«حساب المواطن» .. الدعم مستمر للإنسان وسلوكه الرشيد
لأن الانسان هو محور التنمية وهدفها، كما أنه وقود الاقتصاد وعصبه النابض بالحياة، أتت بوصلة البرامج المصاحبة لموازنة 2017 باتجاه دعم المواطن، لا السلع التي يستهلكها، وتحديدا تجاه سلوكه الرشيد حيال مقدرات هذا الوطن الطبيعية وبيئته العامرة بالخير الوفير، ما يضمن استدامة الموارد ومنفعة مردودها لأجيال طويلة قادمة بإذن الله.
فنحو اقتصاد مستدام ومنتج، الإنسان وقوده الحقيقي وهدفه على المدى القريب والبعيد، أعلنت الموازنة العامة للدولة السعودية 2017 يوم أمس كأول موازنة في إطار " رؤية 2030 "، بعد إصلاحات نوعية شهدها العام الماضي على مستوى النمو والترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، أثبت جدواها تقلص العجز الواضح وزيادة الإيرادات غير النفطية على وجه الخصوص.
إذ أعطت هذه النتائج الأولية، مؤشرا مهما ومبشرا، على مستوى ما يمكن اسشرافه وتوقعه مستقبلا من "رؤية 2030" التي يعول عليها اقتصاد المملكة كثيرا للخروج من الارتهان الريعي لأسعار النفط وتقلباته، ولتحقيق توازن مالي مستدام يبنى على أثره الكثير من المشاريع الأساسية والتنموية الوطنية، وفقا لحسابات دقيقة تواكب تطلعات جيل فتي وشاب يمثل أكثر من ثلثي عدد السكان.
فضمن مبادرة برنامج تحقيق التوازن المالي الذي أطلق بالتزامن مع إعلان ميزانية 2017 يأتي برنامج حساب المواطن، ولأول مرة، مقدما الدعم النقدي لمن يستحقه بشكل مباشر ومن خلال توزيع عادل للثروة باعتماد دخل المواطن كمعيار للاستحقاق من جهة، وعن مدى استهلاكه وترشيده للسلع المدعومة من جهة أخرى، هي الأهم بالنسبة لاقتصاد منتج يركز على قيمة الإنسان ومنفعته المعنوية، الثقافية والصحية قبل المادية.
ومن هنا كان التثقيف المالي ودعم السلوك الرشيد سمتين واضحتين وجليتين لميزانية 2017 التي رافقها الكثير من اللقاءات التوضيحية وصولا لمؤتمر صحافي شامل وموسع، اتسمت جميعها بالإسهاب على مستوى المعلومة والمصطلحات الاقتصادية. وهذا الأمر لا يتعلق بالشفافية المالية فقط، المتوقعة والمطلوبة بشكل اعتيادي في مثل هذه المناسبات، ولكنه يختص بطبيعة السلوك الاقتصادي المرجو والنوعي الذي بدأت تخطوه المملكة فعليا في إطار رؤيتها الطموحة 2030 لإيجاد مقومات المجتمع الحيوي، المعني بالإنتاج الحقيقي وأدواته، بعيدا عن مغريات الاستهلاك الريعي وسقطاته.
يبقى إن هذا التوجه نحو الإنسان ومقدراته البشرية والطبيعية يسهم بالضرورة في علاج تشوهات سوق العمل السعودية وتحسين بيئتها الجاذبة لمزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، ما يعود بالنفع مرة أخرى على إنسان هذا الوطن بمزيد من فرص العمل والخدمات الأكثر جودة. ودائما لأن المواطن هو المعني بكل خطوة تخطوها حكومته، فمن أجله تتضافر الجهود ومن أجله أيضا تتكاتف المسؤوليات وتصان العهود.