«موانا» .. بحّارة يختارها «المحيط» لتنقذ جزيرتها
أن تدخل صالة السينما وتنتقي فيلم الرسوم المتحركة ثلاثي الأبعاد، مؤشر على عشقك الانغماس في المشاهد الإخراجية التي تأخذك بتلك التقنية داخل أروقتها وتفاصيلها، ويزداد الأمر متعة إذا ما احتوى الفيلم على لقطات من داخل المياه البحرية فتشعر برذات المطر تصفع وجهك مثلما حصل في فيلم الأنيميشن "موانا" الذي حقق إيرادات تخطت مائة مليون دولار فى أسبوع.
تدور قصة الفيلم حول بحارة شديدة الحماس تدعى موانا "تقوم بدورها الممثلة أولي كارافالو"، وهي الابنة الوحيدة لقائد الملاحين "الذي يلعب دوره الممثل تيمويرا موريسون"، تتميز بشخصية قوية رافضة الانسياق لأوامر والدها، وعندما دق ناقوس الخطر الجزيرة التي يقطنون، حيث بدأت فاكهتها بالفساد وأصبحت غير قابلة للأكل، كما اختفت المياه من الأسماك، قررت موانا أن تغادر وطنها وتنقذ شعبها بتشجيع من جدتها "التي تلعب دورها ريتشيل هاوس" فذهبت في رحلة ملحمية واجهت من خلالها الأرواح العالقة.
تأخذ موانا قاربا من الجزيرة وتعبر المحيط باحثة عن البطل الأسطوري ماوي "الذي يلعب دوره الممثل دواين جونسون" وهو المسؤول من دون قصد عما يحدث في الجزيرة، فمنذ 100 عام قام ماوي الذي كان يتحول إلى أي حيوان يريد بفعل خطاف الصيد السحري الذي يحمله، بسرقة قلب "تي فيتي" من وحش الحمم، الذي بدروه صمم الانتقام منه، وبالتالي انعكس هذا الصراع على الجزيرة التي تقطن فيها موانا، ولكي يوقفوا هذا الصراع لا بد لماوي من إعادة القلب إلى مكانه.
مصارعة المحيط
تصارع موانا العواصف التي تواجهها لكن قوتها وإصرارها على النجاح جعلاها تتحدى كل الصعاب وتجتاز كل المطبات، ورغم افتقارها إلى كيفية القيادة الملاحية وصلت موانا إلى ماوي وخلال تلك الرحلة ظهرت إحدى الشخصيات المهمة وهي المحيط، وتم تجسيده كقوة حية خارقة مكونة من الماء، تصعد لتساعد موانا في المحن التي تمر بها، فيدفع بها إلى الأمام أو ينقسم أمامها، لنكتشف فيما بعد أنه هو من اختارها لتنقذ جزيرتها من الهلاك.
يعتبر هذا الفيلم استمرارا لنجاح عالم والت ديزني أنيميشن من خلال جمعه الدراما والأكشن والموسيقى مع نكهة فكاهية تجسدت في حيوان لطيف هو الديك الأحمق هاي هاي "يمثل صوته الآن تودكي" فأضفى كثيرا من المواقف المضحكة والخفيفة، كما يكتظ الفيلم بالموسيقى الرائعة والأغاني الماتعة التي ترافق معظم أفلام الأنيميشن، ويخال إليك خلال مشاهدته أنه جزء آخر من فيلم "ملكة الثلج Frozen" الغنائي الذي ضج به عالم السينما منذ صدوره عام 2013، كما أنه من الممكن أن تصبح شخصية موانا هي المنافس الشرس لشخصية ملكة الثلج، حيث عمل المؤلف الموسيقي مارك مانسينا على تقديم مجموعة رائعة من الأغاني للفيلم، وبالطبع يبرز تأثير موسيقى جزر المحيط الهادئ بشدة، وهو المكان الذي تجري فيه أحداث الفيلم، ومن المتوقع أن تتألق تلك الأغنيات في عالم الأغاني نظرا لروعتهما من الناحية الموسيقية والكلامية، مثل أغنيةYou’re Welcome السريعة والمضحكة للغاية "التي قد تصبح من الأغاني الكلاسيكية بسرعة لأننا نشهد The Rock يغني بصوته لفيلم من أفلام Disney" وأغنية "Shiny" التي يغنيهاJemaine Clement. أما أغنية بطلة الفيلم الرئيسية حول الرغبة في مزيد من الحياة بشكل مشابه لأغنيتي "Part of Your World” و“Belle".. إلخ، فهي أغنية "How Far I’ll Go" التي تميزت بإيقاع ممتاز وكلمات جميلة.
#3#
مخاطبة المحيط
يرفض ماوي في بادئ الأمر أن يساعد موانا لكن ذكاءها وحنكتها جعلاه يقبل بعرض مغرٍ قدمته له ألا وهو مساعدته في الحصول على خطاف الصيد السحري الذي فقده في إحدى الجزر مقابل مساعدتها على إعادة قلب "تي فيتي" إلى مكانه وإنقاذ جزيرتها، المعركة الأولى كانت شرسة لكن بدهاء موانا استطاع ماوي استعادة خطاف الصيد، وأكملا ليصلا وحش الحمم، لقد كانت المواجهة أشرس، ما اضطر ماوي إلى التراجع عن هدفه والعودة إلى دياره تاركا موانا باكية منهزمة، تخاطب المحيط سائلة عن هدفه من إرسالها إلى هذه المهمة معتبرة أنها فشلت وستعود منكسرة، ولقد ظهر في هذا السيناريو سؤال عن رسالة كل إنسان في الحياة فكأن الكاتبين رون كليمنس وجون ماسكر "وهما مخرجا الفيلم أيضا" أرادا أن يوجها إلى المشاهد وتحديدا الصغار أن كل إنسان في هذه الحياة لديه رسالة أو هدف لا بد من إدراكه والعمل في اتجاه تحقيقه.
#2#
من الدراما إلى الأكشن
في هذه الأثناء الاستسلامية لموانا أطلت جدتها تخاطبها وتخفف عنها ومن ناحية أخرى تحثها على عدم الاستسلام، وبعد أن كانت قد انهزمت وسلمت قلب "تي فيتي" الذي تحمله إلى المحيط غطست إلى القعر وأعادته وقررت مواجهة وحش الحمم بمفردها.
لقد تميز هذا المشهد بكثير من القوة الإخراجية والسيناريوهية، فبعد حوار درامي عاطفي ينتقل المشاهد فجأة إلى مشهد أكشن بطريقة سلسة وغير معقدة، تشعرك بقوة الحبكة في الفيلم، أكملت موانا في طريقها نحو المواجهة يساعدها "المحيط"، وفي أوج المعركة أطل ماوي مجددا ليقف إلى جانبها ويحميها، فنجحت في عبور أخطر منطقة وصعدت الجبل لتعيد قلب "تي فيتي"، لكن الذهول لفها، حيث وقفت عاليا، حائرة منذهلة ضائعة، فهل ستنجح في مهمتها أم أن أمرا مريبا حصل لها جعلها تستسلم مرة أخرى وتعلن فشلها، وتعود حانية الرأس إلى جزيرتها؟