خطيب المسجد الحرام: أصحاب الهمم العالية لا ينغمسون في الأمور التافهة
قال الدكتور فيصل غزاوي إمام وخطيب المسجد الحرام، إن أصحاب الهمم العالية لا ينغمسون في الأمور التافهة، وإن من الخصال الجميلة والصفات الحميدة والأخلاق الرفيعة الهمة العالية والناس إنما تعلو أقدارهم وترتفع منازلهم بحسن علو هممهم وشريف مقاصدهم والمؤمن العاقل الرشيد يحرص على ما ينفعه وما فيه خيره وصلاحه ويسعى في طلب الرتب العليا في الخير والسبق إلى ما يدعو إليه الله تعالى ومن لم يطلب الكمال بقي في النقص ومن لم تكن له غاية سامية قصر في السعي وتوانى في العمل.
وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام، أن من سابق في هذه الدنيا وسبق إلى فعل الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة، والسابقون في الآخرة إلى الرضوان والجنات هم السابقون في الدنيا إلى الخيرات والطاعات على قدر السبق، مشيرا إلى أن السابقين هم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وصبروا على ما أصابهم وثبتوا على الدين وكانوا دعاة للحق والخير كما أنهم أصحاب مرتبة الإحسان.
وأوضح الدكتور غزاوي، أن السابقين هم الذين وحدوا الله ولم يقع في عملهم شرك ثم أدوا الفرائض والواجبات وزاد نشاطهم فأدوا النوافل والمستحبات زيادة على الواجبات لافتا إلى أن السابقين من هذه الأمة في الصدر الأول أكثر من متأخريها، والوصول إلى منازل المقربين والسبيل إلى اللحاق يكون لمن وفقه الله تعالى للعمل بعملهم والسير على نهجهم في الاعتقادات والأقوال والأعمال والاتصاف بصفاتهم الحميدة.
ولفت إلى أن الله عز وجل صرح في كتابه الكريم بأن الذين اتبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بإحسان، داخلون معهم في رضوان الله تعالى والوعد بالخلود في الجنات والفوز العظيم، فما أعظم أن يعمل المرء بعمل من "يسارعون في الخيرات أي في الطاعات والعبادات كي ينالوا بذلك أعلى الدرجات والغرفات، داعيا إلى المسابقة إلى ما ينفع الإنسان والمنافسة في طلب العلا.
وأشار إلى أن من البشائر التي يبشَّر بها العاملون ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "في كل قرن من أمتي سابقون" مما يدل على أن السابقين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بحمد الله في كل قرن جماعة منهم فلا يخلو منهم قرن وفي كل قرن يعيد الله اليقين إلى نفوس الأمة بأن يجعل فيها سباقين في الخير وقد أحرزوا قصب السبق لا يبالون بالمحن يتأسى الناس بهم وعلى هذا سيبقى في كل قرن صديقون وشهداء وصالحون وفي هذا حث للمرء وهو في سيره إلى مولاه أن يشحذ همته ويرتقي بعزمه ويرفع من قدره ويطلب العوالي وينشد المعالي ويسعى لها سعيها.
وتابع خطيب المسجد الحرام، أن أصحاب الطموحات الراقية والهمم العالية لا ينغمسون في الأمور التافهة فتشغلهم عن معاليها ويستثمرون أوقاتهم فيما ينفعهم ويظنون بها أن تضيع سدى دون فائدة وأصحاب الهمة العالية يجودون بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايتهم وتحقيق بغيتهم لأنهم يعلمون أن المكارم منوطة بالمكاره وأن المصالح والخيرات لا تنال إلا بحظ من المشقة ولا يعبر إليها إلا على جسر من تعب.
وفي المدينة المنورة تحدث الشيخ عبدالله البعيجان إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة أمس عن الامتحان والابتلاء، موصيا المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال "إن الامتحان والابتلاء سنة من سنن الله سبحانه في هذا الكون ومقتضى من مقتضيات فتنته عز وجل في الصراع بين الحق والباطل للتمييز بين الصالحين والكاذبين وهو تمحيص واختبار لقياس مدى قوة ورسوخ الإيمان واليقين وتصفية للمندسين في صفوف المؤمنين، ومنهج تربوي ينقذ به الله من كتب له الهداية فيستيقظ من غفلته ويقبل على ربه ويعود إلى دينه.
وأوضح أنه في خضم الامتحانات والابتلاءات قد يعظم الخطب ويشتد الكرب ويتأخر الفرج حتى تخيم ظنون اليأس والقنوط وهنا يتحتم اللجوء إلى الله وحسن الظن به فعنده من كل ضيق مخرج ومن كل هم فرج وهو عند حسن ظن عباده المؤمنين فلا يخيب من أحسن الظن به.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن بث الطمأنينة والبشرى وبث الأمل في القلوب ساعة القلق منهج قرآني وهدي نبوي، ففي غزوة بدر كان عدد المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر وعدد المشركين ثلاثة أضعاف، وكان القلق يتوجس جيشا غير مستعد للحرب ولا كامل العدد والعدة وهو يترقب قوى شرسة مضاعفة قد أخذت كامل عدتها وعددها، وفي هذه الظروف وهذا الجو تتنزل الآيات القرآنية لتبث الطمأنينة وتحيي الأمل في نفوس المسلمين وتحفزهم وترفع معنوياتهم إلى المواجهة.