«فخري باشا الظالم والمظلوم» .. محاضرة تحكي حصار المدينة المنورة

«فخري باشا الظالم والمظلوم» .. محاضرة تحكي حصار المدينة المنورة
د. الردادي خلال محاضرته أمس في سبتية حمد الجاسر. "الاقتصادية"

استعرض الدكتور عائض الردادي في محاضرة بعنوان "فخري باشا الظالم والمظلوم" سيرة القائد العثماني فخري باشا في المدينة المنورة، التي كانت أشد عصور الحصار والتهجير لقبائلها وسكانها على مر التاريخ.
وأكد الردادي خلال محاضرته أمس في سبتية حمد الجاسر، أن بيان طلب الاستسلام وقع على فخري باشا كالصاعقة، خاصة بعد أن عصفت الأنفلونزا بجيشه، ولم يتمكن من مكافحتها، وارتفع معدل الوفيات بين جنوده إلى 150 شخصاً يوميًا، وبدأ تمرد الجند وفرارهم ولم يجد فخري باشا بُدًّا من إعلان البيان الذي وصله بالاستسلام.
وتحدث الردادي عن ظلم فخري باشا للأهالي والتهجير القسري الذي تعرضت له القبائل في عهده، وقد عرفت المأساة تاريخياً بسَفَرْ برلك وهي كلمة تركية تعني التهجير الإجباري، وقد بدأت أحداث الفترة بطلب الشريف حسين بن علي من ابنيه علي وفيصل إعلان بدء الثورة العربية الكبرى على الدولة العثمانية في قرية الجفر غرب المدينة في الرابع من شعبان 1334هـ، الخامس من حزيران 1916م، وأبلغ حلفاءه الإنجليز بذلك، وكانت قد أرسلت الدولة العثمانية فخري باشا وكيل قائد الجيش الرابع في الشام إلى المدينة المنورة لتحري الأوضاع ومراقبتها فمارس ظلمه وجبروته على الأهالي.
وأضاف "أصدر فخري باشا بياناً في 3 يناير 1919م أعلن فيه أن الهدنة أُبرمت منذ شهرين وأنه قد تم تسريح الجيوش إلى الوطن الأم وأن جلاءه عن المدينة جاء دون قيد أو شرط وهي مسألة عظيمة للغاية -على حد وصفه- غير أن ذلك لم يجد شيئًا، حيث هرب العسكر وغادر المدينة مستسلمين".
وقال الردادي في محاضرته التي أدارها الدكتور سهيل الصابان، إن فخري باشا ظالم بمعايير حقوق الإنسان، وفترةُ قيادته العسكرية ظُلُماتٌ بعضُها فوق بعض، فهو لم يهتمّ إلاَّ بتوفير الغذاء لجنوده الذين عانوا هم أيضًا المأساة، لكنَّه من جانبٍ آخَر قائدٌ قديرٌ بمقاييس الإدارة والقيادة العسكرية، فقد قاوَمَ الحصار المفروض عليه سنواتٍ ثلاثًا، وأنشأ (الفرقة الزراعية) لزرع البساتين لتثمر النخيلَ لتوفير الغذاء لجنوده، وأسَّس مدرسة اللوازم لتعليم جنوده كل ما تحتاجه الحامية، ولم يستسلم للأوامر التي تصله بالاستسلام، وقد اختارته الدولة العثمانية لكونه قائدًا قويًّا، لكنَّ الأحداث كانت فوق طاقته.
وأشار الردادي إلى أنَّ فخري باشا رغم جبروته وظلمه إلا أنه تمكَّنَ مِن الصمود لمدَّة ثلاث سنوات كانت القوَّات فيها تحاصر المدينة من جميع جهاتها وعاشت حالة قاسية، خاصةً بعد إغلاق ميناء ينبُع مِن قِبَل بريطانيا، وكان المنفَذ الوحيد الذي تصل عن طريقه المواد الغذائية والاستهلاكية للمدينة وما حولها، وأن تهجير فخري باشا وحصارهم قبل ذلك كان السبب الأساس في كراهية أهل المدينة له.
وأكد أنه عندما يتجرَّد الإنسان وينظر إلى الحادثة بمنظار موضوعي، ويحاول أن يعرف ما لهذا القائد وما عليه؛ يرى أنه وإن ارتكب مأساة التهجير، إلا أنه مِن جانب آخَر قائدٌ مظلوم، كونه مخلصًا لدولته، ولم يستطع مَن حاربوه أن ينتصروا عليه أو يدخُلوا المدينة على الرغم من أنها كانت مفتوحة من جميع الجهات.

الأكثر قراءة