خادم الحرمين: المنطقة تمر بظروف بالغة التعقيد تتطلب العمل سويا لمواجهتها

خادم الحرمين: المنطقة تمر بظروف بالغة التعقيد تتطلب العمل سويا لمواجهتها
خادم الحرمين يتوسط قادة دول الخليج خلال القمة 37 في البحرين البارحة. تصوير: بندر الجلعود - "الاقتصادية"
خادم الحرمين: المنطقة تمر بظروف بالغة التعقيد تتطلب العمل سويا لمواجهتها
الملك يترأس وفد المملكة في القمة الخليجية.

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن ما تمر به المنطقة من ظروف بالغة التعقيد، وما تواجهه من أزمات تتطلب من الجميع العمل سوياً لمواجهتها والتعامل معها بروح المسؤولية والعزم، وتكثيف الجهود لترسيخ دعائم الأمن والاستقرار للمنطقة، والنماء والازدهار لدولها وشعوبها.

وقال في كلمته التي ألقاها في أعمال القمة الـ37 للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في البحرين أمس، إن الواقع المؤلم الذي تعيشه بعض البلدان العربية، من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء هو نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية والتدخلات السافرة، ما أدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار فيها.

وأضاف" يسرني في مستهل هذه القمة أن أتقدم لأخي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وحكومة وشعب مملكة البحرين الشقيقة بوافر التقدير وعظيم الامتنان على ما لقيناه من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، متمنياً لأخي جلالة الملك حمد كل التوفيق والسداد خلال ترؤسه لأعمال هذه الدورة، مبدياً ارتياحي لما قامت به الأجهزة المختصة في مجلسنا من عمل جادٍ خلال العام المنصرم وفق الآليات التي أقرها المجلس، التي تهدف إلى الارتقاء بمستوى التعاون والتنسيق، ومن ضمنها قرار إنشاء هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية التي باشرت أعمالها أخيراً تعزيزاً للعمل المشترك في المجالات الاقتصادية والتنموية".

وأشار خادم الحرمين إلى أنه بالنسبة للأوضاع في اليمن الشقيق، ما زالت الجهود مستمرة لإنهاء الصراع الدائر هناك بما يحقق لليمن الأمن والاستقرار تحت قيادة حكومته الشرعية، ووفقاً لمضامين المبادرة الخليجية، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216، مشيدا بمساعي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة.

وقال الملك سلمان "في سورية يؤلمنا جميعاً ما وصلت إليه تداعيات الأزمة هناك، وما يعانيه الشعب السوري الشقيق من قتل وتشريد، ما يحتم على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لايقاف نزيف الدم، وإيجاد حل سياسي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار، وحفظ وحدة وسلامة الأراضي السورية".

وأضاف: على الرغم مما حققه المجلس من إنجازات مهمة، إلاّ أننا نتطلع إلى مستقبل أفضل يحقق فيه الإنسان الخليجي تطلعاته نحو مزيد من الرفاه والعيش الكريم، ويعزز مسيرة المجلس في الساحتين الإقليمية والدولية من خلال سياسة خارجية فعالة تحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، وتدعم السلام الإقليمي والدولي.

وكان قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد بدأوا البارحة، في العاصمة البحرينية المنامة أعمال القمة الـ37 للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية برئاسة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين.

ويرأس وفد المملكة العربية السعودية في القمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

من جهته، أعرب ملك البحرين في كلمته، عن خالص الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على جهوده الكبيرة خلال أعمال الدورة الماضية التي تشرفت برئاسته الحكيمة ورؤيته النيرة، التي أسهمت بشكل واضح في تطوير توجهات مرحلة العمل القادمة.

#2#

وأشاد بالجهود الحثيثة لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومساعيهم المخلصة في تثبيت أركان هذا الكيان التاريخي الراسخ والمعبّر عن المصالح المشتركة والمستقبل الواعد.

وأضاف: يأتي اجتماعنا هذا، في ظل ظروفٍ سياسية واقتصادية غير مسبوقة تواجه دول العالم أجمع، الأمر الذي يتطلب منا أعلى درجات التعاون والتكامل، ليحافظ مجلسنا على نجاحه المستمر ودوره المؤثر على الساحة العالمية، إذ إن مجلس التعاون في ظل ما وصل إليه من تكامل مشهود، لم يعد أداة لتعزيز مكتسبات شعوبنا فقط، بل أضحى صرحاً اقليمياً يبادر إلى تثبيت الأمن والسلم الإقليمي والدولي، عبر دوره الفاعل في وضع الحلول والمبادرات السياسية لأزمات دول المنطقة، ومنع التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية.

وبين أنه بكل اعتزاز تتوالى جهود التنمية الاقتصادية في دول مجلس التعاون وما تحققه من إنجازات تُسهِم في رفعة ورفاهية مواطنيه، وتعمل على تقوية مسيرة العمل المشترك.

وذكر أن إنشاء هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية المنبثقة من المجلس، يأتي بمثابة الآلية النوعية لتحقيق التكامل التنموي وتفعيل النشاط الاقتصادي في دول الخليج، لتصبح قوة اقتصادية كبرى على المستوى العالمي، قائمة على أسس الإنتاجية والتنافسية والنمو المتصاعد وبما يرتقي بمستويات التنمية المستدامة.

وتابع: نُشيد هنا، بالمشاريع والمبادرات والاتفاقيات الاقتصادية بين دول المجلس، ومن أهمها، قيام السوق الخليجية المشتركة، والربط الكهربائي والمائي، وتوجهنا نحو الاتحاد الجمركي، ومشروع ربط دولنا بشبكة اتصالات ومواصلات ونقل متقدمة بمختلف الوسائل كالجسور والقطارات، بهدف تحقيق التكامل التنموي الشامل، الذي يأتي على أولويات جدول أعمال هذه القمة بمواضيعها المعززة للتعاون والتلاحم فيما بيننا.

وقال" يتأكد لنا يوماً بعد يوم أن الأمن والتنمية محوران متلازمان، وأن مواصلة دولنا في تطوير وتفعيل الاتفاقيات الدفاعية والأمنية لمواجهة كل أشكال التهديدات والإرهاب، هو السبيل لحفظ سلامة أوطاننا وأمن شعوبنا وحماية منجزاتنا".

وأوضح أن تمرين (أمن الخليج العربي1)، الذي استضافته البحرين، الشهر الماضي، بمشاركة نخبة من القوات الأمنية الخليجية، قد شكّل نقلة رائدة ومطلوبة على طريق دعم التعاون الأمني بين دول الخليج، لما شهده من تنفيذ محكّم وتنظيم دقيق، ووعي يقظ لحجم المخاطر الأمنية التي تحيط بدول الخليج.

بدوره، قدم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت خلال كلمته، خالص الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على ما بذله من جهود مخلصة ومساع خيرة خلال فترة ترؤس المملكة لأعمال الدورة الماضية التي أسهمت في تعزيز العمل المشترك وتنفيذ ما تم التوصل إليه من قرارات.

وأضاف: مسيرة عملنا الخليجي المشترك وما تحقق في إطارها من إنجازات استطعنا معها تلبية آمال وتطلعات أبناء دول المجلس في الوصول إلى المواطنة الخليجية وتحقيق المنافع الاستراتيجية والاقتصادية لدول المجلس وهي إنجازات مطالبون معها بالبحث في كل ما يعزز هذه المسيرة ويضاعف اللحمة بين أبناء دول المجلس ولعلي هنا أتذكر باعتزاز رؤية خادم الحرمين الشريفين لمسيرة المجلس وما تم التوصل إليه في إطارها من إنشاء لهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية التي ستتولى تجسيد تلك الرؤية.

وقال: إن نظرة فاحصة للأوضاع التي تمر بها منطقتنا تؤكد وبوضوح أننا نواجه تحديات جسيمة ومخاطر محدقة فعلى المستوى الاقتصادي نعاني جميعاً تحدي انخفاض أسعار النفط وما أدى إليه من اختلالات في موازنتنا وتأثيرات سلبية على مجتمعاتنا تتطلب منا مراجعة لعديد من الأسس والسياسات على مستوى أوطاننا كما يتطلب منا أيضا على مستوى علاقاتنا بالعالم البحث عن مجالات للتعاون تحقق المصالح العليا لدولنا وتسهم في تمكيننا من تحقيق التنمية المستدامة المنشودة لأوطاننا, وفي إطار حديثنا عن التحديات فإننا نواجه جميعا تحدي الإرهاب الذي يستهدف أمننا واستقرارنا وسلامة أبنائنا بل وأمن واستقرار العالم بأسره الأمر الذي يتطلب منا مضاعفة عملنا الجماعي لمواجهته ومواصلة مساعينا مع حلفائنا لردعه.

وتابع: لقد استضافت بلادي على مدى أكثر من ثلاثة أشهر مشاورات الأطراف اليمنية المتنازعة وبذلنا جهودا مضنية لمساعدتهم في الوصول إلى توافق يقود إلى حل سياسي يحفظ لليمن كيانه ووحدة ترابه ويحقن دماء أبنائه ولكن بكل الأسف ذلك لم يتحقق واستمر الصراع الدامي الذي نعلن معه دعمنا لجهود المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد ونؤكد مجددا إدانتنا الشديدة باستهداف جماعة الحوثي وعلي عبدالله صالح لمكة المكرمة.

وزاد: إننا نشعر بالألم لاستمرار معاناة أبناء الشعب السوري الشقيق مؤكدين دعمنا للجهود الهادفة للوصول إلى حل سياسي يحقن دماء أبناء الشعب السوري ويحفظ كيان ووحدة تراب وطنهم.

وفيما يتعلق بالوضع بالعراق أعرب أمير دولة الكويت عن الارتياح والدعم لما تحقق من تقدم في مواجهة ما يسمى تنظيم داعش الإرهابي متطلعا أن تتحصن تلك الإنجازات بتحقيق المصالحة الوطنية وإشراك كل أطياف الشعب العراقي في تقرير مستقبل بلاده.

وحول القضية الفلسطينية أضاف: نشعر بالأسف للجمود الذي يحيط بالجهود الهادفة إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط بسبب ممارسات إسرائيل وانشغال العالم بقضايا أخرى ونؤكد مجددا دعوتنا للمجتمع الدولي بضرورة القيام بمسؤولياته بالضغط على إسرائيل لحملها على القبول بالسلام وبإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وتابع: وحول العلاقة مع إيران فإننا في الوقت الذي ندرك فيه أهمية إقامة حوار بناء بين دولنا والجمهورية الإسلامية الإيرانية نؤكد أن هذا الحوار يتطلب لنجاحه واستمراره أن يرتكز على مبادئ القانون الدولي المنظمة للعلاقات بين الدول التي تنص على احترام سيادة الدول وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

من جانبه، توجه الدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالتهنئة الصادقة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على ما تميَّزت به رئاسة المملكة للدورة الـ36 للمجلس الأعلى، من حكمة وحنكة ونفاذ بصيرة، وما بذله الوزراء والمختصون في المملكة خلال عام كامل، من جهد قيِّم في رئاستهم للجان الوزارية والفنية المتعددة، وما أسهموا به من إثراءٍ لأعمال هذه اللجان انعكسَ إيجاباً في النتائج التي تم التوصل إليها لتعزيز مسيرة مجلس التعاون الخيرة.

وأكد أن ما يصدر عن المجلس من قرارات بشأن تعميق وترسيخ التكامل في كل مجالات العمل الخليجي المشترك، وتوسيع مجالات التعاون والتنسيق المشترك مع الدول الشقيقة والصديقة، يجري تنفيذها ومتابعتها بحرص دائم من قبل المجلس الوزاري والمجالس واللجان الوزارية المختصة.

وأضاف: إن ما تولونه من حرص واهتمام بمسيرة العمل الخليجي المشترك، وسعيكم الدائم لتحقيق آمال وتطلعات مواطني دول المجلس انعكس في توجيهاتكم السامية والقرارات التي أصدرتموها، وكان آخرها تأسيس الهيئة القضائية الاقتصادية، وهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية, وبذلك تؤكدون، أن هذا التجمع ماض من أجل ترسيخ دعائم الوحدة الاقتصادية الخليجية الكاملة، وتحقيق المواطنة الاقتصادية الشاملة، في بيئة آمنة مستقرة، مزدهرة ومستدامة.

وأشار الدكتور الزياني إلى أن المجلس الوزاري أنهى في دورته التحضيرية واجتماعه التكميلي، مناقشة كل الموضوعات والملفات والتقارير، وأوصى برفع ما تم التوصل إليه من نتائج إلى المجلس للتوجيه وإصدار القرارات اللازمة بشأنها.

الأكثر قراءة