مصارف سويسرية تختفي من «الرادار» وأخرى تنجو من «المقصلة»

مصارف سويسرية تختفي من «الرادار» وأخرى تنجو من «المقصلة»
"المركزي السويسري" مازال ملتزما بتقييد الفرنك السويسري عبر التدخل في سوق الصرف.

بعد أن وجدت الصفاء في نهاية عام 2015، عاشت المصارف السويسرية طوال السنة المالية 2016 هادئة لكن ليس تمامًا، وإذا كان النزاع الضريبي مع الولايات المتحدة لم يتم حله حتى الآن، فإن قضايا مصرفية أخرى موروثة من الماضي ينبغي لها أيضا أن تجد مخرجًا.
من جهة أخرى، فإن مصرف، "بي إس آي"، في مقاطعة تجينو، الجنوبية الناطقة بالإيطالية، المحاصر منذ سنوات في فضيحة الصندوق السيادي الماليزي، ومصرف "وان إم دي بي"، قد اختفيا من رادار المركز المالي السويسري، ما أدى إلى تعكير الصفاء الذي وجدته المصارف السويسرية في عام 2015.
وعلى الرغم من أن السنة الحالية انتهت بهدوء، إلا أن البيئة الاقتصادية كانت صعبة، ففي سياق استمرار انخفاض أسعار الفائدة، توجب على المصارف السويسرية أن تعيش خلال العام الحالي مع معدل سلبي من الفوائد ضرب ودائعها المخزونة في المصرف الوطني السويسري "المصرف المركزي"، ما أسهم في تعكير صفو المصارف التي أضحت لأول مرة، تدفع أمولا مقابل حفظ ودائعها في المصرف المركزي الذى بدأ تطبيقه للمرة الأولى منذ سبعينيات القرن العشرين.
وأظهرت المعدلات المنخفضة للفوائد على الودائع مزيدا من الانخفاض منذ الأزمة المالية حتى وصلت إلى المعدلات السلبية، ما فرض على المصارف أن تتبنى سياسات تقشفية أكثر صرامة منذ عام 2008.
وفيما يتعلق بمسألة التهرب الضريبي مع الولايات المتحدة، وهي الشوكة التي انغرست في قدم المصارف السويسرية منذ خمس سنوات، أنجزت خلال عام 2016 ثلاث مؤسسات مصرفية سويسرية تقع في الفئة 1 ضمن البرنامج الموقع بين الحكومتين السويسرية والأمريكية، قضاياها القانونية مع السلطات الأمريكية.
وبموجب البرنامج، وضعت واشنطن برنامجًا يُصنِّف جميع المصارف السويسرية "أكثر من 300 مصرف" دون استثناء إلى أربع فئات، وتركت الحرية للمصارف، باستثناء 13 مصرفًا كبيرًا، أن تختار بنفسها في أي فئة تضع نفسها.
الفئة 1، وهي المصارف الـ 13 التي اختارتها الولايات المتحدة بنفسها، وفتحت ضدها تحقيقا قضائيا جنائيا داخل الولايات المتحدة بانتهاك قوانين الضرائب الأمريكية، لكنها تملك فرصة تفادي الملاحقة القضائية مقابل دفعها غرامات. وتتفاوض بعض هذه المصارف مع وزارة العدل الأمريكية حاليا لتحديد حجم الغرامات، وصيغة تقديم اعترافها بأنها تعاملت مع أموال مودعين أمريكيين هاربة من الضرائب، مقابل تجنيبها ملاحقات قضائية.
الفئة 2، وتشمل المصارف التي لديها "سبب وجيه" للاعتقاد بأنها انتهكت قوانين الضرائب الأمريكية، عند قبولها أموالا هاربة من الضرائب، وقد انتهت هذه الفئة التي ضمت 80 مصرفًا في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2015 من دفع غرامات بقيمة 1.36 مليار فرنك "1.43 مليار دولار".
ولم تخضع هذه المصارف للمحاكمة الجنائية، لكنها قدمت معلومات للسلطات الأمريكية عن الهيكل القيادي للمصرف، وعلاقات المصرف خارج الحدود السويسرية، والطرق التي اتبعتها في إخفاء أموال الأثرياء الأمريكيين، ومعلومات عن الحسابات السرية دون ذكر أسماء العملاء.
الفئة 3، وشملت المصارف التي تعتقد أنها لم تنتهك قانون الضرائب الأمريكي، على أن تقدم الدليل على ذلك عبر مكتب حسابات قانوني، وعلى نفقتها، مع براهين أخرى تثبت أنها لم ترتكب أي نشاط غير قانوني ينتهك القوانين الأمريكية.
وإذا نجحت هذه المصارف في تقديم أدلتها فسيتم تجنيبها دفع غرامة، وأن تقدم لها مؤسسة الضرائب الأمريكية نوعا من "صك براءة"، أو رسالة عدم استهداف، كما جاء في صيغة الاتفاق، وقد اختارت مصارف "فونتوبل"، "بانك بلفو"، "سيمبرا موني بانك"، "سوبا بانك"؛ الانضمام إلى الفئة الثالثة.
أما الفئة 4، فتشمل المصارف النشطة على المستوى المحلي فقط، وليس لديها عملاء أمريكيون، على أن تقدم تقريرا ماليا عن محاسب قانوني خارجي، يؤكد أن المصرف لا علاقة له ألبتة بودائع أمريكية، وليس لديه عملاء أمريكيون، وأن تكون تكلفة التقرير على حساب المصرف نفسه، وقد انضمت أكثر من عشرة مصارف إلى هذه الفئة. وخلال هذا العام، انضم مصرف جوليوس بير، إلى المصرفَين السويسريَّين الأول والثاني، "يو بي إس"، و"كريدي سويس"، بتوقيعه في بداية العام اتفاقًا نهائيًا مع النظام القضائي الأمريكي ضمن الفئة 1 سيدفع بموجبه هذا المصرف السويسري الرئيس في إدارة الأصول نحو 560 مليون فرنك "589 مليون دولار".
لكن ونحن في نهاية 2016، فإن هذا المسلسل الطويل "تسوية النزاع الضريبي مع الولايات المتحدة"، لا يزال لم يعرف خاتمة له حتى الآن، إذ لا تزال قضايا "بانك كانتونال دو زيوريخ"، و"بانك كانتونال دو بازل" معلقة مع إدارة الضرائب الأمريكية.
وفي اتصال لـ "الاقتصادية" مع هذين المصرفين الحكوميين، أكدا أنه لا يوجد في أجندة اتصالاتهما مع الإدارة الأمريكية موعد نهائي لتسوية النزاع.
وفي مصارف الفئة 3، كان مصرف رايفايزن، من بين المصارف القلائل جدًا التي نجت من مقصلة هيئة الضرائب الأمريكية بعد أن أبرم في 22 من الشهر الحالي اتفاقا مع وزارة العدل الأمريكية خرج بموجبه سالمًا، إذ لم ينص الاتفاق على دفع غرامة.
وهذا هو المصرف الثاني ضمن الفئة 3 الذي يخرج سالمًا خلال عام 2016، وقبل ذلك وضع مصرف فونتوبيل حدًا لمفاوضاته مع واشنطن دون أن تفرض عليه غرامة.
وعندما طلبت "الاقتصادية" تعليقًا من "فونتوبيل" عن الاتفاق الذي وقعه مع وزارة العدل الأمريكية، قال المصرف "خرجنا تمامًا من البرنامج الأمريكي لتسوية النزاع الضريبي، والبرنامج الآن ضمن الذكريات، وسنتذكره بشيء من البهجة".

الأكثر قراءة