الفائزون والخاسرون خارج الملعب في دوري الصفقات
الثروات الهائلة التي تصب في خزائن بطولات الدوري الأولى في أوروبا تُخفي عددا لا يُحصى من الاستثمارات الضعيفة والقرارات السيئة بخصوص لاعبين يتم نسيانهم بسرعة، لكن عددا قليلا من الأندية تبرُز كفائزة في لعبة النقل بمليارات اليورو في مجال كرة القدم.
صحيفة فاينانشيال تايمز لجأت إلى تحليل حسابات 69 ناديا على مدى أربعة مواسم، باستخدام بيانات جمعتها مجموعة المحاسبة KPMG، التي تكشف أن إنفاق مبالغ كبيرة لا يضمن النجاح دائما.
نادي أتلتيكو مدريد هو "الأذكى" من حيث الإنفاق، وذلك وفقا لمقياس أساسي للنجاح على أساس الأجور إلى النقاط المتجمعة. بين عامي 2011 و2015، تفوق االنادي الإسباني على إجمالي نقاط الدوري بحيث أصبح من المتوقع إحصائيا أن يفوز، بناء على حجم فاتورة أجوره بالنسبة للأندية الأخرى في الدوري الوطني نفسه.
بتعبير بسيط، النادي قام بأداء أفضل بكثير على الملعب من منافسيه، قياسا على المبالغ التي تم إنفاقها على اللاعبين.
الأندية الأخرى التي أنفقت من الناحية العملية في المواسم الأخيرة تشمل إيفرتون، وتوتنهام هوتسبير وساوثامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث حقق كل منها علامة جيدة عند مقارنة فواتير أجورها مع النقاط التي حصلت عليها.
في الوقت نفسه، فإن الأسوأ أداء بطبيعة الحال تشمل الأندية التي تم إنزالها من دوري أندية الدرجة الأولى، مثل تشيزينا الإيطالي، وبريست الفرنسي وكوينز بارك رينجرز الإنجليزي، التي أنفقت عشرات ملايين اليورو دون تأثير يُذكر.
الأندية ذات الأداء السيئ تشمل بعضا من الأندية الكُبرى التاريخية في أوروبا: كل من أيه سي ميلان وإنتر ميلان الإيطاليين عانيا سلسلة من المواسم الضعيفة، على الرغم من الإنفاق الكبير على اللاعبين.
نادي مانشستر يونايتد هو أكثر الأندية إنفاقا في أوروبا بعد نادي إف سي برشلونة، بفاتورة أجور تبلغ 321 مليون يورو - لكنه خيّب الآمال باحتلال المركز الخامس في الدوري الممتاز في الموسم الماضي.
هناك نقاش حاد للغاية بين مشجّعي كرة القدم حول ما إذا كانت الفِرق التي تم تجميعها بتكاليف عالية هي فرق تستحق المال الذي دُفع لأجلها، لكن محللي اللعبة رصيني التفكير، مثل ستيفان زيمانسكي، مؤلف كتاب ’المال وكرة القدم: دليل اقتصاد كرة القدم‘، يقول إن أفضل مؤشر للتنبؤ بمكان الفريق في الدوري هو فاتورة الأجور.
أداء نادي أتلتيكو مدريد المذهل في الأعوام الأخيرة، في عهد المدير الفنّي الأرجنتيني دييجو سيميوني، لوحظ بشكل خاص من قِبل النقاد والمشجعين على حد سواء.
النادي فاز بلقب الدوري الإسباني في عام 2014، ليُحطّم القبضة الخانقة من فريقي إف سي برشلونة وريال مدريد، على الرغم من الموارد المالية الضعيفة للغاية.
يستمر الفريق في تحدّي منافسيه المحليين على الرغم من الفروق الشاسعة في الثروات. في الموسم الماضي، دفع أتلتيكو مدريد 137 مليون يورو كأجور موظفين، ما جعله الفريق الثامن من حيث الإنفاق في أوروبا. الفريق وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، أرفع بطولة للأندية في القارة، وتخلّف بثلاث نقاط فقط عن بطل الدوري الإسباني في نهاية المطاف برشلونة، الذي أنفق 372 مليون يورو على الموظفين.
أندريا سارتوري، رئيس الرياضة العالمي في وكالة KPMG، يقول إن الأندية التي لا تزال بشكل خاص تتفوق في الملعب مقارنة بإنفاقها على اللاعبين يُمكن أن تجد نفسها قريبا بين الأندية الأوروبية الأعلى دخلا.
ويضيف: "هناك دائرة في كرة القدم. إذا فزت في الملعب، تكون قادرا على إشراك مشجّعيك، وإشراك الجهات الراعية، وزيادة الإيرادات. إذا استثمرت تلك الإيرادات بشكل جيد، يُمكنك الاستمرار بالفوز في الملعب ومتابعة هذه الدائرة الحميدة". التحليل لا يشمل صعود نادي ليستر سيتي، الفائز بشكل مفاجئ بالدوري الممتاز الموسم الماضي، لأنه ليس كل الأندية نشرت الحسابات الشاملة لعام 2016. فريق ليستر يقبع في أدنى مراكز الدوري الممتاز، الأمر الذي دفع بعض النقاد للادعاء بأن الحظ لعب دورا.
زيمانسكي يوافق على أن أداء أندية مثل أتلتيكو مدريد والفرق الثانوية في الدوري الفرنسي فرينش ليج 1، سانت إيتان وأيه سي موناكو، ليس بالضرورة دليلا دقيقا على التدريب المتفوق أو الذكاء في سوق نقل اللاعبين.
يقول: "الفرق بين الفِرق التي تقوم بأداء متتال، هو أن الأداء المتفوق والضعيف مقارنة بإنفاقها على اللاعبين يُمكن أن يُعزى إلى أمرين".
"قد يكون تأثيرا ثابتا، وبالتالي شيئا يتعلّق بإدارة النادي، لكن يُمكن أن يكون أيضا خطأ عشوائيا. قد يكون حظا جيدا أو سيئا. ودون الحظ، الرياضة بالكاد ستستحق المشاهدة".
يكشف تحليل صحيفة فاينانشيال تايمز أيضا الفرق الملحوظ في قوة الإنفاق بين أندية الدوري الممتاز ونظرائها في أوروبا، بغض النظر عن مدى الجودة في إنفاق تلك الأموال.
الأندية الإنجليزية اكتسبت قوة مالية مقارنة
بالأندية الأوروبية. كل فريق من فِرق الدوري الممتاز الـ 14 التي تملك صحيفة فاينانشيال تايمز بيانا عنها تصدّرت التصنيفات من حيث إجمالي الإيرادات قياسا إلى جميع الأندية الأوروبية الكبيرة الـ 55 الموجودة في بيانات مجموعة KPMG.
الأندية الـ 14 الإنجليزية نفسها شهدت ارتفاع إجمالي الإيرادات بين عامي 2012 و2015، بينما واحد من ثلاثة من الأندية الأوروبية شهد تراجع الإيرادات.
من المتوقع أن تتوسع الفوارق المالية بين أندية الدوري الممتاز والأندية الأوروبية. هذا الموسم، من المتوقع أن جميع أطراف الدوري الممتستفيدة من صفقة بث محلية جديدة بقيمة 5.1 مليار جنيه مع سكاي وبريتش تليكوم، فضلاً عن مبلغ إضافي يُقدّر بثلاثة مليارات جنيه من صفقات حقوق البث الخارجية.
على سبيل المقارنة، في حزيران (يونيو) الماضي، دوري الدرجة الأولى الألماني وقّع صفقة بث لمدة أربعة أعوام مع محطة سكاي ويوروسبورت بقيمة 4.6 مليار يورو - وهو رقم قياسي لدوري الدرجة الأولى في ألمانيا.
الاختلافات في قوة الإنفاق تنعكس على رسوم نقل اللاعبين. وفقا للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في الأسبوع الماضي، فإن الأندية الأوروبية كانت تُمثّل 3.93 مليار دولار من الإنفاق على رسوم نقل اللاعبين الدولية في عام 2016، على الرغم من أن تلك الأرقام لا تُمثّل رسوم النقل بين الأندية في البلد نفسه.
أنفقت الأندية الإنجليزية 1.37 مليار دولار على رسوم النقل عبر الحدود في عام 2016، وهي زيادة بنسبة 8.7 في المائة على العام السابق. هذه شملت توقيع مانشستر يونايتد القياسي مع بول بوجبا مقابل ما يصل إلى 110 ملايين يورو من نادي يوفنتوس الإيطالي في آب (أغسطس) الماضي.
في كانون الثاني (يناير) الماضي، أنفقت أندية الدوري الممتاز 215 مليون جنيه على اللاعبين، وذلك وفقا لشركة ديلويت، لكن الفِرق الإنجليزية حققت ربحا صافيا خلال فترة الانتقالات للمرة الأولى.
هذا كان بسبب دفع الأندية الصينية مبالغ طائلة للحصول على لاعبي الدوري الممتاز، حيث إن نادي شنغهاي SIPG حصل على لاعب خط الوسط البرازيلي أوسكار من تشيلسي مقابل 63 مليون دولار، وانضمام مهاجم نادي واتفورد، أوديون إجالو، إلى تشانجتشون ياتاي مقابل مبلغ ذكرت التقارير أنه نحو 20 مليونا مرة أخرى، ليس بالضرورة أن تُترجم الثروة إلى نجاح في الملعب. على الرغم من الإنفاق العالي، إلا أن أداء الفِرق الكُبرى في إنجلترا كان ضعيفا في دوري أبطال أوروبا في الأعوام الأخيرة.
المرة الأخيرة التي وصل فيها فريق من الدوري الممتاز إلى نهائيات دوري أبطال أوروبا كانت في عام 2012، عندما تغلّب تشيلسي على بايرن ميونيخ.
يقول زيمانسكي إن الثروات التي يُمكن اكتسابها من دوري أبطال أوروبا أصبحت ذات أهمية أقل بالنسبة للتنفيذيين في مجالس إدارة الأندية الإنجليزية مما هي للمشجّعين الذين يتوقون للنجاح في الملعب قبل كل شيء.
ويضيف: "ربما وصل إلى مرحلة أن النقاط الثلاث في الدوري الممتاز هي أكثر أهمية من الفوز في دوري أبطال أوروبا". "قد يبدو من الجنون قول ذلك، لكن الأموال المُشاركة في الدوري الممتاز والاهتمام العالمي بها يُعتبر استثنائيا".
"نسبة الإيرادات المُكتسبة من دوري أبطال أوروبا للأندية الإنجليزية الكُبرى كانت في وضع انخفاض".