوم.
وتضم مدينة رأس الخير منشأة خاصة لتحلية المياه ومحطة لإنتاج الكهرباء، وتمتد المدينة على مساحة أكثر من 90 ألف كلم مربع. وتضم مساكن لعمالها الذين يناهز عددهم 12 ألفا.